أيها العسكريون والأمنيون المتقاعدون اعقدوا العزم واحسِموا توجهاتِكم | كتب العميد د. عادل مشموشي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
أيها العسكريون والأمنيون المتقاعدون، أنتم أعلى شأنا وأرفعُ مَقاماً من أن تقتصِرَ تَحرُّكاتُكُم على مَطالبِكُم الماليَّةِ والمَعيشِيَّة والصِّحِّيَّةِ مهما كَثُرت مُعاناتُكم.
أنتم مُطالَبونَ في أن تكونوا على قَدرِ الآمالِ المَعقودَةِ عليكم. وإن اقتَصرَت مَطالبُكُم على حُقوقِكُم المعيشيَّةِ سَيأتي وقتٌ تَخسرونها وتَخسروا ما هو اولى منها.
أنتم مُطالبون بلعِب دَورٍ وَطنيٍّ جامِع، يَتناسَبُ مع تاريخِكُم وعَطاءاتِكُم وتَضحياتِكُم.
أنتم مُطالبون بأن تَعوا حَساسِيَةَ الأوضاع، وأن تُحسِنوا تقديرَ المَوقِف،
عليكم النَّظرَ إلى الأُمُورِ بنَظرةٍ شُموليَّةٍ كُليَّةٍ مُعمَّقةٍ لا سَطحِيَّة.
عليكُم أن تَعوا أن حُقوقكُم ليست وحدَها المُنتهكَةٌ او التي انتُهكَت، فأحوالُ باقي المُتقاعِدين في باقي الاسلاكِ المدنيَّةِ ليست هي أيضا مُنتهكةٌ تماما كحُقوقِكُم، وأن عامَّةَ الشَّعبِ يُعاني كمثلِ مُعاناتِكُم، أن حالَهُ لا تَختلفً عن أحوالِكُم.
عليكم أن تَتنبَّهوا أن حُقوقكُم المَعنويَّةِ كُلُّها في خَطَر، وفي طَليعَتِها كرامَتُكُم التي انتُهِكَت وتُنتَهكُ كُلَّ يومٍ قبلَ حُقوقِكُم المادِّيَّة.
انتُم مُطالَبونَ بجِهادٍ وطني أكبَرَ وأعلى شأنا، جِهادٌ يَقومُ على تَحريرِ الشَّعبِ من مُستعبديه.
أنتُم مُطالبون بتوعيَةِ الأفرادِ كُلِّ الأفرادِ إلى حُقوقِهِم كمُواطنينَ أحرارَ شُرفاء.
أنتم مُطالبونَ في توعيَةِ المُواطنين على حُقوقِهم السِّياسيَّةِ وحثَّهم على مُمارستِها، وخاصَّة في هذه المَرحَلَةِ بالذات، إذ عليهم المُشارَكَةُ الفاعِلةُ في الانتِخاباتِ التَّشريعيَّةِ القادِمَة.
أنتم مُطالبون في تَشجيعِ الرِّياديينَ التَّغييريين منهم للتَّرشُّحِ للانتِخاباتِ النِّيابيَّةِ، وحثِّ النَّاخبين على الإدلاءِ بأصواتِهِم، والتَّصويتِ للأكفأ والأصلَحِ والأنظفِ من ذَوي التَّوجُّهاتِ الوَطنيَّة.
أيها المُتقاعِدون في الأسلاكِ العَسكريَّةِ والأمنيَّةِ أنتم مُطالبون بالنُّزولِ إلى السَّاحاتِ العامَّةِ والشَّوارعِ والتَّجمُّعِ أمام مَقارِّ الوزاراتِ والإداراتِ والمؤسساتِ الرَّسمِيَّةِ حيث تدعو الحاجةُ، للتَّعبيرِ عن مواقِفِكم، وإيصالِ أصواتِكُم لمن يَعنيهِم الأمر.
أنتم جميعا مطالبونَ بالمُشاركةِ الفاعِلة، لا التَّكاسُلِ والاتِّكالِ على حِفنةٍ من الزُّملاءِ الكِرامِ الذين آثروا على أنفسِهم الدفاع عن حقوقِ العسكريين المُنتهكَةِ.
