الناخب الفلسطيني، مطلوب الوعي قبل الأموال والصندوق كتب هشام نصر شمالي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
انطلق قطار الانتخابات البرلمانية والرئاسية الفلسطينية بعد أن أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوماً رئاسياً بتاريخ 15 يناير 2021 حدد فيه موعد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني (برلمان منظمة التحرير) على ثلاث مراحل، وذلك بعد جلسات حوار عديدة فلسطينيه-فلسطينيه في القاهرة بإشراف المخابرات العامة المصرية.
وضع الرئيس خطة زمنية محددة لإجراء العملية الانتخابية وهي أن تكون الانتخابات البرلمانية يوم 22 مايو/آيار؛ تليها الانتخابات الرئاسية بتاريخ 31 يوليو/تموز للانتخابات الرئاسية، بينما حدد تاريخ انتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/آب.
الخطوه التي طال انتظارها والتي تبدو فرصة للمواطن الفلسطيني الذي يعيش أسوأ حالاته منذ العام 1948، وأيضاً فرصة للأحزاب السياسية الموجودة على الساحة الفلسطينية.
ولدقة أكثر وجب توضيح بعض الأمور التي تخص القوائم الانتخابية التي ستشارك في هذه الانتخابات (36 قائمة انتخابية) وتقييم أهمها.
١- تعتبر قائمة فتح (فتح) وقائمة حماس(القدس موعدنا) وقائمة دحلان (المستقبل) وقائمة البرغوثى-القدوة (الحريه) أهم تلك القوائم الانتخابية المتنافسة.
٢- فتح حركة تحرر وطنى لها برنامج سياسي معروف تسعى من خلاله لإقامة دولة فلسطينية على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهى اكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وأكثرها وضوحاً في اهدافها وواقعية في برنامجها وتتمتع بثقل جماهيري كبير، وهي تنتهج خط المقاومة الشعبية الغير مسلحه وتمتنع عن التدخل في شؤون الدول العربية وتسعى لإيجاد اتفاق سلام مع إسرائيل؛ وتنوي خوض الانتخابات بقائمة صريحة.
تُمثل السلطة الحاكمه، أحد أهم أسباب مهاجمتها هي سياساتها العقابية الأخيرة لقطاع غزة بعد سيطرة حماس والمتمثلة في تقليص رواتب الموظفين وترشيد النفقات على القطاع.
٣- حركة حماس وقائمتها (القدس موعدنا) تنتهج الخط المقاوم لإسرائيل وتسعى لإقامة دولة فلسطينية من البحر للنهر(حدود فلسطين التاريخية).المفارقة انه في ظل تعاظم قوة حماس تراجع حضور القضية الفلسطينية دولياً، وخسر الفلسطينيون تعاطف العديد من الأصدقاء لقضية فلسطين. فحماس التي حصلت على الأغلبية البرلمانية في الانتخابات التى جرت عام 2006 وسيطرت بعدها على غزة بإنقلاب عسكري؛ فشلت في تحقيق وعودها الانتخابية، وفي ظل حكمها لغزة تدهور الوضع الاقتصادي ووصل لمنحى خطير جداً، ازداد الفقر والبطالة بين فئات المجتمع، اتجه الآلاف من الشباب نحو الهجرة لاوروبا. وفي أثناء حكمها تعرضت غزة لثلاث حروب طاحنة. أُتهمت بالتدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية أهمها مصر.
تتلقى دعماً مالياً وغطاءاً سياسياً قطرياً بموافقة إسرائيلية ضمنية، ودخول السفير القطري العمادي لغزة محملاً بحقائب المال من المعابر الإسرائيلية أهم أشكال ذلك الدعم. حماس لها حضور ودعم جماهيري لا يقل عن حضور حركة فتح.
