أصدق الناس
انت، نعم انتَ ايها القارىء من اقصد، انت مميز و جدير بالاحترام، انت الاكثر صبراً على الصعاب وانت الاكثر تحملا لأخطاء الآخرين وانت من يحاول قدر المستطاع مسايرة من لا يستحق غير الضرب بالنعال وبالقباقيب الا انك تناور قدر الامكان كي لا تصطدم بأحد.
كل الذين من حولك ثيران هائجة وذئاب قطيع غير منضبطة وانت ذئب منفرد هادىء ومسالم,تراقب عند مفترق الطرق بحثا عن زبون او عن ضحية لا فرق .
كل الناس ضحايا بعضهم البعض عند الحاجة بحجة تقديم خدمات وشؤون عمل.
ترى الناس على حقيقتها من حولك ، ترى الوجوه المشوهة بانيابها المتدلية الى اسفل الشفاه الغليظة وبقرونها المنتصبة الملوثة بدم ابرياء ضعفاء ما استطاعوا الدفاع عن النفس و رغم وضوح المشهد تكبت خوفك قبل غيظك وتحمد ربّك انك ما زلت حيّا بين التعساء.
لا تقلق، قريبا سيأتي دورك لتكون دما يلوث قرون جاموس وانياب ذئاب قطيع اقوى منك.
تعرفهم جميعا على حقيقتهم ورغم ذلك تلقي التحية بإحترام.
انت في الحقيقة لا تحترمهم انما تتإبى شرّهم المستطير لذلك تطمئنهم بعبارة “السلام عليكم”.
تفهم كل شيء الا علاقتهم بالصوم الكبير و بيوم البشارة وبشهر رمضان.
هم انفسهم الذين جاؤوا بجلاديهم الى السلطة يتسابقون في رفع الدعاء لللرب لينجيهم من البلاء.
وما البلاء الا احتفال مشترك يتقاسمه الجميع بما فيه انت.
ليس مثلك احد.
انت اهمّ من كل هؤلاء.
انت ذئب منفرد لطيف لا تأكل جيفة ولا تخون قطيعك رغم طردهم لك وتكتفي بزوجة واحدة.
انت الذي تكتفي بوجبة متواضعة واحدة عند الطعام لا تفكر في تخزين الضحايا في ثلاجات المخازن ولا تحاول تجميد رؤوس الناس الدائرية كعملات في حسابك المصارفي ولا تهمك في الاصل طقوس توزيع الاعاشات كبطاقات سجاد وتوفير وملائكة الرحمة.
قدمك اعلى من كل رقاب الاحزاب الحاكمة الفاشلة التي اوصلت اناسك الى الافلاس والى الموت بجلطة مالية دماغية والى تقبيل ايد لا تستحق الا القطع وفق وصية الاله.
اين الاله ليقطع رقابهم.؟!
تركوا الرب الحقيقي وصنعوا لانفسهم اربابا يتفاهمون معها ، ما تركوا تعديلا او تفسيرا او تأويلا او حجة يقيسون عليها الا واتبعوها ليتحولوا الرب من اله خالق للارض وللسموات وللاكوان الى رجل مثلهم يقبل بعمل الخير مع الفقراء كرشوة الهية تدخلهم الى الجنات.
لا اعمال خيرية تنظف مالا حراما يا ناس.
انت احلاهم وانت اروعهم ولو كنت ذئبا منفردا تشبههم الا انك انفردت وابتعدت وقلت “لا” للقطيع.
احيانا تندم لانك قلت لا لكنت نجحت الا انك ولو استمريت بال :نعم” فانهم لا يحبونك.
قلت لهم انك لست افضل منهم انما لا توافق على سلوكهم وهذه حريمة يعاقب عليها القطيع.
انت، نعم انت، اصمد كي لا تقتنع بمسيرتهم كأنها واقع وحقيقة من مسارات الطبيعة.
لا، هم من خارج قوانين الطبيعة.
حفل جنون والدعوة عامة.
صحيح ان لك انياب ولست سهلا ان تمكنت منهم لكنك تبقى ارحمهم ولو تجومست وتكلبنت و تحيونت احيانا.
لا تختلف عنهم كثيرا الا انك ارحمهم.
انت ايها القارىء الصابر على الكذب المتواصل والمستمرّ، اصدق الناس.
انت ، انت اصدق الناس.
اصدق الناس لسبب بسيط لان الموضوع لفت انتباهك ولأنك تقرأ لحميدة التغلبية ولاخوتها ولابناء عمومتها و اخوالها والقراء الشرفاء قليل.
انت اشرف الناس واصدقهم ولو انك ان تمكنت لتجومست ولتكلبنت ولتحيونت الا انك ارحمهم واصدقهم.
لا وجود للخير خارج تسوية بين الاشرار هكذا قيل في “كتاب الشرّ والجريمة“.