خبراء: تخفيض أوبك+ يهز الجغرافيا السياسية وأمن الطاقة العالمي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
استعرض مركز “أتلانتيك كاونسل” للأبحاث في واشنطن، آراء عدد من الخبراء حول قرار تحالف أوبك+ بقيادة السعودية وروسيا، خفض إنتاج النفط الخام بمقدار مليوني برميل يوميا، اعتبارا من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
واعتبر الخبراء أن قرار خفض الإنتاج يهز الجغرافيا السياسية وأمن الطاقة العالمي، ويظهر الانقسام بين الرياض وواشنطن، فضلا عن استهدافه إرباك الديمقراطيين في انتخابات نوفمبر/ تشرين المقبل.
ورجح الخبراء أن الخطوة ربما تأتي بنتائج عكسية على الرياض، وقد تقلب التحالفات الأمنية في منطقة الشرق الأوسط رأسا على عقب على نحو لم يحدث منذ الثورة الإيرانية.
انقسام حقيقي
وتعليقا على خفض “أوبك+” إنتاجها قال “براين أوتول” وهو زميل أقدم غير مقيم في مركز ” مركز جيو إكونوميكس” التابع لـ”أتلانتيك كاونسل” إن ذلك أظهر أن الانقسام بين واشنطن والرياض حقيقي.
وذكر أنه لا يخفى على أحد أن السعودية كانت المحرك الرئيسي لهذا الخفض، الذي أيدته روسيا، وأن الرياض لديها علاقة صعبة مع إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” على الرغم من زيارته الأخيرة للمملكة.
ولفت إلى أن العديد من المراقبين اعتبروا قرار “أوبك+” انحيازًا من قبل السعودية لروسيا على حساب الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، وكشفت تقارير أن واشنطن قد تعتبر خطوة خفض الإنتاج بمثابة عمل عدائي ضد الولايات المتحدة.
ورأى “أوتول” أنه من الصعب معرفة كيف ستستفيد الرياض على المدى المتوسط إلى المدى الطويل من التحول الحقيقي لقبلة السعودية بعيدًا عن الغرب إلى الكرملين المعزول.
وأشار إلى أن التأثير الحقيقي لخطوة خفض الإنتاج سيظهر هذا الأسبوع في أسعار النفط المستقبلية، فيما لا يبدو أن مؤشر داو جونز الصناعي قلق للغاية من هذا الشأن.
لكن على أي حال، تظهر الخطوة أن الانقسامات بين الولايات المتحدة والسعودية تبدو حقيقية، وأن هناك إحباط كبير يتجاوز البيت الأبيض من التوجه التي تتخذه الرياض تحت قيادة ولي العهد “محمد بن سلمان”.
نتائج عكسية
ورأي “توماس واريك” وهو زميل أقدم غير مقيم في مركز سكوكروفت للاستراتيجيات، التابع لـ”أتلانتيك كاونسل” أن خطوة خفض الإنتاج سوف تأتي بنتائج عكسية على السعودية.
وأوضح أن خفض إنتاج أوبك يعد جزئيا جهدا روسيًا لإلحاق ألم اقتصادي بالولايات المتحدة وأوروبا، لإجبارهم على إنهاء دعم دفاع أوكرانيا ضد عمليتها العسكرية التي شنتها في فبراير/شباط هذا العام.
وبالرغم من ذلك، أعربت واشنطن عن دهشتها وغضبها من دعم السعودية لخطوة خفض الإنتاج، والتي على الرغم من أنها قد تكون لصالح اقتصادها (السعودية) على المدى القصير، إلا أنها تتعارض مع المصالح الأمنية طويلة الأجل للرياض.
ولفت إلى أنه يبدو أن القرار السعودي بدعم خفض الإنتاج يستهدف إضعاف الرئيس الأمريكي “جو بايدن” والديمقراطيين قبل انتخابات نوفمبر/تشرين ثاني.
وعقب أنه من المرجح أن يتذكر الديمقراطيون في الكونجرس، على وجه الخصوص، هذا في التصويت في المستقبل على ميزانيات الدفاع والالتزامات الأمريكية تجاه أمن الخليج.
وأوضح أن جهود معاقبة أعضاء “أوبك+” ستكتسب الآن زخمًا كبيرًا في الكونجرس. لا ينبغي أن تكون جهود الحزبين بعد انتخابات في هذا الصدد بعد انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/ تشرين ثاني مفاجأة.
وذكر أنه مع وجود ميل لدى إيران نحو امتلاك أسلحة نووية، يعتقد العديد من المراقبين أن المصالح طويلة الأمد لدول الخليج العربي.
وأشار إلى أن السعودية على وجه الخصوص، كان من الممكن أن تُخدم بشكل أفضل من خلال تعزيز العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة، في محاولة منها لوقف مد الأصوات المطالبة في واشنطن بالانسحاب العسكري الأمريكي من الخليج.
