هل انتهى لبنان الذي نعرفه وتحول لكوريا الشمالية | بقلم ناجي أمهز
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
منذ عاميين انتقدني أحد رجال الدولة على مقالي كتبته عن لبنان الذي يتحول من كوريا الجنوبية إلى كوريا الشمالية.
بالأمس كان هناك حديثا بيني وبينه، وتحدث عن المعاشات التي لا تغني عن حاجة، ولا تسد رمق، وكيف أصبح اللبناني يقتصد بكل شيء، وحمل هما فوق همومه، فاليوم المواطن يفكر كيف سيسدد فاتورة الاشتراك، وباي طريقة ويرسل أولاده الى المدارس حتى المجانية منها، بسبب الارتفاع الجنوني للنقل وغياب النقل العام.
وختم بصوت مخنوق كيف سيعيش الموظف الذي ليس له الا معاشه او تقاعده.
منذ أسبوع أخبرني أحد الأصدقاء قصة لا يصدقها عقل، ان قريبه توفى، فأرسل رسالة الى ابن قريبه قال فيها، ابن …. لا اعرف ماذا أقول لك، لكن مشاركتي بالعزاء قد تكلفني فقط تنقلات ما يقارب مليوني ليرة ذهابا وايابا بسيارتي، فقررت ان احول لك المبلغ قد يساعدك بالعزاء واعذرني.
وتشير التقارير انه بسبب ارتفاع أسعار المحروقات خفض الاستهلاك بنسبة أربعين بالمائة على مادة البنزين، وأيضا أسعار قطع غيار الاليات ارتفعت بشكل جنوني مما ينذر بحالة كساد للسيارات التي ستتعطل، وتركن على ارصفة الطرقات.
ونشرت صحيفة الاخبار تقريرا حول كل تلك الأسباب أوصلت إلى الخلاصة التالية: 40% من الأسرّة في المستشفيات باتت شاغرة، بعدما خفّ الطلب على الاستشفاء أخيرًا. وقد دفع هذا الشغور بعددٍ من المستشفيات إلى إقفال بعض الأقسام التي باتت فارغة كليًا تخفيفًا للتكاليف. تتمة هذه الخلاصة، هو أن الخدمة الاستشفائية تستحيل شيئًا فشيئًا لتصبح للأغنياء فقط. إذ لم يعُد في متناول “الطبقات” الأخرى تحصيل الحق في الطبابة، بعدما أصبحت فروقات الفاتورة الاستشفائية بالملايين.
وهو ما يعيد التذكير بتصريح نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة، سليمان هارون، قبل أشهر عندما قال إن المستشفيات لاحقًا لن يدخلها سوى الأغنياء. وها قد أتى “لاحقًا” الذي بات فيه الفقراء يصلون إلى المستشفى “على آخر نفس”، وبعد أن يستنفدوا الطاقة على تحمل الأوجاع.
اما أسعار الدواء ” سلام قولًا من رب رحيم “
حتى عمليات البيع والشراء بواسطة “الديليفري” أصبحت تخضع لشروط تسعيرة التوصيل، مما يعني زيادة على الفاتورة الغذائية التي أصبح المواطن عاجزا أساسا عن دفعها.
حتى الدجاج والاسماك واللحوم التي أصبحت من الذكريات الجميلة، وان كان هناك من كنز وادخر لشراء نصف كيلو، فانه سيجد صاحب “الملحمة” قد عاد به الزمن الى مكنة فرم اللحمة التي تعمل على اليد، تخفيفا لأعباء استهلاك الكهرباء.
حتى على مستوى الانترنت فان الشعب اللبناني انخفض استخدامه للأنترنت بنسبة عالية، اما بسبب انقطاع الكهرباء او بيع اجهزته (كومبيوتر ) وهواتفه، او ربما تقاسم الوقت مع أولاده الذين يتابعون الدروس (اونلاين).
اما الأطفال والذي حلمهم الصغير هو على عائلتهم كبير، زجاجة حليب، ثلاث مرات يوميا، بظل أسعار ارتفاع قاتل لأسعار مجامع الحليب، حتى حليب الابقار الطازج أصبح متعذر.
من المفارقات الجميلة، ان شاب أخبرني انه ترك خطيبته، فسألته لماذا:
قال بحال تزوجنا هل معنا ان نشتري الحليب وان ندفع ثمن اللقاحات، او ان نعلمه ونطببه ونكسيه.
حقيقة مؤلمة.
للأسف لبنان ينقرض شعبا، وينهار على كافة المستويات، والسياسيين مختلفين على جنس الملائكة السياسية.
وللأسف اننا في بداية الازمات والقادم مرعب ومظلم وظالم.
والشعب في سبات عميق.