الاحدثالجيوبوليتيك الروسي

هل يحتمل العالم هزيمة روسيا أو الصين؟ | بقلم د. أحمد عياش

للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا

صدمة بوتين العسكرية-الجغرافية -الغازية، فضحت ارتباك العقل الغربي المسحور بذكائه وبتطوّره التكنولوجي وبديمقراطيته، فلا وظيفة للإعلام غير صب الغضب على شخصية بوتين وعلى الاتحاد السوفياتي نفسه.

عقل فرض على روسيا الاتحادية عقوبات اقتصادية لترتد العقوبات نقصا في قوة الشراء للعملة و لتهديد بالبرد وفي جمع للحطب وفي مأزق لا يعرف معه العقل حلاً مناسبًا من ورطة الدونباس.

هو العقل نفسه راح باتجاه تايوان ليستفز الصين .

غريب أمر هذا العقل، يتحدث عن خيرات الدونباس من فحم حجري ومن قمح ومن معادن تهدد حركة اقتصاد العالم ثمّ يتحدث عن رقائق معدنية تايوانية تستخدم في الحواسيب وفي السيارات الحديثة تهدد التكنولوجيا العالمية.

هو العقل نفسه يتحدث عن مخاطر وعن ارتدادات الحربين على الاستقرار العالمي ويتجاهل أو لا يدري ان خوفه على انهيار أوكرانيا و تايوان ليس إلا نقطة في بحر ان انهارتا الصين وروسيا.

وكأن انهيار روسيا الاتحادية الغنية بالثروات والقدرات وتفتتها الى ولايات والى دويلات متناحرة تعشعش فيها العصابات لا يهدد امن وغذاء وطاقة واقتصاد عالمي.

ان تنهار الصين بحرب او بعقوبات اقتصادية يعني فتح حدود الامبراطوية الصفراء لاكثر من مليار ومئتين مليون نسمة للهجرة وللتقاتل فيما بينهم وضد الآخرين.

وكأن للصين لغة او قومية او ديانة واحدة،الصين لغم كبير او عبوة ناسفة ضخمة وعملاقة إن انفجرت فعلى الدنيا السلام.

لمن لا يعلم ففي الصين 56عرقًا و30 أبجدية و130 لغة مستخدمة و7لهجات رائجة وفي كل لهجة لهجات يصعب فيها التواصل بين قرى مجاورة.

في الصين ستة اديان كبرى معترف بها البوذية والطاوية والكاثوليكية والبروتستنتية والاسلام والكونفوشيوسية وطوائف وعادات شعبية لا تعدّ ولا تحصى.

في روسيا الاتحادية 85 كيان فدرالي ومنهم 22 جمهورية من سيطعم الصينيين غير حزب شيوعي يوزع قدر الامكان الثروات بالتساوي على الصينيين كافة، اية عصابات رأسمالية تافهة ومتوحشة ستحكم الصين اثناء حروب صينية اهلية طاحنة.

يتحدث العقل الغربي عن ارتدادات انهيار أوكرانيا وتايوان من أجل عشرات المليارات من الدولارات التي يتم نهبها من الدولتين ويتجاوز مأساة عالمية محتملة وبلا أفق وغير معروفة النتائج وستغير معالم الجغرافيا العالمية بحال هزمت روسيا الاتحادية وبحال هزمت الصين.

في الصين مبنى شاهق واحد يسع 600الف خنزير، للوهلة الاولى يسأل المرء عن هذا الحجم وعن هذا العدد كدهشة انما المرء لا يعلم ان الصينيين يـأكلون الصراصير والفئران والجرذان وادمغة القرود وهي تبكي حيّة ويغلون الكلاب الحيّة لطهوها …

قليلا من التواضع ففي الصين دولة تجهد لإطعام مئة مليار ومئتين مليون نسمة وتجهد لتأمين الصحة والتربية والمواصلات والسكن لجماهير تتكاثر.

كأن لا ضرر في انفجار الدولتين والمجتمعين الروسي و الصيني كي لا نتحدث ايضا عن انفجار المجتمع الكوري والايراني والهندي والبرازيلي.

اي عقل هو ذلك العقل الاستفزازي المستعد ان يذهب لأي حرب وتحت اي عنوان لتحاشي اثر الانفجار المالي الرأسمالي الوشيك في الولايات المتحدة الاميركية أم في أوروبا الغربية.

ما هربت بريطانيا العظمى من الاتحاد الاوروبي عن غباء بل لأنها ايقنت أن الإتحاد الأوروبي جمعية خيرية خاسرة قريبا، لن تتماسك عند أول صدمة كصدمة بوتين الجغرافية.

العقل الغربي يعاني من ارتباك عصابي جراء صدمة بوتين فماذا سيكون عليه ان تقدمت الصين نحو جزيرة تايوان لاعادتها الى الوطن الام؟

كل الأرقام تقول ان الولايات المتحدة الأميركية قادرة على الانتصار العسكري على روسيا والصين مجتمعتين لكن لا احد فكّر ماذا سيكون حال العالم كله ان انهارت وحدة روسيا الاتحادية وانهارت معها وحدة الصين.

لا بدّ للرأسمالية الجشعة ان تتفاوض مع الرأسمالية الجائعة الناشئة حديثا لتقاسم ثروات باقي الشعوب المغلوبة على امرها بدل التناطح وبدل الجومسة فلا فوز طرف منهم بانتصار ولا خسارة طرف آخر بهزيمة محدودة.

فتحت واشنطن جراح بغداد ودمشق وصنعاء وكابول وطرابلس الغرب وبيروت وطهران و يوغسلافيا وفنزويلا وما زالت تلك البلاد تئن من حروب لا تنتهي فكيف اذا هزمت الصين وهزمت روسيا وهزمت بيونغ يانغ؟

ندعو العقل الغربي لقليل من التواضع ومن الانتباه ولقليل من الكبرياء بعيدا عن التكبر وعن الغرور وبعيدا اكثر عن الحماقات لانّ العالم تغيّر وتغيّر كثيرا وما عاد ينفع معه كلام المراوغة والتذاكي .

من يدفع بالعقل الغربي لاستفزاز دول إن انهارت كان الطوفان؟

وحده العدو الاصيل يسرّع بمعركة هرمجدون ليظهر المشيح الحقيقي .

الدكتور أحمد عياش، باحث في علم النفس السياسي والديني

الدكتور احمد عياش، طبيب نفسي وكاتب. صدر له كتاب الانتحار الصادر عن دار الفارابي (2003)، وكتاب الاعاقة الخامسة: الاعاقة النفسية الاجتماعية الصادر عن مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب (2008)، بالاضافة لكتاب الشر والجريمة عن دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع (2013)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى