الشعوب تقترع لجلاديها | كتب د. ناجي صفا
يقف البلد منذ اعوام ثلاثة على مفترق خطير ينذر بأبشع العواقب على المستوى المعيشي، كما على المستوى المصيري، وهو مرشح لمزيد من الازمات التدميرية الخانقة بعد الإستعصاء الشديد الذي برز ابان الازمة الحالية الممتدة، ويبدو باتت عصية على الحل، لقد شكلت هذه الازمة البنيوية تعبيرا مكثفا عن الازمات الدورية التاريخية التي عاشها ويعيشها لبنان كل فترة منذ نشوئه ككيان سياسي غير مكتمل النمو، وإرتهانه لدور وظيفي تبعا لتشكل المنطقة ومصالح الدول الكبرى الإقليمية منها والدولية.
الإنهيار بات في مستواه الأخير، بحيث بات يصعب استنقاذ البلد على يد ذات الطبقة السياسية التي حكمته لعقود ثلاثة، بذهنية الإبتزاز والمحاصصة والأنانية الطائفية والمذهبية وتقاسم المغانم وما زالت.
دفع الشعب اللبناني الثمن على يد طبقة سياسية اجلسته على العتمة، ورغم ذلك مجدها طائفيا ومذهبيا وحزبيا وزبائنيا واعاد انتدابها عبر قوانين انتخابات فاسدة، واعاد الكرة مرة اخرى في الإنتخابات الأخيرة .
لا يبدو في الافق حلا للأزمات الغارق فيها الوطن بسبب تشبث الطبقة السياسية بمكتساباتها وكيديتها في التعامل مع بعضها، مرة باسم الدين والمذهب والطائفية، واخرى باسم المصالح الطائفية والحزبية والكيدية السياسية، واخرى باسم تنوع الولاءات والإرتباطات وتوزعها على محاور اقليمية ودولية، وخضوعها لمعادلات يجري صياغتها الآن بالدبابات والصواريخ وابتزاز لقمة العيش وضمور السلة الغذائية العالمية.
لست ادري ما اذا كان قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي يروج له لتولي دفة القيادة قادر على حسم هذه التناقضات التي نعيشها، وما اذا كان قادر على القيام بعملية ضبط سياسي واقتصادي ومالي واصلاحي يعطي متنفسا للشعب اللبناني الذي اصبح متعلقا بقشة يعتقد انها ستنقذه .
ربما نحتاج الى سلطة سياسية تمسك الواقع بقبضة من حديد، تفعل المحاسبة والمساءلة وتفتح ابواب السجون لإؤلئك الفجار الذين دمروا البلد، فالديمقراطية على ما يبدو لا تليق بشعوب دول العالم الثالث التي ما زالت تعاني نقصا فاضحا في فهم اسس ومعايير الديمقراطية واسس ممارستها، وهي ميالة نفسيا الى قواعد القهر منها الى قواعد الادارة الحديثة والحريات والعدالة .