هل نعيش بمفردنا في هذا الكون؟ وماذا عن المخلوقات الفضائية الأخرى
. وماذا عن المخلوقات الفضائية الأخرى! تساؤلات وجودية وحقائق علمية
كثيرا ما ننظر نحن البشر إلى السماء ونتساءل ، هل نحن المخلوقات الوحيدة التيهل نحيا بمفردنا في هذا الكون!. تحيا في هذا الكون، أم أن ثمة كائنات فضائية وحضارات أخرى تم تأسيسها في مجرة درب التبانة خارج نظامنا الشمسي!
زعمت دراسة أجريت حديثا أن هناك نحو ستة وثلاثون حضارة أخرى تم تأسيسها في مجرتنا -درب التبانة- على يد مجموعة من الكائنات الفضائية، ولكن العلم قد أبطل تلك الإدعاءات. فبالرغم من أننا قد استغرقنا سنوات في محاولة فهم النجوم والكواكب، إلا أننا مازلنا لا ندري حقيقة إن كان هناك أي شكل من أشكال الحياة الأخرى في الكون من حولنا أم لا.
على مدار أكثر من نصف قرن، حاول الباحثون تحويل التساؤلات الوجودية من أطروحات فلسفية إلى أبحاث تجريبية تستهدف التعرف عن حقيقة الحياة خارج الأرض. لقد كانت تلك هي الفكرة الأساسية لمعادلة دريك ” Drake equation ” وهي معادلة احتمالية تُستخدم لتقدير عدد الحضارات النشطة خارج الأرض والقادرة على التواصل في مجرة درب التبانة. فعلى سبيل المثال إذا تمكنا من تحديد عدد النجوم الشبيهة بالشمس، وما إذا كان هناك كواكب أخرى تتشابه في ظروفها المعيشية من كوكب الأرض من حيث درجات الحراة وما إلى ذلك، فقد نتوصل إلى تقديرات ذات مغزى لخلق تصورات عن الظروف المعيشية للسكان الأوائل لكوكب الأرض.
على مدى العقود القليلة الماضية، دفعت التطورات في علم الفلك وبخاصة علم دراسة الكواكب العلماء أخيرا إلى فهم مدى تكرار ظهور عوالم أخرى تتشابه في ظروفها المعيشية مع كوكب الأرض، هذا في ظل وجود من 200 إلى 400 نجم آخر في مجرة درب التبانة. حيث لاحظ العلماء أن 20% من هذه النجوم شبيهة للشمس إما نجوم من فئة F أو Gأو Kوفقا للتصنيف النجمي المتعارف عليه في علم الفلك (Stellar classification)، كما لاحظوا ان حوالي ربع الكواكب المقاربة لحجم كوكب الأرض- والتي يتراوح حجمها ما بين 75 إلى 150% من نصف قطر الأرض- تدور حول الشمس بمعدل مرة واحدة سنويا. ومن ثم استنتج العلماء أن كل تلك العوالم الأخرى قد خلقت بمكونات خاصة بها مناسبة لطبيعة الحياة التي تنشأ على كل منها.
وحتى إذا افترضنا أن كل تلك الكواكب غير صالحة لقيام حياة عليها، إلا أن الحقيقة المؤكدة هي وجود مليارات من الكواكب التي تتشابه في خصائصها مع الأرض في مجرة درب التبانة. ولكن إذا ما تعمقنا أكثر من ذلك لطرح بعض التساؤلات عن ماهية المخلوقات الفضائية على تلك الكواكب، فإن فهمنا للأمور قد يقودنا في الطريق الغير صحيح.
وحنى الآن، فنحن لانعلم تحديدا كيف يمكن أن تنشأ حياة على الكواكب الأخرى المشابهة للأرض، وإذا ما نشأت، فما مدى استمراريتها! وما هي احتمالات تطورها ووصولها إلى درجة من التعقيد مثلما هو الحال بالنسبة للحياة على كوكب الأرض. لنكن صادقين إذاً مع أنفسنا، فنحن كل ما نعرفه هو أن ثمة ظواهر وأحداث وقعت على سطح كوكب الأرض بطريقة ما، وما دون ذلك يبقى مجرد تكهنات لا بأس بها في أفضل الأحوال.
قد يبدو أمرا مثيرا للدهشة أن يقوم فريق من العلماء منذ نحو أسبوعين بإعداد ورقة بحثية تسلط الضوء على ما يجب علينا استنتاجه بالنسبة للحياة الأخرى في هذا الكون، في ضوء التعرف إلى جذور نشأة الأرض. فنحن نعلم جميعا تاريخ وظروف نشأة هذا الكوكب، ومرات ظهور ظروف مشابهة له على كواكب أخرى. وبالتالي فإن استخدام الاستدلال الإحصائي قد يساعدنا في وضع بعض الاحتمالات في حال قمنا بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء لنبدأ من جديد بالحديث عن نشأة الأرض في النظام الشمسي.
لقد أوضح العلماء من خلال هذه الورقة أنه بالفعل توجد حيوات أخرى قد تنشأ في هذا الكون، ولكن على الأرجح فإن فرص نشأة حياة ذكية خارج حدود الأرض قد تكون نادرة. وعليه، فإن مستويات الثقة في ما قدمته تلك الورقة ليست كافية، ولعل أفضل ما لدينا الآن هو التكهن في ضوء العينة الناجحة الموجودة بالفعل في الكون؛ كوكب الأرض.
