ستدرك ذات يوم أن لا وجود للخير في هذا الكون خارج تسوية بين أقوياء وبين أشرار وبين خبثاء ،أن الرب خلق الكائنات وتركها تتفاعل لتثبت نواياها، أن الخير ليس إلا تسوية بين “أنا” و “أنا” أخرى، أن العلاقات كلها تحكمها معادلة التسوية.
ليس هناك من أنا تعترف بجريمتها وإن اعترفت فلتزيد المقتول طعنًا وألمًا.
وحدنا من يقتل المقتول ليشبع قتلاً.
لو لم يكن الجُماع رشوة متعة ولذة جسد ونفس لما سعت الكائنات للتكاثر.
لو لم تكن تربية الأطفال متعة وممارسة لعاطفة نبيلة تسلية لا تفوقها أية لعبة أخرى لما ضحت الكائنات في التربية.
نحن أذكى من أوجد التبريرات الأخلاقية لكل الظواهر من حولنا.
لو لم يكن الأمن الاجتماعي شرطًا لحمايات متبادلة من وحوش ضارية وكاسرة ومن أعداء يتربصون بالأرزاق لما تمدنت الناس و رضيت بحماية الجماعة.
ما زال جدّنا الصياد القديم منذ الأزل ،حيًّا يرزق فينا.
كل ما يتحرك من حولنا أما فريسة أو طريدة أو ضحية محتملة لنا.
العقل مجمع تسويات واعية وغير واعية.
حتى الحبّ والغرام والعشق والنجوى ما كانوا ليكونوا لولا تبادل مشاعر مثيرة للأحاسيس وللغرائز العميقة المواكبة لللذّات نفسية-فكرية-جسدية تسلب الحبيب فكره والانفاس ،سلبًا عاطفيًا لطيفًا وحالة ثانوية من الفرح والسعادة وأحلام اليقظة .
وحدها حالة من الحب المرضي تجعل أناك تمتزج بأنا الجماعة لتضحّي بروحك من أجلها بعد تعرضك لبرمجة فكرية موفقة من آخرين أكثر ذكاء منك وأخطر.
حتى مع نفسك، تعقد التسويات بعد مفاوضات ظنّا منك أنك تُحسّن من مكانتك من أجل لحظة رائعة ومن أجل وعد برفاهية.
في عملك لا تفعل أي شيء غير التسويات مع الآخرين لتضمن بقاءك في المهمة لتؤمن شراء خبزك اليومي.
الرب نفسه يعلم أن العبادة تسوية بين خوفك وضعفك وهزيمتك وخيبتك ومرضك وعجزك وسعيك للثأر من ظالم لم تقدر عليه بالقانون و اسئلة وجودية لا تستطيع الاجابة عنها عن الموت وعن ما بعد الموت وبين رحمة السماء.
لولا هدفك ان ما بعد الموت في ملكوت رحمة ربّك أجمل من الحياة لما أقنعت نفسك بالموت ولما تمناه اقرباؤك لك عند الألم والمعاناة.
سعيك للجنّة و اتقاؤك للنار يفرضان عليك وتيرة احترام الآخر والقبول بالحلال وبالحرام.
لست إلا أنانية ماكرة تتحول لما يناسبها وفق شروطك الداخلية ووفق ظروفك الخارجية.
حتى الذي عرف ربّه بعقله،وقّع على تسوية الاستسلام لأسئلة قهرته.
افضل الاسماء التي تناسبك هي تسمية “تسوية”.
انت نتيجة لتسوية بين والديك ولتسوية اجتماعية بين قوى اخرى سمحت لك بالحياة.
انت الناقض والمنقوض وانت الحامل والمحمول وانت ثورة الاضداد و وحدتها.
في اللحظة التي تسقط فيها التسوية بينك وبين نفسك وبينك وبين الآخرين تتحول تلقائيا لفيلسوف او لحرّ يعرف الماورائيات قبل الواقع او لمجنون فقد التوازنات او لإله لا تعترف به السماء واهل الارض.
الجهاد الأكبر ان تنجح في تجاوز التسويات وان تكون لأنك أهلاً للوجود.
وختاما لا أحب سيارات الفولفو volvo و لا كواتم الصوت.
أجمل التسويات الصمت ومشاهدة الاقوياء.
والظلمُ من شيَمِ النفوس فإن تجد ذا عفّة فلعلّوة لا يَظلمِ*