في ضوء التطوّر المهم والجوهري من حيث طبيعته ونتائجه المُتّصلة مُباشرة بإستعادة أموال الشعب والوطن المنهوبة والمهدورة والمُهرّبة، والمُتمثّل بالطلب السويسري المُوجّه إلى وزارة العدل اللبنانية بخصوص تحويلات حاكم مصرف لبنان وشقيقه ومساعدته ، فقد تداعت اللجنة المالية الإقتصادية- الحقوقية لجمعية ودائعنا حقّنا المنبثقة عن ملتقى حوار وعطاء بلا حدود، الى ندوة افتراضية تشاورية مُصغّرة طارئه تباحث خلالها الخبراء المشاركين بسُبل دعم وتصويب مسار هذا التطوّر الجديد الذي يجب ان يشكل فيه طلب التعاون القضائي السويسري فرصة لا يجب ابداً وتحت اي ظرفٍ كان لتصويب المسارات ولتحقيق الامل المعقود لدى غالبية شرائح المجتمع اللبناني، وخلص المشاركون الى الإجماع على تبنّي المقاربة العلمية لمفوض الرصد والدراسات في الهيئة الوطنية لحقوق الانسان البروفسور فضل ضاهر، ببنودها المُقترحة حول الأصول الاجرائية المتوجّبة وفقاً لمعايير التعاون الدولي المُلزمة للبنان ،والتي انطلق فيها من ضرورة تفادي تكرار فشل تجربة التعاون القضائي اللبناني السويسر ي منذ عدة شهور، وذلك على النحو التالي وفقاً للخطوات التالية بحسب البيان الصادر عن الجمعية والذي وزّعه على وسائل الإعلام الرئيس المكلّف بتسيير وتنسيق امور الجمعية الدكتور طلال حمود والذي جاء فيه:
١- إن الملف القضائي المُرسل سابقاً من لبنان إلى سويسرا لم يكن مكتملاً بسبب تعميمه وعدم تسمية أشخاص محددين والتي كان مفترضاً توفيرها من قبل هيئة التحقيق الخاصة ، التي امتنعت عن تزويد القضاء اللبناني بالمعلومات حول التحويلات موضوع طلب التعاون المرسل للسلطات القضائية السويسرية، وذلك في تجاهل غير مُبرّر لمهام الهيئة المُحددة بالقانو ن ٤٤\٢٠١٥، بوصفها وحدة تقصّي وتحقّق وتدقيق مالي يتوجب عليها تزويد القضاء بالمعلومات ،سواء منها المُستقصاة تلقائياً من خلال مصادرها الستة المُحدّدة بهذا القانون، أم بموجب تقارير مُدققيها الذين لا يعتدّ تجاه أي منهم بالسرية المصرفية بمقتضى النصوص النافذة الواضحة والصريحة.
٢-إن هذا النهج المُتمادي في الأخلال بالواجب الوظيفي بالإمتناع عن أداء المهام التي أنشأت من أجلها الهيئة ليس مشمولاً ،بطبيعة الحال ، بالحصانة المذكورة بالمادة ١٢ من القانون ٤٤ والمُقتصرة على حالات قيام أي من الرئيس والأعضاء بمهامهم. ويتأكّد هذا للمتابع العادي من خلال ما أشيع حول تعاطي الهيئة السلبي مع الملف القضائي لدى حضرة الرئيس أبي سمرا، وكذلك لدى حضرة الرئيسة عون ،سيما في ضوء ما نشرحول وقائع استماعها للسيد سلامة، من تحميله مسؤولية الأفعال المّجرّمة موضوع التحقيقات ،لرؤساء وموظفي المؤسسات الرقابية و المصرفية، في تغافل مُستغرب عن صلاحياته الواسعة كرئيس للهيئة، التي تخوّله فرض عقوبات ادارية وتأديبيه بحق هذه المؤسسات قد تصل إلى حدود إلغاء تصاريحها ،بمقتضى المادة 13 من القانون نفسه, إضافة إلى امكانيه اقتراحه لملاحقتها قضائيا عند الاقتضاء.
٣- لعل أبرز دلائل التعاطي الفوقي للحاكمية ورئاسة الهيئة المجتمعتين بشخص الحاكم خلافاً لمبدأ التمانع المقضي به في قانون النقد والتسليف، ذلك القرار المُسرّب الصادر عن الهيئة لتبرير عدم تنفيذها إشارة القضاء المُختصّ المُبلغة منها اصولاً . وقد كان ولا يزال، متوقعاً توسّع المرجع القضائي بالتحقيق مع الامانة العامة للهيئة ومع رؤساء المديريات المُختصّة، حول مدى انطباق اجراءاتها المُنجزة بأقل من ٢٤ ساعة ،مع اطار العمل الشامل والمُنسّق للتقارير الواجب تطبيقها من الدول بموجب المعايير الدولية الملزمة والمحددة في توصيات مجموعة العمل المالي FATF، ذات الحجّية القانونية كونها ملحوظة في مقدمة الأسباب الموجبة لتشريعنا الوطني المُنشىء للهيئة، لاسيما وأن فقرات عديدة من هذه التوصيات تُوجب وضع المعلومات المُتوفّرة من قبل المؤسسات المالية مُصدرة التحويلات خلال ثلاثة ايام عمل من إستلام الطلب من السلطات المُختصّة مع ضمان قدرة سلطات إنفاذ القانون على الإلزام بالتقديم الفوري لمثل هذه المعلومات. وبديهي اذاً القول ان من واجب الهيئة تزويد القضاء المُختصّ بالمعلومات التي يطلبها بمعرض اية تحقيقات حول التحصّل على اموال غير مشروعة وما ينتج عنها من عائدات او ممتلكات، لكونها، اي الهيئة، قد أنشئت خصيصاً لتلبية ما يطلب منها اصولاً في القضايا الجنائية المُستوجبة لرفع السرية المصرفية والمُحدّدة قانوناً وذلك بالإستناد الى التكيّيف القانوني Qualification من قبل القضاء المُختص وليس الهيئة او اي مرجع آخر.
٤- خلاصة القول، وحيث أن الطلب السويسري تجاوز حصرية إستماع الأشخاص الثلاثة المعنيين، إلى طلب الإستحصال على المعلومات المتوفرة من الجهات القضائية اللبنانية الرسمية، فإنه لا بد من تنحي السيد سلامة عن رئاسة الهيئة ،المُتوجّب انعقادها الفوري، برئاسة نائبه الاول، في جلسات طارئة ومُتواصلة تهدف الى توفير المعلومات والدلائل المطلوبة، سلباً ام ايجاباً، اقله لمنفعة القانون بتصحيح مسار الآليات القانونية و هرميّتها من جهة، وللتعويض من جهة ثانية عما نتج بملف التعاون السابق مع القضاء السويسري من خسائر مادية على اكثر من صعيد، زيادة على الضرر المعنوي البالغ على المستوى الوطني عموماً وعلى مكانة وسمعة القضاء بصورة خاصة ، مع إضافة خبراء ماليين يتم ترشيح عدة خبراء من قبل النقابة ليختار القاضي إثنان منهم حتى تغلب صفة الأستقلالية على هذه الهيئة شرط ان لا يكونوا ممن تم تعيينهم سابقا” للتدقيق في حسابات المصرف المركزي .
في ضوء كل هذه الحقائق، وانطلاقا من واجبنا الانساني والوطني قبل أي اعتبار، ختمت الجمعية بيانها بالقول، بكل صدق واحترام، بأن الرهان اليوم هو على المجلس الأعلى للقضاء وعلى النيابة العامة التميزيّة، كي يجهدا لتعزيز قيم ومبادئ حقوق الإنسان اولاً، ولتكريس قواعد منع الإفلات من العقاب ضمن معايير واصول المحاكمة العادلة ثانياً، لعلّهما بذلك يرسمان خارطة طريق إغاثة الشعب اللبناني المتهالك اليائس، وتدارك انهيار الوطن على يد عصابات فساد وإجرام مُنظّم اعمى الجشع ابصارها وبصائرها، فباعت نفسها للشيطان مُتنكّرة لإنسانيتها وللقيم التي اجمعت عليها الشرائع والاديان والمواثيق والنظم والاعراف كافة.