الاستقواء بالعامل الدولي في العراق.. | بقلم علي الهماشي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
يقال “أن الديمقراطية هي أحد أبواب التدخل الخارجي !.”
لا شك أنَّ العملية السياسية في العراق مازالت في تقلباتها بسبب عدم وضوح الرؤية لدى من تصدى للعمل السياسي أو برز بشكل أو باخر في المشهد السياسي، بعضهم دفعتهم الصدفة، وبعضهم كانت لأحزابهم دورًا كبيرًا في المعارضة السياسية وشاركوا في العملية السياسية لكنهم مازالوا بعيدين عن الاستقرار حول رؤية واضحة للعمل السياسي.
ومازال التأرجح بأي طريق يتبع هذا الفريق أو ذاك، وكل ذلك نتج عدم استقرار في إتجاه البلد داخليًا وخارجيًا، إضافة الى الصراع السياسي بين الاحزاب والكتل السياسية قبل وبعد كل انتخابات حول المناصب السيادية والحصص الوزارية.
ويكاد البرنامج السياسي للأحزاب والشخصيات السياسية يخلو من رؤية واضحة للسياسية الداخلية والخارجية إلا من الشعارات التي تفتقر لالية العمل الواضحة.
ولابد من الاشارة الى فقدان بعضهم للايمان بالعمل السياسي فيما يتعلق بقبول الاخر إلا وفق ما تفرضه عليه الواقعية السياسية التي تحتم عليه اللقاء مع هذا الطرف أو ذاك لتشكيل الحكومة بعد صراع الانتخابات فقط.
ونحن بحاجة الى زمن والى ثقافة ووعي آخر للعملية السياسية وبعدها نذهب الى الاصلاح المنشود،فلا إصلاح دون إيمان من المواطن العادي قبل السياسي بقواعد وأُصول العمل السياسي وفق الدستور.
كما أن المؤسسات الدستورية مازالت هشة، و تفتقر الى الرسوخ في ذهن السياسي قبل أن تتأصل في عقلية المواطن، ولهذا نرى استسهال التجاوز عليها بمجرد تأزم الاوضاع ولاتملك هذه المؤسسات (الحرمة )المطلوبة..
فليس هناك خطوط حمراء يقف عندها المواطن حسب فهمه المغلوط للديمقراطية والحرية، ويراها السياسي بعين المنفعة، فإن انتفت هذه المنفعة أعرض عنها.
وهنالك مشكلة أخرى مؤسفة حيث أنَّ كلَّ جهة ترى في الاخر أنه ذراع لهذه الدولة أو تلك، وهناك تشكيك للنهج الوطني.
ولهذا نرى أنَّ بعضهم يلوح بالعامل الدولي ويستند الى مهمة الامم المتحدة في العراق في مسألة الأزمة السياسية الحالية، ليعطيها دورًا وتفويضا أكبر من الدور التنسيقي فيما تسمى بولايتها أو مهمتها في العراق بدلا من أن تكون طرفًا تنسيقيًا إن جاز التعبير.
وهنا تكمن خطورة بعض الاطراف السياسية التي لا تفقه القانون الدولي ولا تفقه الوطنية وهمها أن تحافظ على مكتسباتها !.
والحقيقة التي يجب أن نكشفها إن محاولة الاستقواء بالعامل الدولي يأتي من خلال من لا يمتلك عمقًا جماهيريا ولا وعيًا وطنيًا ولا شعورًا بالمسؤولية.
ومن جانب آخر لم تعد الاوضاع الدولية تسمح بمثل ما جرى في 2003 حيث أنَّ المبررات ليست هي المبررات المقنعة، ولا الولايات المتحدة بحكمها الديمقراطي وبوجود الرئيس بايدن مستعدة للتدخل بالشكل الذي تدخلت فيه عسكريا عام 2003، ولا بتجميع التحالف لمحاربة “داعش” فكما قلت فإن المبررات التي يتم تسويقها لا ترقى أو لنقل غير مقنعة للولايات المتحدة التي لها الكلمة الفصل في مهام وقبلها في قرارات الامم المتحدة.
وما يحاول هذا الفريق تخويف الاطراف السياسية به لا يفلح أمام أو يصمد أمام الواقع السياسي الذي تجاوز مرحلة (الانقلاب) ليبدأ بالعودة الى المسار السياسي الصحيح ويبدأ تشكيل الحكومة وفق الاليات السياسية المعمول بها في النظام السياسي العراقي..
وعلى القوى السياسية أن تكون واعية من افتعال الازمات التي يُراد منها استصدار قرارات جديدة وفق تقرير ممثل الامم المتحدة في العراق..
ومن يملك برودة الموقف والنضج السياسي سيستطيع تجاوز الازمة وتفويت الفرصة لعودة الامور الى التدخل العسكري المباشر في العراق.