إقتصادالاحدث

غول التضخم ينسي اللبنانيين هستيريا سعر الصرف | كتب الدّكتور بيار الخوري

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

نحن في خضم أزمة أسعار مركبة بين سعر صرف وعناصر أخرى تؤدي إلى ارتفاع كلفة الإنتاج والنقل والتوزيع للسلع وتؤدي بالمقابل لارتفاع مشتق في أسعار الخدمات على اختلافها.

يميل اللبنانيون منذ العام ٢٠١٩ إلى ربط تطور الأسعار في أذهانهم بحركة سوق القطع الاجنبي، وهم بذلك يتغافلون عن حقيقة أن الأسعار كانت ترتفع سنويًا بين عامي ١٩٩٧ و٢٠١٩ في ظل ثبات سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي.

رغم حجم المأساة الاجتماعية المتولدة عن انهيار الأجور والودائع والثروات بعد الأزمة الا اننا كنا نعيش رغم ذلك في “نعيم” دعم المحروقات والسلع الأساسية ورسوم الخدمات العامة رغم أزمة انقطاع البضائع المتواتر وطوابير المحروقات.

بعد رفع الدعم عن المحروقات تولدت حلقة أسعار منفصلة عن تحركات سعر الصرف رغم التأثر الاكيد لمستوى الأسعار المحلية بتحركات هذا السعر.

هذه الحلقة الجديدة الأسعار قد يكون لها أبعاد هستيرية لأن التضخم هو عدو المواطن الأول كما نقول الأدبيات الاقتصادية. فما الذي يحرك الأسعار الان؟

سوف أعرض للعناصر الضاغطة على مستوى الأسعار كما يلي:
١- دون شك هناك تحركات سعر صرف العملات الأجنبية خاصة في الاتجاه الصعودي، إذ أن الانخفاض المؤقت لتلك الأسعار فشل على مدى السنتين الماضيتين في خلق آليات استجابة سعرية ذات مغزى حيث تميل الأسعار الى الانخفاض الطفيف لتعاود ارتفاعاتها فوق مستوى انهيار سعر الليرة.
٢
– رفع الدعم والذي أدى حتى الآن إلى ارتفاع ٩٠٠ بالمئة في أسعار البنزين والمازوت والغاز. أن ارتفاع أسعار الطاقة له قوة ونفاذ إلى مستوى الأسعار العام اقوى حتى من سعر الصرف لكون الطاقة تدخل في تسعير كل شئ بلا استثناء وبالتالي فهي تشكل رافعة لا يمكن موازنتها لمستوى الأسعار.

٣- الارتفاع العالمي لأسعار النفط وهو عامل مستقل عن رفع الدعم. لقد استعاد العالم نشاطه بعد سنتين من الإغلاق الجزئي أو الكلي وطبيعي أن يزيد ذلك الطلب العالمي على منتجات الطاقة من المصادر المختلفة.

٤- ارتفاع الأجور بشكل غير رسمي في القطاع الخاص وزيادة بدل النقل في القطاعين العام والخاص وهذا بذاته يقوم برفع كلفة إنتاج السلع والخدمات.

لقد لاحظ المواطنون خلال الشهر الأخير أن القيمة الحقيقية للدولار الاميركي قد انخفضت. اي ان كل دولار قد فقد حوالي ٢٥% من قوته الشرائية وهذا يفسر العناصر غير المرتبطة بسعر الصرف لارتفاع مستوى الأسعار.

التضخم غول أكثر فتكًا من سعر الصرف وبات لزامًا على الحكومة أن تتجه نحو تصميم سياسات لمواجهة هذا الغول بدل الهروب إلى وعود تحسين سعر الصرف التي تتسم بالكثير من الشعبوية.

د. بيار بولس الخوري ناشر الموقع

الدكتور بيار بولس الخوري أكاديمي وباحث ومتحدث بارز يتمتع بامكانات واسعة في مجالات الاقتصاد والاقتصاد السياسي، مع تركيز خاص على سياسات الاقتصاد الكلي وإدارة التعليم العالي. يشغل حاليًا منصب عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا وأمين سر الجمعية الاقتصادية اللبنانية. عمل خبيرًا اقتصاديًا في عدد من البنوك المركزية العربية. تخصص في صناعة السياسات الاقتصادية والمالية في معهد صندوق النقد الدولي بواشنطن العاصمة، في برامج لصانعي السياسات في الدول الاعضاء. يشغل ايضا" مركز أستاذ زائر في تكنولوجيا البلوك تشين بجامعة داياناندا ساغار في الهند ومستشار أكاديمي في الأكاديمية البحرية الدولية. ألّف أربعة كتب نُشرت في الولايات المتحدة وألمانيا ولبنان، تناولت تحولات اقتصاد التعليم العالي وتحديات إدارته، منها كتاب "التعليم الإلكتروني في العالم العربي" و"التعليم الجامعي بموذج الشركنة". نشر أكثر من 40 بحثًا علميًا في دوريات محكمة دوليًا،. يُعد مرجعًا في قضايا مبادرة الحزام والطريق والشؤون الآسيوية، مع تركيز على تداعياتها الجيوسياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط. أسس موقع الملف الاستراتيجي المهتم بالتحليل الاقتصادي والسياسي وموقع بيروت يا بيروت المخصص للأدب والثقافة. أطلق بودكاست "حقيقة بكم دقيقة" على منصة "بوديو"، ليناقش قضايا اجتماعية واقتصادية بطريقة مبسطة. شارك في تأليف سلسلتين بارزتين: "الأزرق الملتهب: الصراع على حوض المتوسط"، الذي يحلل التنافسات الجيوسياسية حول موارد البحر المتوسط، و"17 تشرين: اللحظة التي أنهت الصفقة مع الشيطان"، وهي مجموعة دراسات ومقالات عميقة حول انتفاضة لبنان عام 2019، والمتوفرتان على منصة أمازون كيندل. لديه مئات المقابلات في وسائل إعلام محلية عربية وعالمية مقروءة ومتلفزة، حيث يناقش قضايا الاقتصاد اللبناني والأزمات الإقليمية والشؤون الدولية. يكتب مقالات رأي في منصات إلكترونية رائدة مثل اسواق العرب اللندنية كما في صحف النهار والجمهورية ونداء الوطن في لبنان. يُعتبر الخوري صوتًا مؤثرًا في النقاشات حول مسيرة اصلاح السياسات الكلية وسياسات محاربة الفساد والجريمة المنظمة في لبنان كما مسيرة النهوض بالتعليم والتعليم العالي وربطه باحتياجات سوق العمل. لديه خبرة واسعة في دمج تطبيقات تكنولوجيا البلوكتشين في عالم الاعمال ومن اوائل المدافعين عن الصلاحية الاخلاقية والاقتصادية لمفهوم العملات المشفرة ومستقبلها، حيث قدم سلسلة من ورش العمل والتدريبات في هذا المجال، بما في ذلك تدريب لوزارة الخارجية النيجيرية حول استخدام البلوك تشين في المساعدات الإنسانية وتدريب الشركات الرائدة في بانغالور عبر جامعة ساغار. كما يمتلك أكثر من 30 عامًا من الخبرة في التدريب وإدارة البرامج التدريبية لشركات ومؤسسات مرموقة مثل شركة نفط الكويت والمنظمة العربية لانتاج وتصدير النفط OAPEC. يجمع الخوري بين العمق الأكاديمي، فهم البنى الاجتماعية-الاقتصادية والاستشراف العملي، مما يجعله خبيرا" اقتصاديا" موثوقا" في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى