الاحدثالملف العربي الصيني

خمسون لبنان والصين (الجزء الثالث والعشرون ): العلاقات اللبنانية الصينية ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا | بقلم معن بشور

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

كان مطلب قيام علاقات ديبلوماسية بين الصين الشعبية ولبنان واحدًا من المطالب الرئيسية للوطنيين اللبنانيين خلال فترة الستينات، اذ لم يكن يصدر بيان عن هذه القوى ، مجتمعة أو متفرقة، إلا ويتصدر هذا المطلب الذي لم يكن ينظر اليه كمجرد دعوة لإقامة علاقات بين دولتين ، بل مطلب يعبّر عن رغبة العديد من اللبنانيين بالخروج من املاءات القوى الغربية الكبرى التي كانت تسعى بعزل الصين بعد انتصار ثورتها الكبرى عام 1949 وتحاول ان تحصر تمثيل الصين الكبرى بين دول العالم بدويلة صغيرة كان اسمها الصين الوطنية..

ومن يقرأ التاريخ اللبناني المعاصر يلاحظ ان قيام علاقات بين الصين ولبنان قبل خمسين عامًا جاء كأحد مؤشرات التحول الهام الذي مرّ به لبنان وأحد مظاهر خروجه نسبيًا من عباءة هذه الهيمنة الغربية…

ونستطيع اليوم ان نقول ” ما أشبه اليوم بالبارحة” ففي لبنان تيار كبير يسعى الى توجه لبنان شرقًا، وتحديدًا نحو الصين التي أبدت مرارًا استعدادًا عبر رئيسها وكبار مسؤوليها لمساعدة لبنان في النهوض اقتصاديًا والخروج من القاع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي أوصلته اليه السياسات المعتمدة من قبل المنظومة الحاكمة .

وفي لبنان اليوم، كما في الماضي، قوى خارجية ذات امتداد محلي تحاول بكل ما تملكه من وسائل وضغوط أن تمنع لبنان من تنمية علاقاته الاقتصادية والتجارية بالصين ودعوة الصين الى المساهمة في إعادة اعماره على غير مستوى .

واغلبية اللبنانيين يدركون اليوم، كما ادركوا في الماضي ، ان في قيام علاقات اقتصادية وتجارية وإعماريه مع الصين أمر يجمع بين هدفين مهمين عند اللبنانيين هما استقلال القرار اللبناني، وتنمية الاقتصاد اللبناني، بل ويدركون أيضًا ان الحصار المفروض على لبنان اليوم هو قرار سياسي لا يمكن مواجهته إلا بقرار سياسي جريء عبر الانفتاح على دول يمكن لها ان تساعد لبنان، لكن لبنان ممنوع من الاستفادة منها..

والصين التي باتت تمتلك ثاني أكبر اقتصاد في العالم ، تملك من القدرات الاقتصادية والخبرات المضنية ما يمكنها من مساعدة لبنان على التخلّص من أزمته الراهنة، ومن كافة أزماته البنيوية المزمنة لا سيما في مجالات الكهرباء والنقل. كما بات معروفًا من العروض الصينية على لبنان، ناهيك عن حاجة الصين العملاقة الى بلد صغير كلبنان له موقع استراتيجي مهم، ومكانة حضارية وثقافية مميّزة في المنطقة، وذلك في اطار مشروع “الحزام والطريق” الضخم الذي تنفق فيه الصين مئات المليارات من الدولارات…

لكن العلاقة بين الصين ولبنان، بل بين الصين وكل بلداننا العربية، تتعدى الجانب الاقتصادي والتجاري ( وان كانت القيادة الصينية تحرص على التركيز على هذا الجانب في علاقاتها مع الدول المختلفة)، الى الجانب السياسي حيث يشترك الشعبان الصيني واللبناني مع العديد من شعوب العالم في الرغبة في إقامة نظام عالمي متوازن ومتحرر من الهيمنة الأميركية وقادر ان يوفر ضمانات الاستقلال والتنمية لمختلف دول العالم بعيدًا عن الاملاءات السياسية والاقتصادية الخارجية التي وقفت وراء العديد من الأزمات التي تعيشها هذه الدول…

واذا كان اللبنانيون قد خاضوا في ستينات القرن الماضي بقيادة زعمائهم واحزابهم الوطنية معركة قيام علاقات دبلوماسية بين الصين ولبنان، فان لبنانيي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مدعوون على المستوى الرسمي والشعبي للتحرك من اجل قيام علاقات سياسية واقتصادية وتجارية مثمرة تسهم في إخراج لبنان من محنته المتنامية، وتعزز إرادة شعبية في الاستقلال والتنمية وبناء عالم اكثر عدلًا وتوازنًا.