أنتم مُطالبونَ بأن تَعوا أن استِنكافَكُم عن القِيامِ بواجِباتِكُم ما هو إلا اتكاليَّةٌ غير مبرَّرة، وتَخاذُلٌ غيرِ مَحمود، وصِمُكُم بالخِزي والعارِ وقلَّةِ التَّدبير.
أنتم مَطالبون بان تعوا أنه ليس هناك ما هو أهمَّ من واجِباتِكُم الوَطنيَّة، وأنكم أوَّلُ من يُسألُ عن تقاعُسكُم عنها.
أنتم مطالبون في أن تكونوا على قَدرِ المَقام، وأن تَقِفوا وَقفةَ عِزٍ وإباء،تتناسبُ مع تسارعُ الأحداث، وتسارع الانهيار في لبنان على كُلِّ المستويات.
انتم مُطالبون بالتَّرفُّعِ عن الأنانيَّاتِ والمَصالِحِ الفِئويَّةِ والفَرديَّةِ والتَّطلُّعِ إلى مرامٍ وَطنيَّةٍ إصلاحِيَّة.
أنتم مَدعوون للسَّعي إلى توحيدِ صُفوفِ الحِراكِ الشَّعبي، واستِنهاضِ الهِمَم مُجدَّدا لتَحفيز المُواطِنينَ على عَدَمِ التَّهاونِ بحُقوقِهِم،
كونوا على قدرِ التَّحديات، والآمالِ المَعقودَةِ عليكُم، وعلى قدرِ آمالِ شَعبِكُم وعائلاتكُم وأبنائكٌم وأحفادِكُم.
كونوا قادةً حقيقيين، بل اثبتوا ذلك، في أن تكونوا مُبادِئين مُبادِرين رائدينَ في أفكاركم تحرُّكاتِكُم وتَطلعاتِكُم ومَراميكُم.
كونوا مُتحابين مُتراصي الصُّفوفِ في ما بينكُم، قَريبين إلى الناس محلبين إليهم، مُهابينَ مسموعين في المُجتَمَع، من خلالِ تبنِّيَكُم لمَطالبِ الشَّعبِ الذي يُعوِّلُ عليكم ويَشدُّ على أياديكُم، ويناشِدُكُم أن بادروا في الدِّفاعِ عن حُقوقِه.
أيها العَسكريون المُتقاعِدون، أنتم اليوم أمامَ امتِحان بالوَطنيَّة، إما أن تُثبتوا أنَّكُم على قدرِ الثِّقةِ الموضوعَةِ فيكُم، وعليكُم أن تثبتوا أنكم قادةٌ حَقيقيون لا أشباه قادَة، وإلَّا سَيُقالُ عَنكُم أنَّكُم لم تتحلوا يوما بمزايا الرِّيادَة، وأنَّ الرِّتَبَ هي من كانت ترفَعَ قدركُم وأنَّكُم كنتم منها تَستمِدِّونَ عُنفوانَكُم، وخِشيَةَ أن يظنُّوا ان مَهابتُكُم تزولُ بزوالِ مَناصِبِكُم، وتَخليكٌم عن أسلِحتِكُم وبزَّاتِكُم.
أيُّها العَسكريون، إن تَشرذُمَكُم وعَدمَ توحِّدَكُم يُذهِبُ بأسَكُم، ويُفقِدُكُم مَكانتكُم ومَهابتَكُم ووقارَكم.
أدعوكُم لرَصِّ صُفوفِكُم، والالتقاءِ على كلمَةٍ تَجمعُ في ما بينكُم، ومُلاقاةِ الشُّرفاءِ في الحِراكِ المَدني، فاسعوا إلى تَشكيلِ جَبهةِ مُعارَضَةٍ وَطنِيَّةٍ مُتماسِكَة فاعِلَةٍ، قادِرَةٍ على مُجابَهةِ الطُّغاةِ. جبهةٌ تُلبي طُموحاتِ الشَّعبِ وتَطلُّعاتِه، جبهةٌ قادرةٌ على إخراجِ الوَطنِ من مَأزَقِه.
إنها فُرصَتُكُم التي قد لا تَتكرَّرَ كي تُثبتوا أنَّكُم قادَةٌ قَولا وفِعلا شكلا ومَضمونا، اعقدوا العَزمَ واحسِموا توجُّهاتِكم.