حوارية ثنائية لتهنئة الجيش، عابرة لكل مواسم التبريك المستحقة والظرفية
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
في غمرة التنافس الجماعي (الموسمي) على تهنئة الجيش اللبناني بعيده السادس والسبعين في الأول من شهر آب، متعدد الدوافع في معظمه حتى ليشمل بعض من امعنوا على امتداد السنين في النيل من منسوبي المؤسسات العسكرية والأمنية (العاملين والمتقاعدين) سواء على المستويات المعنوية ام المادية؛ وباسلوب يحاكي التقليد ” للموضة الرائجة “en vogue على نحو ما وصفها العالم الاجتماعي تارد Tard ؛ فانني لا أجد اصفى واجمل واصدق تقديرا، بل تعظيما، لتضحيات هذه المؤسسة قيادة وضباطا ورتباء وأفراد، من استحضار حوارية ثنائية عابرة لكل مواسم التبريك المستحقة لهذا الجيش الوطني الثابت على عقيدته المقاومة للعدو الاسرائيلي والملتزم وفاءاً لقسمه بالتضحية في سبيل حفظ الوطن وسلامة المواطنين…
والحوارية هذه تمت بتلقائية موسومة بإطارها العلمي والموضوعي الذي يترجم منطلقاتها الانسانية ومعاييرها الوطنية…
لزميلتي وصديقتي المبادرة اليها، البروفسورة نهى الغصيني، خالص مودتي وتقديري، مع استماحتها العذر لنشرها على سبيل الاسترجاع Retrospection تداركا، بل تجاوزا، ” لتوهم المستقبل السابق او المنقضي illusion du futur antieur ” على غرار ما جاء في مقاربات برغسون Bergson الفلسفية.
I
للمرة الثانية على التوالي، حصلت على شرف المشاركة في الحلقة البحثية العلمية المتخصصة في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان حيث الفخر، الكرامة، العنفوان والشرف الحقيقي يتجسد في عيون أبطال الوطن. إنهم فرسان البطولات، حماة الوطن وحراسه، عنوان الكيان الصامد والوفاء الصحيح الذي يستقوي على الموت.
إنتابني شعور الفخر والإعتزاز والرهبة في آن معاً، عندما قدمت محاضرتي لأكثر من ساعتين، كما أغتنيت بأسئلة ضباط الأركان ومداخلاتهم القيمة. كنت فخورة بهم جميعا ، ولفتني جدا قلقهم الكبير على وطنٍ قد يسقط تحت ركام التطورات الداخلية والخارجية
كم هي واسعة تلك المساحة الجميلة التي يحتلونها كجيش لبناني في قلوبنا وفي وجدان الوطن، وكم نحن مقصرون – مواطنون ومسؤولون في مواقع السلطة، مقصرون في دعمهم وفي تفعيل حبنا الكبير لهم.
قد نيأس من أوضاع البلد، ويزيد خوفنا عليه من التلاشي، ولكن يبقى لنا الأمل والرجاء بالجيش اللبناني، الواحد والموحِد الذي يحمل الوطن في حنايا روحه ويحميه ، ويذود عنه متحدياً عين الخوف ومبدداً اليأس فينا كي نعطي وطننا بمقدار عطاءاته الحقة في بذل الذات بدون قيد ولا شرط. الله يحميهم ويحمي بلدنا.
شكرا للعميد المتقاعد الدكتور فضل ضاهر Fadl Daherلدعوتي الى هذه الندوة القيمة ستبقى ذكرى هذه المحاضرات محفورة في وجداني وتعني لي الكثير الكثير، غير تلك التي أقوم بها منذ سنوات طويلة في لبنان وفي الخارج
أ.د. نهى الغصيني
II
الصديقة والزميلة العزيزة الدكتورة نهى الغصيني،
للمرة الثانية على التوالي ،وامام دورتي الاركان العامة ٣٢ و ٣٣ في كلية فؤاد شهاب للقيادة والاركان، يسعدني تلطفك، بتلبية دعوتي لرفدنا،حضرات الضباط وانا، بمخزون معرفة معمقة وخبرات واسعة ذات اثر واضح في انجاح الندوة التعليمية والتدريبية المتخصصة حول” اطر وآليات التعاون والتنسيق بين الاجهزة والمؤسسات المعنية بالامن والدفاع الوطني”،والتي دأبت على تنظيمها وادارتها منذ سبع سنوات، تلبية لطلب حكيم من قيادة الكلية الرائدة والمتميزة ،وبتشجيع ورعاية رشيدة وكريمة من قيادة جيشنا الباسل.ومن منطلق المعايير المفاهيمية والمنهجية العلمية التي نتشاركها ، اسمحي لي سيدتي بالقول ان محاضرتيك شكلتا مقرّرا تعليميا محكّما cours magistral سواء في المحور المتعلق” “بالادوات والآليات القانونية والاجرائية للتعاون والتنسيق في اطار مشروع اللامركزية الادارية الموسعة” الذي كانت لك بصمات واضحة في معرض اعداده،ام في المحور المتصل “بالبرامج والخطط المعدة مسبقا للوقاية من الكوارث الطبيعية والجنائية ولتنظيم وادارة عمليات مواجهتها والحد من مخاطرها (لاسيما الافعال الارهابية)”,وقد اغنيته بحثا وتحليلا بالاستناد الى التوجهات الدولية الحديثة لتعزيز مفهوم “المدينة المرنة” سبيلا الى تحقيق” اهداف التنمية المستدامة ” ( SDGs ) كما وردت في تقرير الامم المتحدة للالفية.
الى جانب ذلك,فلقد كان مؤثرا ولافتا ما طرزتي به مدونتك حول مجموعة الصور المرفقة بها ،فبلاغة ودقة تعبيرك بوحٌ وجدانيٌ صادقٌ يصلح درسا في المواطنة ويترجم حقيقة ورسوخ انتمائك الحقيقي للقيم وللمبادئ الانسانية السامية في زمن الردة واستسهال الكبائر وانتهاك حقوق الانسان, حيث التزاحم على “الركون الى الظلم والى الظلمة” دون خشية من حسيب او رقيب, وحيث المجاهرة بالافتئات على المكتسبات المشروعة لقطاعات وشرائح واسعة من المجتمع وابنائه الكادحين والمتفانين في خدمة االوطن والمواطن. فهل هنالك ما هو اشد ظلما من الامعان ,عن سابق تصور وتصميم, في اذلال الانسان والاعتداء على كرامته وحقوقه المكرسة بالدستور وبالقوانين النافذة.
ولان الجرأة في موقفك , المنسجم مع تطلعات السواد الاعظم من المواطنين الشرفاء الحرصاء على حفظ الوطن والذود عن حياضه وعن ترابه االمقدس,تتجاوز عبارات شكري وتقديري, اجدني مدفوعا الى نشر وتعميم مدونتك مثالا يحتذى من كل ذوي الضمائر الحية المتصفة بالنزاهة وبالعدالة وبالانصاف، ليقيني انها ستشكل حافزا لتوحيد جهود القطاعات المسلوبة حقوقها عموما،والعسكريين المتقاعدين وبالخدمة الفعلية خصوصا،لمواجهة من تمادوا بالظلم حتى ظنوا انهم على حق… “اوليس الاستسلام لفكرة الهزيمة هو الهزيمة بحد ذاتها, وان الحق لا يضيع طالما ان وراءه مطالب”
فضل ضاهر