لبنان : وطن يطلب تأشيرة هجرة وقياداته يلعبون الورق | كتب فؤاد سمعان فريجي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
لم يشهد لبنان أزمة سياسية واقتصادية وسياسية كالتي تعصف به الآن !
إقفال المؤسسات التجارية وإفلاسها وغياب المشاريع الإنمائية وصاعقة اللعب بسعر صرف الدولار لحرق العملة الوطنية، وعودة مسلسل التوترات الأمنية المتنقلة آخرها مشهد محور ( الطيونة-عين الرمانة ) وأعتقد لن تكون الأخيرة !!
بالإضافة إلى عودة لبنان كساحة صراع دولية بين سياسات لا ناقة لنا بها ولا جمل، بين الشرق الشرق والغرب هوة عميقة من تاريخ وسم لنا سيل من الدم ومن فترة ما زالت شاهدة بالمآسي، خلاف أميركي روسي افضى الى حروب من الأعوام ١٩٥٨ و١٩٧١ و١٩٧٥ و١٩٨٢مرورًا بالخاتمة عام ١٩٩٠، والآن نعود الى اللعبة ذاتها مع تغيير في ديكور الصراع على الشرق الأوسط !!
مشهد ارتفاع منسوب العواصف الإعلامية، وحروب الدمار عبر مواقع التواصل الإجتماعي وشاشات التلفزيون وشعارات التفرقة والتي اعتقدنا يومًا أنها أصبحت من الماضي السيء، ها هي تعود بوتيرة مضاعفة حتى تكاد الأمور ان تخرج عن سيطرة العقلاء !
وكأن هذا الشعب لم ينسَ مشاهد الموت التي شهدها بيته الصغير، بل أعاد إيقاظ دماغه الذي يختزن القتل والتهجير، وأعاد طعنه في خصره مرة جديدة لأيقاظه من سباته العميق لتحطيم ما تبقّى من فتات وطن .
وكأنه كُتب علينا ان نكون بندقية للإيجار والرقص على مسرح المعاناة لنبقى خارج الحياة .
ومنذ العام ١٨٦٠ وحتى اليوم ٢٠٢١ وسبحة الحروب تتوالى، وفي إحصاء سريع لهذه اللعنات علينا أن نواجه كل ١٠ سنوات حربًا منها داخلية ومنها أيضًا خارجية اعتداءات واجتياحات من أرباب الخراب، والذين مازالوا يعقدون الصفقات وترتيب المخططات لزعزعة بنيان متصدع أبناؤه يتشاجرون بلا وعي مخمورين !!
أمام هذا الواقع المرير والذي قد يستمر فصولًا على حياة المواطن اللبناني، الذي أنهكته حتى الدوران الحالة الأقتصادية المزرية وفلتان الأسعار وارتفاع المحروقات والأقساط المدرسية، في دولار وصل سعره إلى ٢١ ألف ليرة، فيما الحد الأدنى للأجور مازال ٦٧٥ ألف ليرة، وأفراد أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية هؤلاء الأبطال والرجال يرزحون تحت سندان الرواتب المتدنية التي أكلها دولار السوق السوداء وناهبي المال العام من السياسيين، يقفون وحدهم حراس على الجمهورية لمنعها من الإنزلاق نحو المجهول .
وطن بكامله من النهر الكبير حتى رأس الناقورة يصطف في طابور الهجرة أمام السفارات الأجنبية يتوسل تأشيرة هربًا من ظالمين قتلة سماسرة يجلسون خلف مكاتبهم ورائحة الفضائح تفوح من وجوههم التي تشبه المقابر .
وفي إحصاء سريع ثبت أن ربع مليون لبناني غادروا بلدهم للهجرة خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الجاري..
وأن نحو 90% من مواطنين لبنانيين من حملة الجنسيات الأجنبية غادروا البلد في سبتمبر / أيلول الماضي بهدف الهجرة .
وما أشار مكتب اليونيسيف في بيروت الى أنّ الأزمات غير المسبوقة في لبنان أدّت إلى فقر العائلات التي كانت سابقًا في وضع هشّ للغاية.
وأظهر أحدث تقييم أجراه اليونيسيف في لبنان أنّ 3 من كل 10 أطفال يخلدون إلى النوم جائعين أو يتخطون وجبات الطعام .
رغم هذه المآسي القاتلة وقيادات البلد تعيش على دموع المهاجرين والمرض والفقر، وهم جالسين خلف مكاتبهم وحاشياتهم غير مبالين، لأن أبنائهم وعائلاتهم يعيشون في أوروبا وأميركا وبلاد الصخب والسلام .
مواطنين أكلتهم هموم العيش يضعون وطنهم في حقيبة سفر وآخرين ينتظرون ، يخبئون دموعهم خلف الكمامات هربًا من جحيم الموت البطيء .