منظمة التجارة العالمية.. الفضاء الذي تَتَعارض فيه المصالح الاقتصادية!
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
رغم استمرار المفاوضات بشأن قواعد التجارة الحُرّة وراء الكواليس منذ عقود من الزمان، إلّا انها لَمْ تصبح أكثر سهولة على الإطلاق. وقبل أيام من موعد انعقاد المؤتمر الوزاري الثانى عشر لمنظمة التجارة العالمية في جنيف الذي أرجئ عقده في آخر لحظة بسبب ظهور متحورة “أوميكرون” المثيرة للقلق، يتعيّن على المنظمة ضمان أن تكون القواعد متطابقة مع الواقع الجديد الذي يتميّز بصعود البلدان النامية، وتنامي الاقتصاد الرقمي، وانتشار جائحة كوفيد – 19 بطبيعة الحال.
إن تضارب المصالح بين الدول النامية والمُتقدّمة، ومُراعاة احتياجات المُستهلكين بالإضافة إلى الفوائد – أو السلبيات – التي تعود على الصناعة، تجعل التوصل إلى حَلٍّ وسَط بشأن قواعد التجارة الدولية الجديدة أمراً صعباً. فالتجارة الحُرّة لا تَنحَصر فقط بِخَفض التعريفات الجمركية، وزيادة الواردات والصادرات، وجَعل السِلَع والخدمات أقل تكلفة للمستهلكين.
أدى إلغاء الدَعم المُقَدَّم للأغذية المُصَنَّعة تماشياً مع قرار منظمة التجارة العالمية لعام 2015 مثلا إلى خَفض الدَعم المُقَدَّم لصناعة الشوكولاتة السويسرية بمقدار 100 مليون فرنك سويسري (108 ملايين دولار) سنوياً. وليس هذا سوى مثال واحد على التأثير السلبي لتغيير قد يبدو طفيفاً على قطاع بأكمله.
من الناحية التاريخية، لم تكن هناك أبداً لحظة كانت التجارة فيها حُرّة كما هي عليه اليوم. وفي الواقع، فإن القواعد التي تحكم التجارة لم تواكب وتيرة التغيير. لذا، يجب أن تأخذ محادثات التجارة العالمية في الاعتبار العديد من القضايا الخلافية بين الدول المتقدمة والنامية، بما في ذلك المصالح القوية التي انبثقت عن مجموعة الاقتصاديات الناشئة المتمثلة في بلدان مجموعة بريكسرابط خارجي مثل الصين، وروسيا، والهند، والبرازيل.
ونظرا لأن الإجماع مطلوب بين أعضاء منظمة التجارة العالمية، فإن وَضع جدول أعمال بشأن المحادثات فقط يتطلب سنوات. وقد أدى ذلك إلى المُفارقة المُتمثلة في عَدَم اتخاذ أي خطوات ملموسة لإصلاح منظمة التجارة العالمية، على الرغم من الاعتراف الواسع النطاق بالحاجة الملحة لإجراء الإصلاحات.
لقد أدت جائحة كوفيد – 19 إلى وَضع عقبة جديدة أمام أعمال المنظمة. فقد تَعَثَّرَت التجارة العالمية، مما أسفر عن إعادة في التفكير بغية الاستعداد لجوائح صحية مماثلة في المستقبل. كما كشف الحَظر المفروض على تصدير المنتجات الطبية، والاضطرابات الحادة في سلاسل التوريد، مدى اعتماد البلدان على بعضها البعض. وأصبح الاقتراح المُثير للجدل بشأن التنازل المؤقت عن حقوق الملكية الدولية للقاحات كوفيد [لجعلها متاحة أكثر]، وحظر الإعانات التي تساهم في الصيد المفرط، والاتجار بالبلاستيك، من الشواغل المُلحة.
كان من المنتظر أن يعُقد المؤتمر الوزاري الثاني عشر لمنظمة التجارة العالمية في مدينة جنيف للمرة الرابعة فقط في تاريخه، وكان من المُقّرَّر أصلا قيام كازاخستان باستضافة المؤتمر في يونيو 2020، لكنه تأجل بسبب جائحة كوفيد-19. وبعد أن كان من المقرر أن يجتمع وزراء من 164 دولة عضوا وجها لوجه في الاجتماع المُبرمج من 30 نوفمبر وحتى 3 ديسمبر، إلا أن أعضاء منظمة التجارة العالمية اتفقوا يوم الجمعة 26 نوفمبر الجاري على تأجيل المؤتمر الوزاري الثاني عشر “إلى أجل غير مسمى” في أعقاب انتشار متحورة أوميكرون “التي دفعت حكومات كثيرة إلى فرض قيود مشددة على السفر منعت على ما يبدو العديد من الوزراء من التوجه إلى جنيف”، حسب ما أعلنته المنظمة، ما يحبط الآمال بإنعاش المنظمة التي أضعفت إلى حد كبير.
مصدر المقال : اضغط هنا