٤- محمد دحلان (قائمة المستقبل)، المفصول من فتح والمدعوم إماراتياً، إنشق عن حركة فتح وأنشأ ما يسمى بالتيار الإصلاحي لحركة فتح، وبعد انقلاب حماس في غزة والذي كان دحلان أهم أسباب ذلك الانقلاب من وجهة نظر حماس. ترك دحلان غزة وانتقل لرام الله ثم هرب منها بعد أن أصدرت السلطة الفلسطينية أمراً بإعتقاله، عليه أحكام قضائية عديدة في المحاكم الفلسطينية. استقر في دبي وعمل مستشاراً أمنياً هناك، أُتهم بتدبير الانقلاب الفاشل في تركيا، يتمتع بعلاقات واسعة. له بيئة مناصرين ملحوظة خصوصاً في قطاع غزة، يضخ أموالاً طائلة في غزة عبر مؤسسات عديدة (تحت إشراف حماس) لمناصريه. قُبيل الانتخابات قام بإرسال العديد من رجالاته ومناصريه لغزة من أجل التجهيز للانتخابات، يُراهن على أمواله في جذب أصوات الناخبين، برنامجه الانتخابي يعتمد على الأمور الخدماتية والمساعدات. ويسعي لجذب أصوات الفتحاويين الناقمين على فتح وسياساتها خصوصاً في غزة.
٥- قائمة (الحرية) الخاصة بناصر القدوة ومروان البرغوثي التي نشأت بعد خلاف مع مركزية فتح انتهى بفصل ناصر القدوة وتجريده من كل مسمياته؛ تضم عدة مرشحين (جُلُهم من الضفه الغربيه) أهمهم هو ناصر القدوة لا يحظى بأي قاعدة جماهيرية، و الأسير مروان البرغوثي الذي يحظى بشعبية كبيرة بين أوساط الشعب الفلسطيني، فهو من قادة حركة فتح المميزين، يتمتع بشخصية قيادية وكاريزما قوية، عضو في مركزية فتح.
قائمة البرغوثى-القدوة تُراهن أيضاً على أصوات الناخبين الفتحاويين الناقمين على فتح وسياساتها.
من يستفيد من من؟
فتح ستستفيد من قائمة البرغوثى-القدوة أكثر مما سيستفيده خصومها في الانتخابات المقبلة. للوهلة الأولى يبدو تغريد البرغوثى- القدوة خارج السرب بمثابة خسارة لفتح ومشروعها؛ لكن لو تأملنا المشهد جيداً وتجردنا من نظرتنا الحزبيه للحظات سنجد أن البرغوثي-القدوة قد قدموا لبيئة فتح خدمة جليلة من خلال استقطاب اصوات الناقمين على فتح والرئيس الفلسطيني محمود عباس، فالناخب الفلسطيني الذى انتظر هذا الاستحقاق منذ 14 عاماً يرى في هذا الاستحقاق فرصة لمعاقبة من تسبب في معاناته على مدار أعوام ووجد الفرصة سانحة له لتغيير هذا الواقع المرير.
لذلك لن يقوم الناخب الناقم بإهداء صوته لقائمة حماس او بتوجيهه نحو قائمة دحلان. فلو تتبعنا الوضع الفلسطيني منذ وصول حماس للحكم سنجد أن المواطن الفلسطيني -على الأقل في قطاع غزة- قد تحول من مواطن يشعر بالاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بشكل نسبي الى مواطن يعيش أزمات متتالية ومعقدة لم يكن يتخيل حدوثها أصلاً، بدءاً من أزمة الكهرباء والحصار والمعابر وصولاً لأزمة البطالة وانعدام فرص العمل.
لقد وصل المواطن الفلسطيني لقناعه راسخه وهي أن واقعية فتح وحدها من تستطيع قيادة الدفة، والسير قدماً نحو بناء دولة فلسطينية مستقلة؛ فقد شبع المواطن شعارات ووعود على مدار عقد ونصف من الزمن كانت ترفعها حماس وتُصدِّع رؤوسنا بها “أسمع جعجعة ولا أرى طحنا”.
ففي فترة حكمها-اي حماس- شهد القطاع ثلاث حروب طاحنة ما زال يعاني منها الامرين، ولم يلمس بعدها أي تغير نحو الأفضل سوى بضع حقائب من المال القطرى، زادت الضرائب والجباية بشكل جنوني حتى صار الناس يسمون حكومة حماس بحكومة الجباية.
هل يُعطي الناخب الفلسطيني حماس فرصة ثانيه كي تُنفذ وعودها السابقة والتي فشلت في تحقيقها على مدار ال 14 عام السابقه؟ أم يبيع صوته لمن يدفع أكثر ومن يغريه بالمال؟ الأمر متروك للوعي قبل الاموال والصندوق.