“الرؤية العربية 2045”: طموحٌ في عالم مضطرب (1/2) | بقلم د. خالد ميار الإدريسي
صدر عن الأمم المتحدة سنة 2023، وثيقة “الرؤية العربية 2045“، وهي مجهود استشرافي، مشترك بين اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الأسكوا) وجامعة الدول العربية؛ وذلك تحت إشراف الدكتورة رولا دشتي، الأمينة التنفيذية للمنظمة والسيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية. وجاء في التصدير: “تعبّر الرؤية العربية 2045 عن أملنا في مستقبل مشرق تتحقق فيه آمال شعوب المنطقة العربية أفرادًا ومجموعات، ونرجوها رؤية تنهض بالهمم، وتفعّل الطاقات، وتحفّز على العمل المشترك والتعاون الإقليمي”.
ترتبط هذه الرؤية العربية، بالإطار المرجعي للأمم المتحدة، المتشكّل من المواثيق الدولية والعربية وخطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030؛ بحيث تتوخّى “الرؤية العربية لسنة 2045″، تنفيذ وإتمام مقتضيات هذه الخطة الأممية للتنمية المستدامة. كما تسترشد الوثيقة نفسها، بمختلف الخطط الوطنية العربية للتنمية والخبرات التي حققتها بعض الدول العربية في المجال وكذلك الاستفادة من تجارب دول أخرى في العالم.
وتتأسّس “الرؤية العربية”، على مبدأ الإيمان “بمزايا التضامن العربي”، وأنّ هناك أملًا في تحقيق الازدهار العربي، وضرورة التكتل لمواجهة التحديات المستقبلية التي لا ينفع معها العمل القُطري المنفرد. و”استشرافًا للمناخ السياسي الإيجابي السائد في المنطقة وقت إصدار هذه الوثيقة، تطرح الرؤية اقتراحات متعدّدة لمشاريع استراتيجية، وتوصيات لتفعيل العمل العربي المشترك، بأساليب واستراتيجيات عمل مبتكَرة تعزّز التعاون العربي، وتحقّق أغراضها وأهداف التنمية المستدامة. ووضع برنامج للثقافة والإبداع، وإنشاء مصرف إقليمي للأمن المائي والغذائي، وربط شبكات الإنترنت والسكك الحديدة والطرق، وغيرها من المشاريع الاستراتيجية”. (الرؤية العربية 2045، الأمم المتحدة).
ولا شك أنّ هذه الوثيقة، قد جاءت في سياق عربي يتميّز، بمواجهة الشعوب العربية، لظروف شديدة التعقيد ومنذرة بتفاقم الوضع العربي واستفحال المعاناة من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وهشاشة بعض الدول العربية، وكذلك النزاعات والإجهاد المائي والتغيّرات المناخية وتقلّب أسعار المواد الغذائية والتطرّف والإرهاب، والتضليل الإعلامي ومجموعة من التهديدات الهجينة، كما هو مشارٌ إليه في “مؤشّر نورماندي للسلم”، لسنة 2023. هذا إضافة إلى استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، واحتمال دخول الشرق الأوسط بكامله في حرب شاملة ومدمّرة.
لهذه الاعتبارات وغيرها، فإنّ وثيقة “الرؤية العربية 2045″، تبقى مبادرة مهمّة، لكن تنفيذها لن يكون سهلًا، لأنّ هناك عدّة عقبات ومن أهمّها النزاع العربي ــ العربي؛ والتجاذب الجيوسياسي، وتكالب القوى الدولية على المنطقة، والسعي إلى تفتيتها والاستفادة من التفرقة العربية والفوضى السائدة في بعض البلدان العربية.