المجَالِس المحليَّة.. من مَرحَلة “الكَرتونة” إلى مَرحَلة “السحَّارة” | بقلم المحامي زياد فرام

قد يدلّ مفهوم “السحّارة” على التنافر والعشوائية، فيما تمثل “الكرتونة” فكرة التجانس والتناسق.. وشتّان ما بين الوعاءَين وإن تشابها بالحجم.. تباينا بالمحتوى.
إنَّ أيَّة مجموعة تقدَّم نفسها للجمهور كوحدة، يجب أن تكون متناسقة من حيث الشَّكل ومتجانسة من حيث الرؤية، وإن نجاح أهدافها، يتطلّب منها العمل كفريق بانسجام وكفاءة وفعاليَّة، ما يحتّم عليها :
ـ وضع أهداف واضحة ومشتركة تلتزم تحقيقها.
ـ توزيع واضح للأدوار والمسؤوليات لضبط المهام بدون تداخل أو غموض.
ـ القيادة الفاعلة والقدرة على فرض النُّظُم واتخاذ القرارات وفصل الخلافات.
ـ التواصل الفعَّال والحوار الصريح والبنّاء.
ـ إحترام الآراء والثقة المتبادلة بكفاءة كل عضو من المجموعة.
ـ العمل بروح التعاون والتفكير الجماعي والتحفيز لزيادة الإنتاجيّة، والإبتعاد عن التفرُّد، وإنساب النجاح للجميع.
ـ المرونة والتكيُّف مع التغيّرات أو التحدّيات التي قد تطرأ على العمل.
ـ التقييم الدوري للأداء بشكل منتظم لتحسينه ولمعالجة أي خَلل.
ولما كانت الهيئات المحليّة مجموعات عمل تتَولَّى جزءاً يسيراً ومتزايداً من السّلطة الإداريّة والتنظيميّة والخدماتيّة والإنمائية لتمَاسِها المباشر والمتواصل مع الشّعب مصدرها..
فإنها تحقق أهدافها بوسائل تتطلب المجيء بمجموعة منسجمة ذات تطلّع موحّد تعمل عليه وفق الخصائص التي ذكرناها آنفاً، فيكون معياراً للنجاح أو عدمه.
من هنا، يكون التجانس والإنسجام العاملان الرئيسيان لحسن تأليف فريق العمل بعيداً عن مفهوم “السحَّارة”.
ولعلَّ مرحلة “الكرتونة” بما كانت عليه من شكليتها وهشاشتها وتصبّغها السياسيّ، فقد بدت أقلّ فظَاظَة وأخفّ شعبويّة.. ولم تكن خالية من المضامين المؤسساتيّة والحضاريّة، كما الحال عليه مع “السحاحير” الجارفة.. بما تحتويه من عدم إدراكٍ للمفاهيم العموميّة، وكَيدِيَّات عائليّة، ولهاثٍ نحو المنَاصِب، وعشوائيّة في الأفكار، وفوضويّة في الترشيحات، ورداءَة في البرامج والطروحَات، وتنافر في الرؤى..
أعانَنا الله، فلا نريدَنَّ بعد خيبات أملٍ مع مشهدٍ عالقٍ في زمنٍ سياسيٍّ مُغلقٍ وركودٍ عَميق.