ماذا بعد نصر الله !!؟ | بقلم علي الهماشي
قد تكون النقطة التي نتفق عليها أننا على أعتاب مرحلة جديدة لحزب الله وللبنان وللمنطقة، فرجل قاد الحزب لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن لابد أن يكون أثره كبيراً .
وعلينا أن نناقش هذه المسألة بموضوعية ، لأنَّ الظروف التي فُقد فيها ليست ظروفاً طبيعية ، وانما جاء بفعل العدو الصهيوني بعملية اغتيال لم تؤخذ بها الأبعاد الإنسانية إطلاقا، مع وجود مناوشات عسكرية منذ عملية طوفان الأقصى .
وجاء الحادث بعد سلسلة عمليات إغتيال لعدد من القادة الميدانيين،ثم تفجير أكثر من 3000جهاز إتصال لدى أعضاء الحزب من العسكريين والمدنيين وسببت إصابات مباشرة .
كل هذه العمليات أعطت انطباعاً بأن قدرة الحزب العسكرية قد تم تحييدها بشكل كبير، ولعلنا نترك النقاش في هذا الجانب حتى الأيام المقبلة التي ستكشف المستور ،ولا بد من التذكير أن حرب تموز 2006 كانت البدايات تُظهر تفوقاً صهيونياً ثم بدأت المعادلة تنقلب شيئاً فشيئاً ..
نعود لموضوعنا الأهم ماذا بعده!؟
فرجل كان على هرم القيادة ومن الجيل الأول للحزب ونشأ جيل كامل على يديه حتى أصبحوا رجالاً و وعوا مسؤوليتهم فكانت هناك علاقة روحية أبوية تنظيمية بين الأمين وبين كوادر الحزب ومن هذه النقطة يمكن أن نقرأ مدى تأثير هذا الغياب، وساتحدث عن هذا الأمر بشقيه الإيجابي والسلبي، الأمر الإيجابي في هذه المسألة نستخلصها من بيان السيد الخامنئي في تأبينه “كان نهجاً ومدرسةً سيتواصلان إلى الأبد …” ، ولهذا سيستمر الخط سواءً بقت الآلة العسكرية أم لم تبقَ.
ونأتي لنناقش الامر من ناحية أُخرى سلبية من خلال ما كان لهذه العلاقة من أثر نفسي ، إضافة إلى أن التنظيمات الدينية غالباً ما تصنع نوعاً من (القدسية ) لقادتها ، ويبدأ تأويل الأفعال والأقوال ليتم ربطها بالغيب !!.
ولعلها من أخطر الأمور التي تصيب الأحزاب الدينية ، بل أحد الأمراض الخطيرة التي ممكن أن تسبب انهيارًا لهذه الحركات. بحيث يختفي التنظيم في الزعيم، حيث يغلب خط البطل على خط الرسالة.
وهذا ما جرى مع الأمين العام (رحمه الله) ،حيث طغت شخصيته على هيكلة الحزب ،سيما بعد الانتصار في حرب تموز 2006.
لكن مثل هذه الأمور قد تؤدي إلى نكسة روحية وتحدث هزةً نفسيةً تصل الى مستوى الردة لا سامح الله ، وحسناً فعل السيد هشام صفي الدين المرشح الأقوى لخلافة الأمين في خطابه الأخير في حينما استذكر الآية القرآنية { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} ليؤكد منهجاً مهماً في التعامل مع الأمور بواقعية وبمنهجية موضوعية ويمكن أن نتعرض لخطابه في وقت لاحق.
فالرسول الكريم (ص) كان يؤكد على بشريته للصحابة وللمخالفين ، ولكل مَنْ يريد أموراً خارقة لإثبات رسالته وهو يريد مناقشة رسالته بواقعية ، فهو وإن كان رسولاً إلا أنه لا يقوم بأمور خارح قدرات الإنسان { قل انما أنا إلا بشر مثلكم} الفرق { يوحى إلي } .. ولا أمور خارج إطار الطبيعة إلا ما تقتضيه الرسالة.
هذا ما كان للرسول (ص) الذي كان الوحي معه ، فكيف بنا ونحن لانملك معشار ما ملكه الرسول .
على مستوى لبنان :
في لبنان بلد الزعامات وأمراء الحرب والطوائف ومن الصعوبة أن تكون زعيماً مقبولا على مستوى لبنان ، والعديد من الزعامات هي وراثة لمن قبلهم ، والسيد حسن نصر الله ذلك الشاب التي جاء من ساحة العلم ليتوجه لساحة الجهاد ، بنى زعامته دون أن يقصدها أو يكون ذلك هدفه مع الآخرين ، ولم يعُد فارق العمر مع الآخرين يمثل حاجزاً نفسياً، أو تفوقاً للاخرين عليه، بل كانت دُعابته وأريحيته من السمات التي فرضت مقبوليته عند الآخرين ، فكانت الزعامة تليق به ولم يكن بحاجة إلى بروتوكولات السياسة وأبجدياتها معهم ، بل فرض واقعاً جديداً في الخارطة السياسية بين زعماء الأحزاب والطوائف في لبنان ، ولا شك أنه سيخلف فراغاً كبيراً ، وسيحمل من بعده عبئاً كبيراً لملئ هذا الفراغ !.
أما على مستوى المنطقة كما هو مستوى لبنان بدأ الحديث عن خارطة سياسية جديدة في المنطقة ، لأنهم يتوقعون انهيار الحزب بعد استشهاد زعيمه ،وعددا من قادته وكوادره الوسطى ، ولعل ذلك مرتبط بنتائج المعارك المقبلة مع العدو ..
وتتعلق بقوة تماسك الحزب ورد فعله على المستوى الداخلي في الطائفة الشيعية أولا ومن ثم على مستوى مواجهة العدو .
وعلى المستوى الوطني لا نخفي سراً إنْ قلنا إنَّ لسلاح حزب الله دوراً أساسياً في الاستقرار وفي تحديد الخطوط وحتى في حقوق لبنان التاريخية وإذا كنا صريحين اكثر إنَّ مسألة التطبيع مع الكيان تتوقف على بقاء الحزب كقوة سياسية عسكرية فاعلة في هذا البلد .
وهو العقبة الرئيسة في هذا المجال .