الخلاص؟ ناخبٌ حرٌّ لـ”اجتراح” لبنان الآتي | بقلم هنري زغيب
مع اقتراب 9 كانون الثاني (ولَو تأَجَّل!؟) يقترب أَملُنا أَن يكون للبنانَ رئيسُ جمهورية من طينة الرجال الرجال، لا يُزَرِّرُ سترته أَمام أَحد، ولا ينحني أَمام أَحد، ولا يكون مَدينًا إِلَّا وفاءً للقدَر الذي احتاجَ أَن يكون هو رئيس لبنان وشعب لبنان وتراث لبنان وحضارة لبنان، فيستعيدَ وهْج لبنان في محيط المنطقة ودول العالم، ويكونَ ولاؤُه لعلَم لبنان ووفاؤُه لأَرزة لبنان..
ولكن… هل يكفي أَن يكون الرئيس بهذه الصفات أَعلاه حتى يجترح “أُعجوبة” إِنقاذ لبنان كما يصلِّي لذلك لبنانيو الإِقامة والـمَهاجر اللبنانية في العالَم؟
يقينًا لا.. وإِذا اعتبرنا نموذجًا نشاطَ الرئيس الأَميركي المنتخب ترامب، منذ انتخابه، في اختيار طاقم حكْمه للسنوات الأَربع المقبلة، من الطبيعي أَن تكون لرئيس لبنان المنتخَب حريةُ اختيار طاقم حكْمه للسنوات الست المقبلة..
ولكنْ… هل يكفي وحدَه اختيارُ رئيسِ لبنان طاقمَ حُكْمه كي يُنجزَ التغيير الـمُتَمنَّى والـمُنتَظر؟ يقينًا لا.. ليس ممكنًا أَن ينجحَ عهدٌ معظمُ قاعدتِه من طقمٍ سياسيٍّ حاليٍّ عتيقٍ مترهِّلٍ كان – بتراخيه وكومبيناته واستزلاماته وانتماءاته (محلِّيًّا وخارجيًّا) وفئويات تفكيره وسلُوكه – مسبِّبًا جُلَّ ما وصلْنا إِليه في العقود الأَخيرة..
ما المطلوب إِذًا؟ ومَن يقوم بذلك؟ لا الرئيسُ العتيد ولا الحكومةُ العتيدة.. مَن إِذًا؟ بكل بساطة: الشعب.. كيف؟ بمعاقبته معظمَ الطقم النيابي الحالي الذي بات رثًّا لأَنه جاء إِلى التشريع نادرًا بمهاراته التشريعية وغالبًا بانتماءاته الوراثية والسياسية، وتاليًا أَقلُّ عقابه أَلَّا يعود إِلى ساحة النجمة.. ومتى يكون ذلك؟ في الانتخابات التشريعية المقبلة (2026) حين يُقْبِلُ على الانتخاب مَن أَشاحوا (نحو 50% من الشعب اللبناني) ولم يقترعوا في الدورة السابقة (2022)، شرط أَن يُشَرِّع النواب الحاليون (هل يجرُؤُون؟) قانونَ انتخابٍ جديدًا غيرَ الذي كانوا وافقوا عليه يومها برفع الأَصابع لأَنه يناسبهم ويضْمن عودتهم إِلى مقاعدهم البالية.. وأَصلًا: هل بقي انتخابًا حرًّا أَو اقتراعًا ديمقراطيًّا هذا المفروضُ علينا بسببِه أَشخاصٌ لا نريدهم ولا نؤْمن بهم ولا نحترمهم لكننا نمنَحهم أَصواتنا غصبًا عنا من أَجل مرشَّح واحد نريده من اللائحة؟
أَفهم أَن الحزبيين مرغَمون على الاقتراع ببَّغائيًّا كما تَصدر أَوامر الحزب لأَنهم لا قرار لهم ولو كانوا غيرَ مقْتنعين باللائحة التي يـأْمرهم الحزب بمنحِها أَصواتهم.. لكنَّ في لبنان مواطنين أَحرارًا غيرَ منتمين يُسجِّلون فرقًا كبيرًا في الأَصوات حين يتاح لهم أَن يقترعوا (فعلًا يقترعوا) فينتخبوا (فعلًا ينتخبوا) مَن يختارون من اللوائح بكل حرية، وبدون فرض مرشَّحين عليهم لا يريدونهم ولا يحترمونهم..
طوباويٌّ هذا الكلام؟ مش صحيح.. إِنه يتطلَّب من شعبنا أَن يخلع من ببَّغاويته صُوَر المرشحين قبل خلْعها عن الحيطان، وأَن يتوقَّفَ عن الولاء للأَصنام والزعماء ويتحوَّلَ إِلى الولاء للدولة الجديدة النظيفة.. فلا قيامةَ للُبنان على أَيدي من صلَبُوه وما زالوا معلِّقينه على جلجلة ضمائرهم المنخورة بالفساد..
معقول؟ طبعًا معقول.. وواجب.. وضروري.. فاللبنانيون ذاقوا أَبشع الأَقدار والفواجع والكوارث في السنوات الأَخيرة، ولذا يعرفون حدسيًّا ومُواطنيًّا واختباريًّا أَيَّ سياسيين (على قلَّتِهم) جديرين، لبنانيًّا وإِيمانيًّا بلبنان اللبناني، أَن يعودوا إِلى ساحة النجمة..
“الشعب مصدر السلطات” (المادة 21 من “الإِعلان العالَمي لحقوق الإنسان)؟ صحيح.. فلْنترك لشعبنا أَن يكونَ المصدَر فعلًا فلا يُقادَ خانعًا في قطيع سياسيين إِذا عادوا إِلى الحكْم لن يتمكَّن رئيس الجمهورية العتيد من أَن يبدأَ بـ”اجتراح” لبنان الذي – بعد طول انتظار – يحلُم به أَبناؤُه الـمُقيمون وأُولئك الـمُنتظرون مُوَقَّتًا لدى الـمَهاجر اللبنانية في العالم.