وعقب أن إيران أظهرت في 2019 استعدادها لمهاجمة البنية التحتية النفطية السعودية. وسيكون وجود إيران المسلحة نوويًا بمثابة أكبر تهديد أمني للمنطقة منذ أن قلبت الثورة الإيرانية عام 1979 تقريبا كافة العلاقة أمنية في الشرق الأوسط.
وتابع “نتيجة لتخفيضات إنتاج “أوبك+” ستصبح الجهود المبذولة لإنهاء الاعتماد الغربي على الطاقة في الشرق الأوسط وروسيا جادة الآن. وقد يكون لهذا تأثير يتجاوز العلاقة الأمريكية السعودية ويمكن أن يغير الصورة الأمنية في الشرق الأوسط أكثر من أي شيء آخر منذ عام 1979″.
سقف أسعار النفط الروسي
من جانبه، رأى “شارلز ليتشفيلد” هو نائب مدير مركز جيو إكونوميكس” التابع لـ”أتلانتيك كاونسل”، أن ارتفاع أسعار النفط (والذي يتحقق أيضا عبر خفض إنتاج أوبك+) هو السبب الوحيد وراء قدرة روسيا على الصمود في وجه صدمة العقوبات الغربية.
وذكر أن إدارة “بايدن” اقترحت في وقت سابق خطة لفرض حد أقصى لسعر النفط الروسي، باعتبار أن ذلك هو السبيل الأكثر فعالية لإلحاق تأثير سلبي شديد بإيرادات روسيا النفطية.
لكن كان هناك اجماع عندما طرحت الفكرة خلال اجتماع في يونيو، بأن أسعار النفط ستنخفض بحلول نهاية العام – ما شكك في جدوى الخطة فضلا أنها ستضيف حتما طبقة من التعقيد إلى المعاملات.
إلا أن قرار “أوبك+” خفط إنتاجها لتقليص المعروض النفطي في الأسواق؛ أعطى دفعة جديدة للمضي قدما في المقترح الأمريكي لفرض حد أقصي لسعر النفط الروسي قبل شهر ديسمبر/ كانون أول.
وذهب إلى أنه في حال قيام الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين بتلك الخطوة، فإن الأمل سيبقي في أن يلتزم المشترون الجدد مثل الصين والهند بالحد الأقصى للسعر الروسي لأن هذا سيوفر لهم نفطًا أرخص.
خيانة الحلفاء
بدوره رأي “فيليب كورنيل” هو زميل أقدم غير مقيم في مركز الطاقة العالمي التابع لـ”أتلانتيك كاونسل” أن تخفيض “أوبك+” لإنتاجها لم يكن مفاجئا، لكن حجم التخفيض المضاعف هو الذي لم تكن تتوقعه الأسواق.
وذكر أنه من وجهة نظر أبو ظبي، كان قرار الخفض المضاعف بمثابة رد فعل منطقي على الركود العالمي الذي يلوح في الأفق في عام 2023.
وأشار إلى أن الرياض ربما تكون منزعجه من التحركات الأوروبية لفرض سقف لأسعار واردات النفط الروسية، وهي السياسة التي شجعتها واشنطن بشدة.
وعقب أنه على الرغم من الشكوك في نجاعة خطوة تحديد سقف لواردات النفط الروسي – لكنها تشكل سابقة تخيف أولئك الذين يتوقعون تغذية الاعتماد الأوروبي على الهيدروكربونات.
والأكثر دلالة هو رد الفعل الأمريكي على خطوة الخفض الذي اعتبر دليلاً على عدم وجود تضامن بين الحلفاء في مواجهة روسيا، وانحياز من قبل الدول الخليجية مع موسكو.
وتابع “كورنيل”، “ما هو صحيح هو أن السعودية والإمارات لم تعودا حليفين للولايات المتحدة. يؤكد ذلك استقلالهم السياسي بشأن سياسة النفط العالمية، إلى جانب التعاون المستمر في مجالات أخرى، على حقيقة بدأت تظهر في وقت متأخر لدى البعض في واشنطن”.
وأضاف، لقد تغيرت الأمور منذ إدارة الرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما”. والحسابات السائدة حول ما يؤجج الركود الاقتصادي المقبل أصبحت ببساطة مختلفة.
لكن الجغرافيا السياسية، وفق “كورنيل” لا تزال تلعب دورها، والمنتجون الخليجيون حريصون على السير في خط دقيق. وشهد الأسبوع أيضًا تواصلًا دافئًا مع الصين.
وخلص “كورنيل” إلي أنه بغض النظر عن موقف المصلحة الذاتية من قبل الملكيتين الخليجيتين الرئيسيتين، فإن الزيادة الناتجة عن عائدات النفط الروسية – والتي هي أعلى بكثير من عائدات الغاز (والمتنامية) – هي مؤشر على نهج الغرب الأعرج للعقوبات النفطية أكثر من كونها إشارة دراماتيكية قصة خيانة الحلفاء.
مصدر المقال: اضغط هنا