والسؤال الآن، إذا كانت الأطروحات السابقة قد أثبتت عدم موثوقيتها، فلماذا تظهر ورقة علمية جديدا تفترض بوجود ستة وثلاثين حضارة تابعة لمخلوقات أخرى تعيش معنا في مجرتنا؟ والإجابة هي أن الورقة الجديدة قد استندت إلى فرضية علمية لا أساس لها من الصحة وهي: أنه إذا ما تم النظر إلى الكواكب المشابهة للأرض والتي تدور في فلك نجوم مماثلة للشمس، فسيكون لدينا احتمالات بظهور حضارات تقنية متقدمة بعد مرور خمس مليارات من السنين. وهذا ما افترضه العالمان اللذين قاما بإعداد تلك الورقة بأنفسهما توم ويستبي وكريستوفر كونسيليس.
وتقول الفرضية الأساسية لتلك الورقة العلمية:
” إذا ما افترضنا أن الوقت الذي استغرقه نشأة حضارة ذكية تواصلية على كوكب الأرض هو من الترتيب order 5 Gyr فإنه من المحتمل أن يتطلب الأمر فترة زمنية معقولة أيضا لنشأة حياة مماثلة على الكواكب الأخرى الشبيهة بكوكب الأرض في النطاق الصالح للعيش في فلك النجوم المناسبة في مجرتنا”.
هذا الفرض لا يمكن الأخذ به من الناحية العلمية، فكما ذكرنا آنفا، فإن احتمال ظهور حياة ذكية خارج نطاق الأرض نادرة جدا، فإذا ما حاولنا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء للبحث عن أصول نشأة الأرض قبل ما يقرب من أربعة ونصف مليار سنة، فقد يبدو أنه من غير المحتمل نسبيا أن تنشأ حضارة متقدمة تقنيا على كوكبنا خلال تلك الفترة. والمثير للجدل أيضا هو تطبيق الفرضية ذاتها على النجوم المكتشفة قديما بما في ذلك نجوم الأقزام الحمراء من التصنيف الطيفي M
وبعد كل ذلك ، كيف توصل ويستبي وكونسيلس إلى استنتاجهما بأن هناك ستة وثلاثين حضارة ذكية أخرى في درب التبانة الآن؟
لم يقتصر الأمر على عدم قيامهما بوضع فرضية معقولة فحسب بأن الحياة الذكية سوف تنشأ بعد خمس مليارات سنة على الكواكب الأخرى الشبيهة بالأرض، بل لقد قاما أيضا بوضع فرضية أخرى فيما أسموه بـ “حالة كوبرنيكان الفلكية القوية” Astrobiological Copernican Strong Condition والتي تفترض نشأة الحياة الذكية بعد مرور نحو أربعة ونصف أو خمسة ونصف مليار سنة بعد تشكل الكواكب الشبيهة بالأرض والتي تدور في مدارات نجوم شبيهة للشمس على نفس المسافة.
بل إنهم قد واصلوا افتراضهم بأن هذه الحضارة يجب أن تستمر في حالة من التوصل النشط لمدة مائة عام- تقريبا نفس المدة الزمنية التي تمكن فيها كوكب الأرض من الحصول على الاتصالات اللاسلكية- واستنادا إلى تلك الافتراضات وبعد القيام بالتحليل الإحصائي، استنتجا العالمان أن هناك ستة وثلاثين حضارة أخرى في مجرتنا حاليا، مع وجود بعض الشك. ولنناقش هنا لماذا الشك.
في ضوء قاعدة سيجما الإحصائية، مما يعني أن الباحثان على يقين بأن 68% من النتائج تقع في هذا النطاق، يجب أن يكون هناك ما بين 4 إلى 211 حضارة أخرى في الوقت الحالي، بحيث تكون 36 حضارة هي قيمة الذورة لهذا الاستنتاج. ولكن نسبة الشكوك كبيرة بحيث قد يكون صفر من هذه الحضارات موجودة مع احتمالية نحو 15% أو أكثر من 200 حضارة مع احتمالية نحو 20%، أو في موقع متوسط بينهما.
ومن الواضح الآن بأن الأرقام التي افترضها الباحثان لا تستند إلى أية أسس علمية، وحتى لو كانت فرضيتهما -الغير صائبة- بأن ثمة حياة ذكية قد تنشأ في العوالم الأخرى، صحيحة، فإن الحديث عن أعداد تلك الحضارات الأخرى الناشئة في مجرة درب التبانة لا يمكن تصورها من الأساس.
في حقيقة الأمر، إذا تمكن العلماء من الاستناد إلى المعرفة العلمية المتوافرة لديهم حاليا للتكهن بأعداد تلك الحضارات الأخرى في الكون، فإن ذلك سوف يعد طفرة ثورية في مجال العلوم الفلكية، ومع ذلك فإن تاريخ البحث عن المخلوقات الفضائية الذكية، لطالما كان ملئ بالحجج المستندة إلى فرضيات غير منطقية لا تضيف شيئا جديدا للعلم، وما الورقة البحثية الأخيرة التي تم مناقشتها آنفا سوى مثال واضح على ذلك.
إذا تمكن العلماء من وضع افتراضات عن احتمالات نشأة حضارات أخرى على كواكب شبيهة بالأرض، يمكننا بالفعل التوصل إلى بعض الاستنتاجات عن احتمالية نشأة الحياة الذكية في جميع أنحاء المجرة. ولكن الاستنتاج الصحيح لا يبنى إلا على الفرض الصحيح، والذي لا سبب للاعتقاد بصحته هنا في هذا المثال. ولو كانت المجرة من حولنا بها ستة وثلاثين حضارة أخرى في الوقت الحالي، فإن أمامنا مشوار علمي طويل كي نتمكن من إثبات ذلك، حتى العالمان اللذان قاما بإعداد تلك الورقة العلمية قد يستغرقا وقتا طويلا للاقتناع بذلك.
رابط المقال من المصدر اضغط هنا