الإمام موسى الصدر الغائب الحاضر … | بقلم علي الهماشي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
ما رسخه من منهج وطني لايمكن لأحد أن يتجاوزه بسهولة ،كانت تكفيه عمامته السوداء ،ونسبه واسم عائلته أن يعيش في لبنان منعما ،وأن يكون أميراً كبقية الامراء .
إلا أنه اختط طريق ذات الشوكة ،طريق لايليق الا برجل من آل الصدر ،طريق يبدأ بتعبيده بنفسه في أرض مليئة بالالغام الطائفية العائلاتية الحزبية الدولية والمحلية ..
الطريق الذي لم يكن مألوفا للبنانين وللشيعة بالأخص والذين كانوا يشعرون بالتغييب والتهميش في بلد الطوائف ..
كان الإمام موسى الصدر والذي كان لقباً جديراً به ، فقد أسس للمواطنة وللوطنية وان الاعتزاز بالطائفة لا تعني عبور الوطنية، أو تجاوزها ولن تكون الطائفية على حساب الوطن ، كان صدره رحباً للكل ولهذا لم يكن مجلسه مقتصرا على المتدينين إن جاز لي التعبير بتوصيف المتدينين ولم يكن مترددا في الحضور في أي محفل سني شيعي أو مسيحي أو درزي ،كان يريد أن يحدث تغييراً في الواقع ،وفي المفاهيم التي رسخها المستعمر قبيل مغادرته ليجعل من بقائه وبقاء اتباعه أمرا مفروغاً منه .
ولهذا كان يرى في وجوده عاملاً للتوحيد دون فقدان الخصوصية للاخر فالمسلم الشيعي لبناني اولا كما هو المسلم السني وكذلك المسيحي الماروني لبناني والمسيحي الارثودكسي والمسيحي الكاثوليكي والارمني وغيرهم لبنانيون ،وهكذا الدروز وغيرهم من الطوائف ،أن يعيشوا لبنانيتهم أولا قبل أن يعيشوا طائفيتهم .
وهكذا اراد لحركته أن تكون لبنانية أولا في خارج لبنان أيضا لقد أراد لوجوده في لبنان أن يحدث ما يغير به الواقع اللبناني في بلد أُريد له أن يكون حقل تجارب مخابراتية وساحة صراع بين الدول لتجرب نوعاً من الحرب الباردة التي تسخن أبناء البلد ليذهبوا ضحية من أجل غيرهم خارج الحدود ..
كان الصدر يحمل عقلية الاسلام الحضاري الذي يدعو الى {كلمة سواء بيننا وبينكم}.
فيتفق في المشتركات ويؤجل الخلافات حتى يقف المجتمع على أرضية المواطنة الصلبة .
ولهذا تم تغييبه أو اغتياله لانه كان صوتاً خارج المألوف صوتاً مثّل قلقاً للدوائر الاستعمارية والصهيونية ،وقلقاً لامراء الطوائف الذين لايروق لهم فكر وحركة موسى الصدر (رحمه الله).
في ذكراه لم تفقده بيروت او لبنان فحسب وانما فقد العرب صوتا من أصوات الحكمة في حينها صوتاً يغرد بالعدالة والحرية مقابل اصوات الغربان السود التي ملأت بيروت بصوت الرصاص والمدافع.
مقالات ذات صلة: