من يمسك أوراق الترسيم والتنقيب والاستخراج؟ بقلم د. ناجي صفا
نود أن نرحب مجددًا بالكاتب المخضرم الصديق الدكتور ناجي صفا بعد العارض الصحي القاسي الذي ألمّ به خلال الشهرين الماضيين. نتمنى للدكتور صفا دوام الصحة ودوام العطاء من فكره الجريء وقلمه الغني بغنى عمره وتجربته.
قد يستغرب البعض ان يتجرأ كاتب بالقول إن غاز ونفط الكيان الصهيوني قد أصبح رهينة بيد حزب الله. يعد هذا الكلام بالمعايير السابقة ليس مبالغة فحسب. وانما نوع من الهراء. باعتبار ان اسرائيل كانت دائمًا تتمتع بالتفوق في مختلف حركة الصراع بين العرب وإسرائيل ما يؤهلها لتنفيذ مشاريعها وفق الرؤية التي تحددها دون رادع او قلق من مواجهة او ردة فعل.
ربما يعتبر البعض ان هذا الكلام يحاكي الرغبة اكثر مما يحاكي القدرة…
لكن الحقائق الميدانية التي كرستها انذارات الترسيم ونواظم التنقيب والاستخراج التي اعلنها حزب الله ترسم ذلك.
لم تعِر اسرائيل أي أهمية أو قيمة سابقًا لما يتعلق بالمصالح اللبنانية او حتى العربية بشكل عام. كانت تتصرف دائمًا وفقًا لرؤاها ومصالحها دون حساب للآخر. لذا تحدثت اسرائيل عن استخراج النفط والغاز من حقل كاريش وربما حقل قانا او أي مساحة غنية بالنفط والغاز على الشواطىء المشتركة مع لبنان دون أن تعير موقف لبنان أية أهمية وأعلنت أنها ستبدأ التنقيب وتعاقدت مع الشركات المنقبة ووضعت لبنان أمام أمر واقع يشبه موقع الأيتام على موائد اللئام..
لم تحسن الدولة اللبنانية إدارة المفاوضات الحدودية وبدت مضطربة في سلوكها وأدائها نتيجة اعتبارات تتصل بشكل ونوعية العلاقة بين الطبقة السياسية و الإدارة الأميركية وهي علاقة تبعية حتى لو على حساب الثروة الوطنية وحقوق المواطنين.
شعر الشعب اللبناني ان حقوقه في ثروته النفطية والغازية مرشحة للضياع والتنازل لحساب العدو. وان دولته لا تقوم بما ينبغي للحفاظ على هذه الحقوق.
كعادتها كانت المقاومة جاهزة لحفظ الحقوق. كان انذارا اوليا بادىء الامر لم تعره اسرائيل كبير اهتمام استنادًا الى قوتها من جهة والموقف الاميركي الحاضن من جهة اخرى.
قامت الطائرات المسيرة للمقاومة بمناورة فوق محطات الحفر والإستخراج. كان ذلك كافيا لإبلاغ العدو ومن يعنيه الامر بجدية موقف المقاومة الذي عبر عنه سماحة السيد بانه لن يكون غاز او نفط للعدو ما لم نضمن ونستخرج غازنا ونفطنا بصرف النظر عن المعادلات التي يجري العمل على ارسائها في المنطقة.
الغاز الإسرائيلي تحول الى رهينة بيد المقاومة. فالحظر لا يطال حقل كاريش فحسب. وانما بقية الحقول الاخرى على طول الساحل الشرقي لفلسطين المحتلة وهذا يعني حقلي لفيتان وايتامار ايضا.
اسرائيل محكومة بثلاث عناصر تجعلها مضطرة لان تقدم التنازل للبنان :
اولا رغبتها في الإنضمام الى النادي الدولي للدول الغازية والنفطية الأمر الذي يعزز من مكانتها الإستراتيجية في المنطقة والعالم.
ثانيا : تنفيذ الإلتزامات التي وقعتها مع اوروبا بتأمين الغاز البديل للغاز الروسي قبل ان يبدا صقيع الشتاء القاتل وكذلك استمرار توريد الغاز لمصر لتقوم الاخيرة بتسييله وبيعه.
ثالثا : استثمار الموارد الخاصة بما يعزز موقع اسرائيل الإقتصادي ويؤمن لها استهلاكها الداخلي. ناهيك عن دورها في الكونسورتيوم الذي يجري العمل عليه لغاز منطقة الحوض الشرقي للبحر الابيض المتوسط.
اذن كل هذه المعطيات الضاغطة اضافة الى الرغبة في الإسراع باستخراج ااغاز قبل فصل الشتاء وعدم الذهاب نحو الإشتباك الذي يضرب الإستراتيجية كل هذه المعطيات والتحولات باتت مرهونة بقرار المقاومة فهي التي تحدد الترسيم من جهة والإستخراج والتنقيب من جهة اخرى.