حمى الله لبنان من مكائد مُخابراتيَّة بستار داعشي | بقلم العميد د. عادل مشموشي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
أعلن وزير الداخليَّة منذ يومين عن نجاح شعبة المعلومات في إحباط عملًا إرهابيًا كان يَستهدف الضاحية الجنوبيَّة. كان المخططون يسعون إلى تفجير أحزمة ناسفة يحملها إرهابيون، كلفوا بالانغماس بين تجمُّعاتٍ بشريَّة في مناطق مختلفة من ضاحية بيروت الجنوبيَّة، وتفجير أحزمتهم للتَّسبب بأكبر عدد ممكن من الضَّحايا والاصابات البشريَّة.
مشكورة قوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات على هذا الإنجاز الأمني الذي أنقذ أهلنا في الضاحية الجنوبية، من مَجزرةٍ كادت أن تكون مًحتمة لولا سهر ومُتابعة شعبة المعلومات التي أثبتت وتثبت مع مرور الأيام أنها من أنجح أجهزة الأمن الوقائي على مستوى الدول العربيَّة.
حمى الله الضاحية الجنوبية وأهلها، كما لبنان ككل مما يُحاك له من مَكائد خارجيَّة مُخابراتيَّة مَشبوهَة.
يوم أمس صَدرَ بيانٌ عن إحدى الجِهاتِ الحزبية تُدين الاعتداءَ وتشكر “فرع المعلومات” ولكنها آثَرت على إلصاق التَّهمَةَ بما أسمَته بالوَهابيين وعُملائهم.
ومنعا من تضليل الرأي العام، وكشفا للحقائق وأخذا بمنطق الأمور، نشيرُ إلى أنه سبق لنا وحذرنا سابقا ومنذ ما يقارب الاسبوعين لما يُحضَّر له من مًخطَط مُخابراتي لعين لإثارة الفتن المَذهبيَّةِ في لبنان، بدأ الأمر منذ قرابة الشَّهرين حيث لاحَظنا ثمة ترويج لإشاعات حول خروج عدد من الشُّبَّان الطرابلسيين من لبنان الى سوريا والعراق وانهم ينضمون إلى صفوف داعش، الخبر لغاية الآن مُجرَّدُ احتٍمالّ او تحليل، يقبلُ للتأكيد او النفي، ولكن اللافت في الأمر تزامن تسريب الخبر بل تكرار تسريبه، بالتزامنِ مع تسريب خبر آخر فحواهُ أن عددا من الاسلاميين الأصوليين تمكنوا في اوقات مُختلفَةٍ من الفَرارِ من السُّجون من بينها سُجون تقعُ تحت سَيطرَةِ المُعارَضَةِ السُّوريَّة.
هذه التَّسريبات تُذكرنا بالتَّسريباتِ التي تم تَسويقُها قُبيلَ ما عُرفَ بحادثًةِ نهرِ الباردِ، حيث مُهِّدَ إلى مخَطَّطًا تَخريبيًا كاد أن يحرق الشَّمال اللبناني ويُدخل لبنان في إتون مخطط تخريبي جهنمي.
بدا التحضير للمخطَّطِ السابق المشؤومِ بالتَّسويقِ لإشاعة تقولُ بحُدوث انتفاضةٍ انقلابيَّةٍ بين مُقاتلي حَركةِ فتح’ التابعةِ للسلطة الفلسطيتية” المتواجدين في لبنان، وتم التسويق للفكرة بإطلاق عيارات نارية وقذائفَ مُتوسِّطة في مِنطقةٍ مُحاذية للحُدودِ اللبنانيَّة- السوريَّةِ على السَّفح الغربي لسِلسلة جبال لبنان الشَّرقيةِ سُميت المجموعة باسم فتحِ الانتفاضَةِ لإلصاق التهم لاحقا بالفلسطينيين، وبعد فترة زمنيَّةٍ استُبدلَ الاسم بفتحِ الاسلامِ، بغيةَ إعطاءِ طابعٍ إسلامي أُصولي لما يُخطَّط له في ذلك الوقت، من محاولةٍ لتخريبِ الوضعِ في شَمال لبنان.
كاد المُخطَّطُ المُخابراتي التَّخريبي أن ينجَحَ لولا انكشافُ الأمرِ لشِعبةِ المعلوماتِ التي بادرت إلى القِيامِ بضربَةٍ استباقيَّةٍ في طرابلس “شارع المايتين” بالتَّحديد، ونجحت في القضاء على المُحاولة التَّخريبيَّةِ قبل البَدءِ بتنفيذِ المُخططِ.
أغضب انكشافُ المُخطط ومهاجمةُ المجوعة القتاليَّةِ في شارع المايتين من يقفُ خلفَ المؤامرةِ، فما كان منهم إلا أن أوعزوا في اليوم التالي بافتعال حادثٍ أمنيٍّ خطير في مخيم نهر البارد لتخفيف الضغط عن مُقاتليهم في طرابلس، والتي لم ينجحوا في توسيع رقعة القتال فيها، لمفاجاتهم بشعبة المعلومات تحاصر المقاتلين وتطلب منهم تسليم أنفسهم، زدارت معركةٌ شرسةٌ تمكنت فيها الشعبة من السيَّطرة بعد وقوع عدد من الإصابات في صفوفها، وقتل عدد من المسلَّحين.
اوعز المخططون التخريبيون بمباغتة نقطة للجيش اللبناني على مدخل مخيم نهر البارد فجر اليوم التالي، حيث تعرَّضَ العناصرُ لعملية غادرَةٍ، وقع ضحيَّهاعددٌ من العَسكريينَ الذين كانوا يتولون حراسَةَ المخيم بحيث قُتِوا بطريقة شَنيعةٍ وهُم نيام لإثارةِ الرُّعب.
كانت المؤامرةُ تَقضي بنَشرِ مُقاتلين في مِنطقَةِ طرابلس كي تعمَّ الفوضى الأمنيَّةِ في مُحافظة الشمال ككل، جرَّاءالقيامِ بأعمال تخريبيَّة لوسم ما يحصلُ بإرهابِ أصولي وشيطنة اهل طرابلس والشَّمال وزجِّ الجيشِ اللبناني في مُستنقع يَصعُبُ الخروجُ منه، وشيطنة أهل طرابلس وبعض المناطق في محافظة الشمال تمهيدا لتخريبِ تلك المنطقة الآمنة على غرار ما حَصلَ في كُلٍّ من مَحافظَةِ الموصلِ بالعراق ومناطقَ حَلب وضواحيها ودير الزور والحسكة ودرعا في سوريا.
هذا المخطط لم يكتب له النجاح لسببين، لانكشافِهِ لشِعبة المَعلومات كما ذكرنا، ولكون الجيش اللبناني أحرج لفظاعةِ ما تعرَّض له عناصِرُه، واتِّخاذِهِ قرارا بالرَّد، رغم أنه فوجئ في ما بكثرةِ اعداد المقتلين داخل المخيم، والذين يبدوا انه كان يتم تجمبعهم داخله لتنفيذ المخطط المشبوه، كما بنوعيَّةِ الأسلحة التي كانت بحوزتهم، لقد كانت المعركُةُ شرية قاتل فيها الجيش اللبناني باللحم الحي وبشراسة، واستعمل فيها لأول مرة ما عرف بالقذائف المعدة ارتجاليا من قبل خبراء المتفجرات والطياربن، والتي استُعين بها لدك التحصينات داخل المخيم الذي أضحى بقعة مفخخة بالكامل، الامر الذي تسبب بوقوع عشرات الشهداء من الضباط والعسكريين، هذا بالإضافة إلى مئات الجرحى والمُصابين. وللأسف لم يُتح المجال للجيش بالقضاء على المُسلَّحين بعد أن أصبح مُسيطرا على المعركة، حيث أبرِمَت صَفقَةِ خبيثةٌ لتََهريبِ المُقاتلين من المُخيم المُحاصر، ربما حصلَ ذلك بمؤامرة بعض المسؤولين، إلا ان لبنان الدَّولةِ كان آخر من يَعلم بها.
نعم أجريَت صَفقةُ مَشبوهةٌ، كشفت حَجم المؤامرةِ بتهريبَ عدد كبيرٍ من المقاتلين ليلا، بمن فيهم المُلقب شاكِر العبسي الذي كان يزعم أنه يتولى قيادَتهُم. كل ذلك حَصلَ على حساب كرامة لبنان، ودماءِ شُهداء الجيش اللبناني الذين سَقطوا في مَعرضِ القتال داخلَ المُخيَّم، وإضيف إليهم في ما بعد اللواء فرانسوا الحاج قائد غرفة العمليَّات ِ في الجيش اللبناني، والذي يبدو انهم انتقموا منه لإصرارهِ على إفشال المُخطَّط التَّخريبي والقتال بشرف، ونجاحِهِ في وأد الفتنة في نهر البارد، ومنعا لوصول شَخص بوطنيته ومناقبيته وكفاءته لتولي قيادة الجيش، بالمقابل بقي شاكر العبسي ومن فرَّ معهم مجهول المصير، ورُبما الهويِّة.
وبالعودة إلى الوضع الحالي، وتداركا لأيَّ حوادث أمنية أو نوايا آثمة تقفُ خلفها أجهِزةُ مخابرات تضمرً الشر للبنان وتسعى جاهِدَة لتنفيذِ مُخططاتٍ إجراميَّة خبيثةِ بهدفِ إثارةِ الفتنةِ وتقويض هيبةِ الدولةِ وتخريبِ لبنان، ننبه اللبنانيين عامَّةً لحملاتِ التَّضليل، كما ننبه المَسؤوليين اللبنانيين لضرورة التنبُّه لما يُحاك للبنان، وندعوهم لبذل كل ما يلزم لإحباط تلك المؤامرات، وهنا ندعو الأجهزةَ العَسكريَّة والأمنيَّة عاى وجه التحديد لتركيز جهودِها في إطار الأمن الوقائي، وتكثيف مَهامِ الاستِعلام الامني لكشف المتآمرين وإفشال مُخطَّطاتهم، وإحباط أية عمليات إرهابيَّة.
وفي نهاية المطافِ لا يفوتنا التأكيد على أن أيَّة اعتداءاتٍ يَتِمُّ السَّعيُ لتنفيذها على أهلنا في الضَّاحيَةِ الجنوبيَّ او بعلبك- الهرمل او الجنوب ما هي إلا أعمال مَشبوهة موجهة ضد اللبنانيين قاطبة، وان الغرضُ منها إثارةُ الفتن المذهبيَّةِ تمهيدا لتعيم الفوضى على الأراضي اللبنانية،
كما نؤكِّدُ لمن يعنيهم الأمر أن هذه الاعتداءاتُ الإرهابيَّة مدانهٌ ومرفوضة من جميع مكونات الشَّعب اللبناني، الذين يقفون إلى جانب إخوانهم في الضاحية وغيرها.
ونخلُصُ للقول بأن الضالعون في هذه الأعمال الإجراميَّةِ سواءَ كانوا مُخطِّطين أو مُحرِّضين أو مُنفِّذين او مُسهلين ما هم إلا كُفار مُجرمون سفاحون خالون من الضمير الإنساني، والقيمِ الدينيَّةِ والاخلاقيٍة.، وأنهم لملعونون دنية وآخرة ومصيرهم لا محال إلى جهنَّم وبئس المَصير.