ومن لم يمت بإنفجار المرفأ مات بغيره. رحم الله اللبنانيين الضحايا ومن مات معهم من الجنسيات الأخرى لسوء حظه.
لكن موت اللبنانيين ليس سوء طالع. قبل سنة كان كل منّا يقول ربما كنت انا في تلك اللحظة هناك وماذا يمنع أن اكون انا الضحية التالية؟
وبالامس كان يمكن لكل مواطنٍ غاضب لم يجد دواء ولا خبزاً ولا ضوءاً ولا مروحة هواءٍ تعمل أن يكون ضمن الضحايا.
وغداً سيكون لنا سبب آخر الموت المجاني وربما يكون اي منا على الطريق من وإلى عمله او باحثا عن ” المقطوع” وما اكثره او يمشي بلا طلبات فقط يمشي او ينام في بيته.
كلنا بتنا معرضون بلا ذنب ولا حيلة.
فالبلد يعوم على المتفجرات والمواد القابلة للانفجار كما يعوم على الغاز والنفط. الفارق أن المتفجرات لا تحتاج توافقات دولية للخروج من محاجرها ملقية بنا بمزيد من التهلكة.
تنضم عكار إلى بيروت. من على اللائحة غداً؟
الاكيد ان حقد عكار وغضبها سيشتعل أكثر وان هناك من سيطل علينا مقطباً الجبين مطالباً بمعاقبة المتورطين ولن يكلف أحد العناء نفسه حتى للإستماع إليه، ثم ينهي كلامه ويذهب متبسماً.
———————-
اقرأ ايضاً للكاتب: سنة على اغتيال المدينة (5): لا حقيقة غير حقيقة الموت في حقول القتل | بقلم د. بيار الخوري
———————–
التهريب والتخزين والنترات والقتل المجاني هم أكبر من لبنان بل قد يكونون هم الدولة الحقيقية في لبنان. دولة فخّخت نفسها جيداً كي لا يستطيع أحد المس بها.
اذا كانت قلة تعلم بتخزين النترات فالجميع يعلم بتخزين المحروقات وعلى عينك يا تاجر والجميع يعلم بخطورة ذلك التخزين، لكن الدولة قد لزّمت منذ زمن للمقاطعجيين الجدد: لزّمت قصّ الثروات للمصارف، والدعم للوكلاء التجاريون والمحتكرون للمواد الأساسية والكهرباء لزعران الاحياء… ومع الجميع تجار الموت!
قطار الموت لن يقف هنا، والقاتل المتسلسل لن يقف هنا. ذلك القاتل هو الدولة الحقيقية، لأن نظام المافيا قد بات أكثر صلابة من النظام العام ولأن نظام المافيا والبزنس السياسي لديهما عقل بلا قلب فيما النظام العام بلا عقل ولا قلب!
سنسنصرخ الضمير العالمي مرة أخرى، وسنسُب امام الكاميرات مرة جديدة لكن قطار الموت سريعٌ جداً وحاذق جداً وعلى ظهره بركان متفجر لا زال يمتلك طاقة تفجير هائلة.