الوزيرين بلينكن وأوستن في كييف… نقطة انعطاف خطيرة | بقلم د. عوض سليمية
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
بتاريخ 25 ابريل التقى وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين أنطوني بلينكن ولويد اوستن بالرئيس الأوكراني في كييف. هذه الزيارة حملت في طياتها عدد من الرسائل الموجهة الى الحلفاء قبل الاعداء، وهنا الدب الروسي، في مضمونها ان الولايات المتحدة ستقف الى جانب حلفائها في ازماتهم وحروبهم طالما بقي الحلفاء يقاتلون من اجل مصالحها، وان معادلة الربط بين الانسحاب الأميركي المذل من افغانستان لا تنسجم بالضرورة مع مستوى مصالح أميركا مع كابول بالمقارنه مع كييف. على اعتبار ان قادة الاخيرة وافقوا على تدمير مقدرات بلادهم واستباحة سيادتها من اجل سماع بعض كلمات الاطراء والثناء من الوزيرين، من قبيل – ان كييف في مقدمة عواصم العالم التي تواجه الاستبداد الروسي.
من جانبه، الرئيس الغريق زيلينسكي- الذي فقد اجزاء واسعة جدا من بلاده على الحدود الشرقية والجنوبية بما فيها منافذ بلاده على بحر الازوف والبحر الاسود، وتكبدت كتائب جيشه خسائر فادحة في الارواح والمعدات خلال هذه الحرب المندلعة منذ شهرين، تلقف هذه الزيارة وهو في غاية الامتنان، وانه يقدر عاليًا كرم الرئيس بايدن في دعمه المستمر لبلاده، وقرار وزير خارجيته اعادة الدبلوماسيين الأميركيين للعمل من كييف. وانطلاقًا من التبعية للسياسة الأميركية فإن القرار الدبلوماسي سينسحب بالتاكيد على عواصم اوروبا، في محاولة غربية لاعطاء حليفهم في كييف جرعة لرفع معنوياته المنهاره.
ضمن هذا السياق، باتت غايات واهداف الولايات المتحدة واضحة، مضمونها استمرار صب الزيت على نار الحرب بهدف اطالة امدها الى اطول فترة ممكنة بغض النظر عن خسائر كييف، وهو ما ورد بوضوح على لسان وزير الدفاع الأميركي اوستن الذي قال، أن هذا الاجتماع ركز على امدادات الاسلحة التي تحتاجها أوكرانيا لدحر “الغزاة الروس” واعدًا زيلينسكي بلقاء نظرائه من حلف الناتو بهدف حثهم على زيادة شحنات الاسلحة لاغراض توليد امكانات عسكرية وقدرات دفاعية اضافية للقوات الاوكرانية”، مؤكدأ ان الامدادات العسكرية الأميركية لأوكرانيا مستمرة وبشكل يومي، وسيتم النظر في نوعية السلاح المورد الذي تحتاجه كييف.
تأتي هذه الوعود بالرغم من تحذير النائب السابقة لوزير الدفاع الأميركي ايلين لورد، بان استمرار توريد السلاح الى أوكرانيا بهذا الحجم سيؤدي الى تهديد كبير لامن الولايات المتحدة، بالنظر الى تسليم كييف ما يقرب من ربع مخزون الجيش الأميركي من انظمة الدفاع الجوي المحمول في غضون شهرين.
الرسالة الأميركية الواردة من كييف وجدت صداها مباشرة في موسكو، والتي ردت بوضوح على ما اعتبرته انخراط أميركي مباشر في الحرب ضد روسيا، ” اذا كان هناك من يعتزم التدخل في الامور الجارية مع أوكرانيا، فعليهم ان يعلموا ان ضرباتنا الجوابية ستكون صاعقة وسريعة وان القرار قد اُتخذ” وفقًا لتصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. بعبارة اخرى، إن سلوك الولايات المتحدة المتمثل في الدعم العسكري المستمر لأوكرانيا، فسرته القيادة الروسية بعكس ما أعلنه البيت الابيض بعدم قتال الجيش الروسي وجهًا لوجه على الارض الاوكرانية، واستنادًا الى تصريحات الرئيس بوتين فإنه في حال أقدمت كييف على استخدام الاسلحة الأميركية الهجومية ضد اهداف داخل الاراضي الروسية، فإن موسكو سوف تنقل المعركة الى عواصم الناتو، وبالتالي فان احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة بات امر وارد جدًا، وقد تلجأ موسكو الى ما سبق وان توعدت به من استخدام لترسانتها النووية ضد من يعيق عملياتها داخل أوكرانيا، وسيكتب التاريخ ان لقاء الثلاثي في كييف كان سببًا في تحول مسار نزاع داخلي الى حرب عالمية ثالثة.