ليست العائلة وحدها، ولا المؤسسات التي كان فيها الدكتور وجيه فانوس رئيسًا أو ركنًا رئيسيًا من أركانها، ولا أصدقاؤه ومحبوه الكثر، هم الذين فقدوا في رحيله الأليم أخًا وصديقًا ورفيقًا في الملمات فحسب، بل ان لبنان كله أيضًا، الذي ما غاب راحلنا الكبير يومًا عن مبادرة وطنية أو ثقافية أو اجتماعية تجمع بين أبنائه إلاّ وكان في طليعة من لبّى النداء، والأمة العربية بأسرها التي نشأ ابن بيروت الاصيلة على حبها والنضال في سبيل أهدافها السامية والتعلّق بقضاياها المحقّة ورموزها المضيئة، والتي احتلّ أعلى المواقع في اتحاداتها ومؤسساتها.
لم يكن وجيه فانوس مجرد مناضل ملتزم بمبادئ الأمة وقيمها واخلاقها فحسب، بل كان بين الادباء قلم قادر على صياغة أرقى الكلمات، وبين المثقفين موسوعة إنسانية كبرى تراه يتجول بين حضارات الأمم وثقافاتها، تمامًا كما يتجول بين أحياء بيروت، المدينة التي أحب، والتي بات رمزًا من رموزها.
أن يكون وجيه فانوس خليفة الرئيس سليم الحص(اطال الله بعمره) والراحل الكبير عبد الحميد فاخوري (رحمه الله) في رئاسة ندوة العمل الوطني، وأن يكون خليفة عماد الصلح وأكرم زعيتر ونسيب البربير ومنح الصلح وعمر مسيكة في رئاسة المركز الثقافي الإسلامي، وأن يكون زميلًا لقامات من أبناء الوطن والأمة في مؤسسات لبنانية وعربية وعالمية، هو شهادة على مكانة هذا الرجل الذي ما دعوناه يومًا الى فعالية او مبادرة أو فعل ثقافي ، وطني وقومي، إلاّ وكان له مشاركة راقية رصينة ومرصّعة بأجمل الأفكار وأبهى العبارات.
وحين كنّا ندرس قبل أيام في المنتدى القومي العربي أفكارًا لإحياء الذكرى السبعين لثورة 23 يوليو بقيادة الخالد الذكر الرئيس جمال عبد الناصر، كان اسم الدكتور وجيه فانوس يتصدر الأسماء التي نحرص على دعوتها للمشاركة في هذه الذكرى التي ما غاب الراحل الحبيب يومًا عن احيائها.
رحم الله الدكتور وجيه فانوس والهم عائلته ومحبيه الكثر جميل الصبر والسلوان.