الانتخابات البلدية انتهت: الناخب عاقب الإدارات في الأحزاب… والإقطاع بأدوات جديدة | كتب جان زغيب

انتهى الاستحقاق البلدي في لبنان، وانتهت معه جولة جديدة من الرهانات المتداخلة على تغييراتٍ في ميزان القوى. خيضت معظم الجولات بحسابات عائلية الا في المدن الكبيرة فقد طغت الشعارات والتجييش الحزبي. كما ان الناخبين عاقبوا الاحزاب في العديد من القرى بسبب ادارة المعركة والاداء الذي جاء ضعيفا من منسقين ونواب ولجان.
البلدية ليست مقياساً للنيابة
الواقع السياسي والاجتماعي يفرض التمييز بوضوح: في البلدية، ينتخب الناس من يعمل لأجلهم، أما في النيابة، فهم غالباً ما يصوّتون لمن يمثلهم سياسياً أو طائفياً أو أمنياً.
وبالتالي، لا يمكن استثمار النتائج البلدية لتقييم المشهد النيابي المقبل، إذ إنّ السياق مختلف، والاعتبارات متباينة، والديناميات المتحكمة في القرار الشعبي لا تزال خاضعة لمعادلات أبعد من منطق الإنجاز والخدمة.
الناخب… بين التعب والولاء
يجب ان يواكب الاحزاب التغيير بوجوه جديدة تعمل انمائيا وفكريا وتنشط من اجل التغيير لان الناخب قد يعود الى المستقلين او الزعامات التقليدية من اجل خدمات لا يتلقاها من الاحزاب في حال عدنا الى حالة الزبائنية.
والأخطر من ذلك حضور اقطاع جديد يتمثل بالاعمال والاقتصاد ويتحكم بالعقول مباشرة او غير مباشرة عبر الحاجة الى الاستمرارية.
والأخطر من ذلك حضور اقطاع جديد يتمثل بالاعمال والاقتصاد ويتحكم بالعقول مباشرة او غير مباشرة عبر الحاجة الى الاستمرارية.
لا يزال الناخب اللبناني أسير أنماط تصويتية قديمة. فبين الولاء العائلي، والانتماء السياسي، والخوف من فقدان الحد الأدنى من الحماية، يتقدّم كثيرون إلى صناديق الاقتراع لا على أساس القناعة، بل على قاعدة “الضرورات والارتباطات”.
وهنا تتجلّى الإشكالية الكبرى: كيف يمكن بناء تغيير حقيقي، فيما الجمهور لم يُحسم خياره بعد بين التجدّد والتقليد، بين منطق الحقوق ومنطق التبعية، بين من يَعِد ومن يُنجز؟
ما بعد النتائج… المرحلة الأصعب
صحيح أنّ بعض الوجوه المستقلة استطاعت تحقيق اختراقات، وأنّ بعض القوى السياسية خفّ حضورها في بعض القرى، إلّا أن السياق العام لا يزال يفتقد إلى الجرأة الشعبية الكافية لإحداث نقلة نوعية شاملة.
لقد انتهت الانتخابات البلدية، لكنّ التغيير الحقيقي لم يبدأ بعد. إنّنا نعيش في مساحة رمادية بين الرغبة في التجديد، والخوف من الكسر النهائي للنظام السائد.
ولعلّ أولى خطوات التغيير، ليست في صندوق الاقتراع فقط، بل في وعيٍ جديد، ومسارٍ طويل، تبدأ معالمه من بلديات جديدة هدفها الانماء والعمل دون كسل… وتنضج في صناديق السياسة الكبرى.