“حسني البورظان بين أوكرانيا وسورية” | بقلم المهندس باسل قس نصر الله
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
رحم الله الفنان نهاد قلعي الشهير بدور “حسني البورظان” في مسلسلاته مع الفنان دريد لحام.
في مسلسل “صح النوم” الذي لَعِبَ فيه “حسني بيك” دور الصحفي الذي يُريد أن يكتب مقالة عنوانها: “إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا علينا أن نعرف ماذا في البرازيل”، وكنتُ – كما الجميع – نضحك من هذه المقاربة .. فما علاقة السباغيتي الإيطالية برقصة السامبا البرازيلية؟.
اليوم – بشكلٍ أكثر وضوحًا – نعلم أن الكثير مما يحدث في العالم، يرتبط مع بعضه البعض.
أولًا: إن موسكو تعلم أن أميركا وبعض الدول الأوروبية يسعون للإستفادة من الإرهاب للقضاء على مصالح روسيا في المنطقة، أو حتى إدخالها في مشكلات أمنية.
ثانيًا: تعرضت روسيا إلى عدة أزمات أخترت منها ثلاثة:
١- أزمة أفغانستان حيث واجه الإتحاد السوفييتي بشكل مباشر الموجة الإسلامية التي اضطرته إلى الإنسحاب من أفغانستان وكان ذلك أحد العوامل التي أدت إلى انهياره وتراجع روسيا – وريثه الشرعي – الذي انكفأ دورها لسنوات وأصبح العالم يُدار من قطب واحد.
٢- الأزمة السورية من خلال تسليط الإرهاب عليها تحت مسمّيات متعددة، وحاولت أميركا تطبيق نظرية وزيرة خارجيتها “كوندوليزا رايس” في الفوضى الخلاقة ظاهرًا ولكن كان الهدف غير المباشر هو خلق ضغوطات على روسيا التي بدأ دورها العالمي يقوى ويعود ويهدد نفوذ القطب الواحد.
إن روسيا تُدرك أن من يُسيطر على سورية يسيطر على الممر الإستراتيجي لجلّ الشرق الأوسط وبالتالي يتحكّم ويسيطر على كلّ أوراسيا العظمى وآسيا الوسطى وهذا يشكل خنقًا لروسيا بكل ما تعنيه الكلمة، ولقد اعتبر الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” أن بقاء الدولة السورية وعدم انهيارها، مسألة حياة أو موت لروسيا، إنها قضية وجود لروسيا، فإن الاستقرار في سورية يعزز الاستقرار في المناطق الجنوبية من روسيا ذات الأغلبية السكانية المسلمة.
لذلك اضطرت روسيا إلى دخول سورية في 30 أيلول 2015 بكل ثقلها بعد لقاء حاسم بين الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” ونظيره الأميركي “بارك أوباما” في نيويورك، يوم 28 أيلول 2015، في اول اجتماع بينهما منذ صيف عام 2013. وقد وضعت روسيا في نظرية أمنها القومي أن إسقاط النظام في سورية سيعني انتقال الحرب مباشرة الى الحدود الروسية.
وكان دفاع روسيا عن سورية متنوعًا فعسكريًا طالت “عاصفة السوخوي” الروسية في سورية – بعد يوم واحد على دخولها – في 1 تشرين الأول 2015، تنظيمات متعددة المشارب، من تنظيم “داعش” إلى “جبهة النصرة” الى ما يسمى “جيش الفتح” المدعوم تركيًا وخليجيًا. وسياسيًا فقد لجأت موسكو إلى استعمال حق النقض تسع مرات حتى بداية 2020 منذ انضمامها الى مجلس الأمن الدولي، ست منها كانت تتعلق بسورية.
٣- اوكرانيا: حيث تحاول أميركا أن تخلق نوعًا
من الإرهاب على بعد خطوات من الحدود الروسية، ويمكن أن يتسبب في مشكلات ضمن مناطق متعددة، لذلك كانت الحرب الإستباقية ضد الإرهاب البيولوجي والقومي والديني، لحفظ الأمن القومي الروسي.
إن العقيدة الروسية واضحة بعدم السماح بأي حال من الاحوال بتعقيد العلاقات مع أوكرانيا أو العالم الإسلامي أو الصين ذات المليار نسمة. واذا ما حدث مثل هذا التعقيد فلا يمكن تحقيق أي من مهام التطوير المستقر لروسيا الإتحادية. ولذلك تقوم أميركا بخلق هذه المشاكل لكي تمنع روسيا من التطور.
يقول “زبغينيو بريجنسكي” مستشار الأمن القومي للريس الأميركي “جيمي كارتر”: “إن روسيا قد تصبح إمبراطورية أو ديمقراطية، لكنها لن تحقق لا هذه ولا تلك في وقت واحد … فمن دون أوكرانيا لن تصبح روسيا امبراطورية”.
إذا أردنا أن نعرف ماذا يحدث في سورية علينا أن نعرف ماذا يحدث في أوكرانيا وأفغانستان واليابان ومالي وتونس وغيرها.
وعلى السوريين أن يتعلموا رقصة السامبا البرازيلية يأكلوا السباغيتي الإيطالية بنسختهم السورية.
اللهم اشهد اني بلغت…