فرنجية الاقرب لرئاسة الجمهورية في ظل انشغال الخارج؟ | بقلم محمود الحمصي
يبدو ان المشهد السياسي المعقد في لبنان في ظل رفض الحوار الداخلي والمطالبة في تدويل الازمة وصعوبة النيل خارحياً من القوى السياسية والقيام بوصاية دولية قد يتغير هذا المشهد مع حلول نصف العام القادم بتسوية دولية لا تقتصر على رئاسة الجمهورية بل تتعداها لتشمل مجموعة كاملة من المناصب. وفي ظل تراجع اهتمام القوى الدولية في فرض رئيس للجمهورية قد يقدَّم الوزير فرنجية هديةً لطهران ودمشق مع تسوية شاملة يمدد فيها لقادة الاجهزة الامنية مقابل ضمان حماية استخراج النفط وتنقل قوات حفظ السلام الدولية في الجنوب.
رفض الحوار
بعد رفض الحوار الداخلي الذي دعا اليه الرئيس نبيه بري من قبل الكتل المسيحية، ظهرت مناشدات عديدة من قبل الرافضين بوجوب اجراء حوار خارجي ترعاه القوى الدولية وفق مؤتمر دولي يتم فيه التوافق على انتخاب رئيس قادر على فرض الحياد والامساك في زمام الامور على كامل الاراضي اللبنانية مع ادراكهم ان الحوار الداخلي لن يحقق الاهداف المرجوة وقد اعطت بعض المرجعيات المارونية زخما تصاعديا بالمطالبة بضرورة حصر السلاح بيد القوى الشرعية والمطالبة بمؤتمر اقليمي جديد يعيد التوازن ويحقق تقدم على صعيد صلاحيات رئيس الجمهورية. ولان ما تطلبه هذه الكتل يصعب تحقيقه في ظل الازمات الدولية المتراكمة قد يصعب التوافق على رئيس لملئ الشغور في الرئاسة الاولى وقد يصحب مع هذا الفراغ المزيد من الازمات الاقتصادية والامنية، وان رفض الحوار قد يؤدي الى مزيدا من التعقيد والتباعد بين اللبنانيين.
فرض وصاية دولية غير وارد
بعد العديد من المنشادات من القوى “السيادية والتغييرية” بضرورة التدخل الدولي في لبنان لوضع اليد على المؤسسات بما فيها المصرف المركزي والقضاء والمؤسسات الامنية وادارتها ومع ظهور اشارات فرنسية بضرورة ازاحة الطبقة السياسية، يمكن القول ان مثل هذا التدخل هو فتح ابواب الصراع على كافة جبهاته ويهدد سلامة اي طرف دولي سواءَ سياسي او عسكري للقيام بهذا الامر والدول الخارجية تعلم بطبيعة الحال نتيجة هذا التدخل ولا يمكن التفاوض بشان هذا التدخل كونه لا ينهي نظام الجمهورية الحالية بحد ذاته بل قد يفكك معه البنية الاجتماعية اللبنانية الهشة وبالتالي قد يتأزم الوضع الامني اللبناني ولن ينتهي عند الحدود اللبنانية بل قد يتعداها ليشمل امن المنطقة الجنوبية ويهدد استقرار الحدود الجنوبية مع العدو الاسرائيلي.
لبنان ليس على طاولة محادثات الخارج
مع انكفاء الاقطاب السياسية عن انتخاب رئيس للجمهورية على وقع الانقسام الحاصل والاتكال على الدول الخارجية في ايجاد حل يقضي بانتخاب رئيس، وانشغال الخارج بهمومه الداخلية وازمة الطاقة والغذاء واللاجئين وحرب اوكرانيا، بقي لبنان خارج المباحثات الخارجية اذ تشير معظم المؤشرات ان لا تسويات في الافق ولبنان خارج نطاق البحث ولا مصلحة للدول المؤثرة بازمة جديدة في لبنان تؤدي الى شرذمة الشرق الاوسط مع الايمان ان اي فوضى في لبنان قد يكون لها ارتدادات خارجية اضافة الى ان لا مصلحة لاي دولة خارجية في استثمار الازمة السياسية في لبنان لفرض اجندات او مشروع شبيه بالعام 2005 او بانفجار الوضع الداخلي على طريقة العام 2019 ، والوضع الدولي قد تغير الى حد كبير بعد حرب اوكرانيا. اضافة الى ما سلف، ان الدول الخارجية غير مستعدة لمساعدة لبنان وفي حال قررت فرض رئيس فهي ملزمة بسلة دعم متكاملة كي لا تتحمل مسؤولية فشل العهد الجديد، بمعنى اخر ان لبنان عليه ان يساعد نفسه بنفسه ويجد الحل ويكف عن رمي فشله على غيره من الدول فلا عقوبات تطال اقتصاده ولا مساعدات تنشله بسبب اخطاءه.
فرنجية رئيسا مع تزايد الضغط
ان ما بات مرجحاً بالنسبة للخارج ان فرض اي رئيس في الوقت الحالي لن يزيد الازمة الراهنة سوى تعقيدا والمطلوب من الساحة اللبنانية مزيدا من الهدوء والاستقرار الامني والاجتماعي بسبب عدم قدرة المجتمع الدولي لإدارة المزيد من الملفات وقد بدى واضحا لهذه الدول ان الضغط باتجاه رئيس يعادي محور ما قد يؤثر سلبا على المنطقة باثرها وقد يفاقم التوتر الموجود وبالتالي قد يساعد المجتمع الدولي بانتخاب رئيس للجمهورية ولكن بدعم محدود على الصعيد الامني والاجتماعي بيد ان الضغط الذي حصل منتصف العام 2019 قد يعود ويتكرر مع حصول الجمهوريين في الولايات المتحدة الاميركية على اكثرية المجلس النيابي الذي قد يزيد من الضغط السياسي على الدولة اللبنانية في صيف العام القادم لتجدد معها الفوضى الداخلية ما لم يتم الاسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فهل يجد الخارج وخاصة الدول العربية في ظل استعادة المحادثات الايرانية السعودية وقرب باريس من الطرفين، ان الموافقة على انتخاب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية هو افضل الممكن لعدم انزلاق لبنان نحو الاسوأ؟ وان حصل ذلك هل يشهد لبنان تحسن تدريجي في العلاقة مع المحيط العربي ويكون انتخاب فرنجية ثمرة للحوار العربي-السوري واعادة العلاقات العربية السورية؟