لتخرس أبواق المذهبية فهي تؤدي إلى إنتاج الدويلات | بقلم المحامي عمر زين
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
الكلام عن المذهب وما يريده بعض أصحابه الذين يغذون هذه النزعة صباح مساء ويطرحونها ويتاجرون بها على المستوى الوطني أمر يثير الريبة، والحساسيات ويؤدي الى انتاج دويلة ضمن الدولة، وهذا الامر يرتقي الى مستوى الخيانة، وأمر مشبوه بحيث تحل العصبية محل الحوار مما يشكل تهديدًا للسلم الاهلي، وتقوقع افراد المذهب كل في كانتونه، تصوروا ان الثمانية عشرة طائفة مع مذاهبها تعزف هذه المعزوفة فعلى ما هو سيكون مصير الوطن ومصير الدولة الى الهلاك والزوال طبعًا، فلا يمكن مثلًا للسنة او للموارنة او للشيعة وغيرهم ان يفكر كل منهم بالتفرد والاكتفاء بأنفسهم والعمل على الاستنهاض الطائفي والمذهبي بديلًا عن الاستنهاض الوطني، حيث يكونوا يلعبون لعبة التقسيم ولعبة التجزئة والشعوبية الجديدة التي تخطط لها قوى الاستكبار العالمي وتعمل لها الصهيونية العالمية والكيان العنصري على ارض فلسطين، وتبدأ عندها حرب البيانات، وبعدها حرب فعلية بين الاخوة في الدائرة الصغرى (دائرة الطائفة والمذهب) لتشمل لاحقًا بين الاخوة في الدائرة الكبرى (دائرة الوطن)، فحذاري حذاري ان نقع بهذا الفخ المميت.
واعتقد جازمًا ان شعبنا اللبناني لديه المنعة وحسن التفكير والايمان بأنه سوف لن يعطي الفرصة لهؤلاء التجار ان ينجحوا في مخططاتهم تنفيذًا للمؤامرة الكبرى، ومن هنا علينا تعزيز هذه المناعة والايمان لدى العامة، والانتباه الشديد الى هؤلاء التجار المذهبين الذين يتصلون بالمصدر المخطط ويتبعون توجيهاته، وان هذا التعزيز الذي نتحدث عنه يقتضي ان يوجه الى المواطن البريء الذي لا يفطن الى مخاطر الانزلاق والوقوع في تصرفات هي في النهاية عدوة له ولوطنه ولوجوده.
من اجل ذلك ندعو رؤساء الطوائف الى اقفال منابرها التي يقوم من خلالها المذهبيون ببث سمومهم على مدار الساعة لان هؤلاء مصرون على استعمالها عن سؤ نية مبيتة ومقصودة.
وننبّه الى ان بعض الافراد والجماعات والزعامات والطوائف والمذاهب عليها الاقلاع من ان تأخذ من لبنان الوطن لتبني نفسها، لان ذلك في حال استمراره تكون تبني على انقاضه، حيث ان الدولة هي المسؤولة عن امن المواطن وامانه واطمئنانه وليس مذهبه، والدولة هي المسؤولة عن صحة المواطن وحقوقه وتعليمه وتأمين المساواة والعدالة في الوطن وليس الطائفة او المذهب.
ولا بد من التأكيد ان الكلام في الطائفية والمذهبية يحييها ولا يميتها، من اجل ذلك فإن العمل لتحقيق المساواة بين اللبناني واللبناني هي الطريق الصحيحة وليس كما يشاع ويطالب به بأن تتساوى الطوائف بعضها ببعض لان هذا يعني بوضوح تعزيزًا للدويلات ليس الاّ.
ان ما وصلنا اليه هو نتيجة العقلية العفنة الانطوائية التي كان من نتائجها لكل مذهب جامعاته، ومدارسه، وفرقه الكشفية، وأعلامه، وإعلامه، ونشيده، ومشاريعه على انواعها، مما ادى الى تعرض الدولة والمؤسسات للاهتزاز.
من هنا بدأنا نسمع اصواتًا للفيدرالية والكونفودرالية وغيرها التي تخفي التقسيم والتجزئة مما يحتّم على كل القوى الحية في المجتمع اللبناني ان تتّحد وتضع نصب أعينها كيفية الرد على هذه المؤامرة الخبيثة والقضاء عليها ووضع أسس العطاء للوطن والنهوض به.
ونردد هنا ما قاله دولة الرئيس تقي الدين الصلح بهذا الخصوص:
“اذا توقف ابناء الوطن عن العطاء توقف الوطن عن البقاء”
وما قاله ايضًا:
“اتمنى ان يأخذ اللبنانيون من تلك الآلام والجراح عبرة ودرسًا للمستقبل بحيث لا يفسحون المجال لان يكون وطنهم الصغير ساحة يلعب بها او يتصارع عليها اي فريق شقيقًا كان أم صديقًا فضلًا عن العدو”.
لقد آن الاوان ان نستيقظ، ونطرد المتآمرين من حياتنا السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.