قراءة دولية في الترسيم: استقرار أمني وتسويات | بقلم قاسم قصير
دخل لبنان زمن “الارتياح الدولي” اتجاهه. ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل هو السبب، بحسب مصادر دبلوماسية دولية في بيروت، اعتبرت أنّه يساهم في الاستقرار الأمني على الحدود بين الجانبين. ومن تجلّياته الأولى إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله “وقف كلّ إجراءات الاستنفار العسكرية التي اتّخذتها المقاومة طوال الأسابيع الماضية”. ولوحظ توقّف معظم الأنشطة التي كانت تجريها على الحدود عناصر حزب الله، سواء بعض الاستعراضات العسكرية أو المراقبة أو إقامة مواقع خاصة لمجموعات عسكرية. كذلك أعلنت إسرائيل إنهاء استنفارها على حدودها مع لبنان.
أمن واقتصاد وسياسة
المصادر تعطي الأولوية لمتابعة الآليّات التنفيذية للاتفاق، أهمها بدء الشركات النفطية الاستكشاف والتنقيب، وإقامة البنية التحتية القادرة على تقديم الخدمات اللوجيستية لهذه الشركات. وهذه إجراءات ستساعد في توفير بعض مجالات العمل والتخفيف من الضغوط الاقتصادية. لكن التوسّع في هذه الأعمال يحتاج إلى استقرار سياسي داخلي في لبنان، يرتبط بالمسارعة إلى التوصّل إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وعقد تسوية سياسية تحقّق حالة من التعاون والاستقرار بين مختلف الأطراف اللبنانية في المرحلة المقبلة.
وأشادت المصادر بأداء حزب الله خلال الأسابيع الماضية ومواقف المسؤولين فيه من التفاوض والترسيم، لأنّها ساعدت في التوصّل إلى الحلول العمليّة ولم تعرقل المفاوضات على الرغم من أجواء التوتّر الإقليمية والدولية وعدم التوصّل إلى اتفاق في الملفّ النووي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وتدهور الأوضاع في فلسطين. واعتبرت أنّ هذه المواقف تشير إلى إمكان إعطاء الحزب المزيد من الاهتمام للشأن اللبناني الداخلي على الرغم من التوتّرات الخارجية.
التطبيع والرئاسة
كما أبدت المصادر اهتماماً كبيراً بمعرفة مدى تأثير هذا الاتفاق على “التطبيع” في المنطقة بين الدول العربية والكيان الصهيوني، وسألت: هل دخول لبنان في مجال استخراج الغاز والنفط سيُدخله في شبكة العلاقات الإقليمية المعنيّة بقطاع الغاز؟ وهل سيؤثّر ذلك على اتفاقيات السلام في المستقبل؟
تدرك هذه المصادر أنّه لم يحصل توقيع مباشر بين لبنان والكيان الصهيوني، وأنّ ما جرى تمّ برعاية أميركية مباشرة، إلا أنّها تتوقع أن الاتفاق سيفتح الباب نحو آفاق سياسية جديدة في لبنان والمنطقة ما لم تحصل تطوّرات كبرى تطيح بأجواء التسوية وتعيد تفجير الأوضاع مجدّداً.
إلى ذلك تبدي هذه المصادر الدبلوماسية الدولية حالياً اهتماماً كبيراً بالمعركة الرئاسية ومصير الحكومة والخيارات الممكنة في المرحلة المقبلة وتأثير ذلك على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنيّة. وهي تتخوّف من إطالة أمد الفراغ الرئاسي وعدم التوصّل إلى اتفاق سريع بشأن رئيس الجمهورية الجديد لأنّ ذلك ستكون له تداعيات سلبية في المرحلة المقبلة في ظلّ توازن دقيق للقوى السياسية الداخلية.
وأكّدت المصادر أن لا خيار أمام اللبنانيين سوى الحوار الداخلي والقيام بالإصلاحات المطلوبة. لأنّ القوى الدولية والإقليمية مشغولة اليوم بملفّات كبرى، فيما لبنان ليس من ضمن الأولويّات لدى هذه القوى باستثناء الاهتمام الأميركي والأوروبي والدولي بملفّ الترسيم وتحقيق الاستقرار في لبنان والمنطقة. لذا على اللبنانيين المسارعة إلى إيجاد حلول للأزمة السياسية والاستفادة من التجربة العراقية الأخيرة، فالتسويات هي الطريق الوحيد للاستقرار والحلول المقبلة.