ازمة لبنانالاحدث

صلاحيات مجلس النواب اللبناني في مساءلة الوزراء وإقالتهم: دعوة لتعديلات أكثر عدالة | بقلم زهير عساف

في النظام السياسي اللبناني، تُحدد صلاحيات مجلس النواب وآليات محاسبة الوزراء وفقًا لاتفاق الطائف والدستور اللبناني. وفقًا للنظام الداخلي لمجلس النواب، يحق لأعضاء المجلس توجيه أسئلة شفهية أو خطية للحكومة ككل أو لأحد الوزراء، حيث تُطرح هذه الأسئلة بعد استنفاد البحث في الأسئلة الخطية المدرجة على جدول الأعمال. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمجلس طلب استجواب الحكومة أو أحد الوزراء في قضايا محددة، على أن يُقدَّم طلب الاستجواب خطيًا إلى رئيس المجلس، الذي يُحيله بدوره إلى الحكومة.
أما فيما يتعلق بإقالة الوزراء، فإن مجلس النواب لا يملك الصلاحية المباشرة لعزلهم. وفقًا لاتفاق الطائف، يُعتبر الوزير مسؤولًا أمام مجلس الوزراء ككل، وتتم إقالته بقرار من المجلس بموافقة أغلبية الثلثين من أعضائه، ويُصدَّق القرار من قبل رئيس مجلس الوزراء.
اقتراح لتعديل تشريعي يعزز الدور الرقابي لمجلس النواب:
لضمان توازن أكثر عدالة بين السلطات وتعزيز الدور الرقابي لمجلس النواب، يمكن اقتراح تعديل تشريعي يمنح المجلس حقًا مشروطًا بإقالة الوزراء في حالات استثنائية، مثل الإخلال الجسيم بالواجبات أو فقدان الثقة النيابية. يمكن أن يتم ذلك من خلال آلية واضحة تتطلب:
1. اقتراح إقالة رسمي: يُقدم من عدد معين من النواب (مثلاً ثلث أعضاء المجلس)، مع ذكر الأسباب والأدلة الداعمة.
2. تحقيق مستقل: يتم تكليف لجنة مختصة للتحقيق في الادعاءات الموجهة ضد الوزير.
3. تصويت الأغلبية: يتم التصويت في مجلس النواب على قرار الإقالة، على أن يحصل القرار على أغلبية الثلثين لتجنب الاستغلال السياسي.
4. عرض على القضاء الدستوري: لضمان شرعية القرار وعدم تعارضه مع الدستور، يُعرض القرار على المجلس الدستوري لمراجعته قبل التنفيذ.
التأثير على الصراعات بين الكتل النيابية:
من شأن هذا الاقتراح أن يحد من الصراعات بين الكتل النيابية على تسمية الوزراء، إذ إن وجود آلية واضحة وشفافة للمساءلة والإقالة سيقلل من التوترات السياسية المرتبطة بتوزيع الحقائب الوزارية. عندما يدرك النواب والكتل أن الوزراء سيكونون تحت رقابة صارمة، سيركزون على اختيار مرشحين أكفاء بعيدًا عن المحاصصة السياسية والطائفية.
كما أن هذه التعديلات ستشجع على تقوية المسؤولية الفردية للوزراء تجاه الأداء الحكومي، ما يقلل من استغلال المناصب لمصالح الكتل السياسية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تفعيل هذه الآليات سيُشجع على تعزيز ثقافة العمل الحكومي المؤسساتي، بدلاً من الانخراط في صراعات نفوذ بين الأطراف المختلفة، ما قد يسهم في بناء ثقة أكبر بين الشعب والسلطة التشريعية.

زهير عساف، باحث في التنمية المستدامة الإستراتيجية

زهير عساف باحث في التنمية المستدامة الاستراتيجية جامعة بليكينغي للتكنولوجيا -السويد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى