اذكر أيها المرشح أن الناخب أذكى منك | بقلم د. أحمد عياش
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
ملاحظات سريعة حول الناخبين او المقترعين.
يخطىء المرشح إلى الانتخابات النيابية حين يعتقد ان عليه مخاطبة عقل الجمهور بالمنطق ليفوز باصواتهم .
الناخب اذكى من المرشح ويعلم تماما ماذا يفعل ،لا يسمع احد ولا يصدق احد، اعتاد على الشعارات وجرّب ما لا يُجرّب وعلم باليقين ان الامور ثابتة على حالها ولو فاز المخلص والوفيّ والشهم.
كي تفوز خاطب الغرائز والجيوب واطلق الوعود بخدمات.
هذا الجمهور اعتاد نمط الاستفادة من خدمات موسمية ومرحلية وعابرة.
انظر حولك !
مؤسسات اجتماعية خدماتية حزبية اخطبوطية منتشرة في كل مكان تقوم بوظيفة الوسيط بين الناس وبين الدولة.
يظن الناخب المواطن ان التنظيم او الحزب من يقدّم له الخدمة بينما الحقيقة ان الخدمة تأتيه من الدولة.
خدمات مستشفى رفيق الحريري هي خدمات دولة لبنانية وليست خدمات تيار المستقبل وخدمات مستشفى عين وزين خدمات وزارة صحة لبنانية وليست خدمات الحزب التقدمي الاشتراكي وكذلك الحال مع مستشفى النبطية الحكومي فخدماته من الدولة اللبنانية وليست من حركة امل.
اما خدمات مستشفى الرسول الاعظم فهي ليست خدمات من حزب الله انما من اسرّة وزارة الصحة ومن هبات على شاكلة خمس أو ما يشبه الزكاة او من مال الأئمة المعصومين فلا جميلة لاحد على احد.
لا احد يدفع من جيبه ابدا فإما من وزارة الصحة او من وزارة الشؤون الاجتماعية او من تنفيعات وزارة الاشغال او من مؤسسات دولة تسيطر عليها ميليشيات الدولة الحاكمة من كازينو لبنان ومرورا بطيران الشرق الاوسط واوجيرو و وصولا الى مؤسسة “الريجي” كمثال.
كل الجمعيات الخيرية ليست خيرية بل ذات منفعة كبرى.
اما الماكينات الانتخابية فهي اساتذة وموظفي المدارس التابعة للاحزاب او للطوائف او الموظفين المحسوبين على الاحزاب المدحوشين في الدولة ومن يتخلف عن الحضور والمشاركة يعاقب بفقدان مركزه .
هؤلاء ليسوا بالمئات انما بعشرات الالاف ان حضروا مع عائلاتهم يوم الاقتراع.
فأي عقل تخاطب وامعاء وقلوب وجيوب الناس مرتبطة بهذه الشبكة الاخطبوطية من المنافع هذا ناهيك عن بقرات البلديات الكبيرة الحلوبة والشخصيات الثرية التي شبعت مالا حراما واحبت ان تمارس السياسة في آخر عمرها لعلها تنظف سجلها العدلي والاجتماعي ما يجعلها تدفع النفقات الانتخابية على امل ان يعوض مالها التنين الاكبر عبر صفقات وتعهدات وسمسرات مع الدولة.
افهمت الان كيف افلست الدولة؟
وتريد انت ان تخاطب عقول الناخبين؟
بالتأكيد سينال حزب الله نسبة اصوات عالية وهو يدفع لمقاتليه وللمتعاقدين معه وللعاملين في مؤسساته بالدولار وهؤلاء ليسوا بالمئات انما المستفيدين من هيئة امداد وجهاد بناء وهيئة صحية ومؤسسة شهيد وغيرهم بعشرات الالاف وملايين الدولارات تُصرف عليهم كاقتصاد موازٍ خفي.
وانت تريد ان تخاطب عقل المقترع!
تضحكني والله.
كيف تخاطب العقل وكل ادوات الاعلام المرئي والمسموع موجّه و بيد الاحزاب والطوائف وحلفائهم حتى في الجامعات الخاصة فللاحزاب منح دراسية لمناصريهم .
اتريد مخاطبة العقل والمساجد والكنائس المنتصبة عند الحد الفاصل بين الحياة والموت تتعاطى السياسة والاقتصاد وتحمي المصارف والرأسمال الحرام.؟
وانت مصرّ على مخاطبة العقل لتفوز وسط شعب اعتاد نمط عيش الخدمات واقتناص الفرص ومخاطبة مفاتيح الاحياء والقرى باللغة التي يفهمونها.
مرحبا شرف وصدق ونوايا حسنة وشهامة ومواقف وطنية.
عملات لا يصرفها احد.
لأغلب الاحزاب الحاكمة تمويل من سفارات اما اميركية او ايرانية او سعودية او قطرية او اماراتية وربما التركية ايضا.
عملاء او حلفاء سفارات و دول، مخابرات؟
هذا هو السؤال.
وحدها السفارة السورية لا تدفع بل تأخذ.
وانت تراهن على الشخصيات المثقفة والمستقلة وعلى المنطق وعلى الوقائع الدموية للمواطن وعلى الحقائق الاقتصادية ان تقلب الموازين؟
ستنقلب انت شخصيا ايها المسكين.
لن تستطيع فحتى ان اردت ان تدفن والدك في مقبرة بلدتك، عليك ان تمر عبرهم ليخدموك بسيارة اسعاف ولاقامة صلاة او قداس او جناز…او تمون جنازة والدك “بهدلة” فلديهم الان كمهنة طاقم تشييع و أناس تبكي على الاموات.
انها منظومة خدماتية لا تحترم قامات ولا تقيم اوزانا لشرفاء،هي المنظومة الخدماتية الماكرة نفسها التي اسقطت رئيسا لم يكذب ولم يسرق ولم يقتل ولم يزنِ اسمه سليم الحص.
مذ سقط سليم الحص سقطت الاخلاق الانتخابية.
فأي عقل تحكي وعن اي عقل تبحث ليقف الى جانبك؟
اصحاب العقول جبناء لانهم يحللون الامور اكثر مما يجب فيختارون الانسحاب والصمت والمتابعة عن بعد كي لا يصيبهم مكروه.
لا تراهن على اصحاب العقول فمعظمهم جبناء.
راهن على اصحاب العضلات والجيوب افضل.
كل الذين تصدوا لمنظومة الاحزاب والمصارف والسلطة والطائفة وبعض رجال الدين اما اصيبوا بجلطة او بموت مفاجىء او لم يجدوا عملا او شوهدوا في آخر ايام حياتهم يحملون جثثهم في الشوارع ويتنزهون لوحدهم.
طالما اللبناني غير مستقل اقتصاديا و مسلوب فكريا ومسحور دينيا وطائفيا وفي داخله اعتاد الشحادة والاستجداء فالديمقراطية لا تليق به.