لمتابعة باقي أجزاء السلسلة : اضغط هنا

معن بشور، الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي

معن بشور كاتب سياسي قومي عربي لبناني، الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي. حصل على شهادة بكالوريوس اقتصاد من الجامعة الأميركية في بيروت وإجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية. عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي ونائب أمينه العام (2000-2003) وأمينه العام (2003-2006). عضو لجنة المتابعة في المؤتمر القومي الإسلامي منذ تأسيسه. تولى مسؤوليات قيادية بارزة في حزب البعث العربي الاشتراكي وحضر مؤتمره القومي الثامن عام 1965، وخرج منه في عام 1975 ليشترك مع عدد من رفاقه في تأسيس تجمع اللجان والروابط الشعبية الذي يتولى الآن مسؤولية منسقه العام. عضو قيادي في العديد من المؤسسات السياسية والإعلامية الفلسطينية، وكان أول عضو غير فلسطيني ينتخب في الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين في مؤتمره الثاني في تونس عام 1977. عضو مؤسس للمؤتمر الوطني لدعم جنوب لبنان عام 1968. عضو مؤسس في المنظمة العربية لحقوق الإنسان عام 1982، والمؤتمر القومي العربي عام 1990، والمؤتمر القومي الإسلامي عام 1994. المدير العام لدار الندوة في بيروت حتى عام 2004. رئيس اللجنة التحضيرية لملتقى القدس الدولي في إسطنبول عام 2007. المشرف العام على مجلة «المنابر» اللبنانية الثقافية. المشرف العام على مخيمات شباب لبنان الواحد، وعضو هيئة الإشراف على مخيمات منظمة الشباب القومي العربي والعديد من الهيئات والجمعيات الشبابية والاجتماعية. الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي عام 1997، والذي أطلق حركة ثقافية عروبية في لبنان وقاد العديد من أنشطة التضامن بين البلدان العربية. شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات العربية والدولية وحاضر في العديد من العواصم والمدن العربية والأوروبية. عضو مجلس أمناء لجنة المتابعة لقضية المعتقلين اللبنانيين في سجون الاحتلال «الإسرائيلي»، وعضو الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان، عضو الجمعية الصحية اللبنانية. منسق الحملة الأهلية لنصرة فلسطين والعراق التي قادت المسيرات والتظاهرات والاعتصامات ضد الحرب على العراق وفلسطين. عضو مؤسس في مؤسسة القدس، وعضو في مجلس إدارتها. عضو مؤسس في اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة التي تأسست في دمشق في مطلع العام 2001. عضو مؤسس في الهيئة الوطنية لمقاومة التطبيع، وفي اللجنة الوطنية للدفاع عن المعتقلين. ■ مؤلفاته دولة بعض فلسطين. في سبيل الوحدة العربية. بيروت من الحصار إلى الانتفاضة. الحركة العربية الواحدة. إشكالية العلاقة بين العروبة والإسلام. العروبة الجديدة. مقاومة التطبيع أفكار وأساليب. إشكالية التغيير السياسي وسبل تحقيقه. التجربة الحزبية العربية، ما لها وما عليها. بالإضافة إلى مقالات ودراسات في العديد من الصحف والدوريات اللبنانية والعربية حول قضايا النضال العربي والمشروع الحضاري العربي والديمقراطية والمجتمع المدني والاقتصاد العالمي والتجارب الحزبية والحرب اللبنانية. مقالات هذا المؤلف (189) من وحي الانتصار الأرض تقاتل مع أهلها ثورة يوليو والنداءات الثلاث التضامن الحقيقي مع أسرى الحرية عشية ذكراها 62.. غزة وثورة يوليو نتنياهو والهروب إلى الأمام 25 أيار 2000:من تحرير الأرض...إلى تحرير الإرادة 5 آب 1982 يوم من أيام الكرامة العربية نوبل الآداب والطب... في صلب مشروعنا النهضوي المحمود أبو محمود من حرب على سورية إلى حروب على روسيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى