النووي ٢: وثيقة النقاط الأربع باتت جاهزة للتوقيع
هل ستتمكن إيران من اجتياز محنتها واستئناف تصدير النفط؟
يراها البعض بمثابة بارقة أمل بالنسبة لإيران، تلك الدولة الواقعة تحت وطأة العقوبات الاقتصادية الأمريكية، فقد وافق كل من الرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيره الأمريكي دونالد ترامب على توقيع وثيقة تتألف من أربعة بنود، حيث توسط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بين الجانبين من أجل إبرام المعاهدة الجديدة والتي جاء نصها كالتالي:
” لن تحصل إيران أبدا على سلاح نووي “وسوف” تمتثل امتثالا تاما لالتزاماتها النووية وستقبل التفاوض بشأن وضع إطار طويل الأجل لأنشطتها النووية. “كما أنها سوف تمتنع عن أي عدوان وستسعى إلى نشر سلام حقيقي في المنطقة من خلال إجراء المفاوضات”.
وقال روحاني خلال اجتماع لمجلس الوزراء إن الوساطة الفرنسية والخطة المطروحة لإنهاء الخلاف الحاد بين طهران وواشنطن أمر مقبول جدا بالنسبة لإيران، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى تعديل بعض العبارات الواردة في نص الوثيقة ومن ثم سوف تتمكن الدولة فورا من استئناف بيع النفط.
كما دعا روحاني خلال خطابه الأخير في الأمم المتحدة إلى انضمام دول المنطقة جميعا إلى التحالف الأمني الذي أطلق عليه (HOPE) في إشارة منه إلى الدول الساعية نحو السلام في مضيق هرمز (Hormuz Peace Endeavour). مؤكدا على أن إيران سوف تبذل قصارى جهدها من أجل تأمين تدفق النفط عبر ذلك الشريان المائي الهام .
ومن ناحية أخرى، قال الكولونيل فريدريك كولمان قائد مركز العمليات الجوية الأمريكية رقم 609 إن الحرب ضد داعش قد أوشكت على الانتهاء، ومع استمرار واشنطن في تحقيق السلام في أفغانستان، فإن المنطقة بأكملها تبدو في طريقها نحو التهدئة والاستقرار على نحو مالم تشهده منذ عقود، وذلك باستثناء ما يتعلق بإيران.
وأضاف بأن تعهد إيران بالامتناع عن شن أي عدوان في المستقبل، من شأنه أن يحقق المزيد من الاستقرار ويعمل على تحسين الأوضاع داخل المنطقة بوجه عام.
وقد أفادت بعض التقارير سابقا بأن إيران قد عمدت منذ فرض العقوبات الأمريكية على صادراتها النفطية إلى شحن كميات من النفط إلى الصين بحيث يتم الاحتفاظ به في بعض المخازن التابعة للمنطقة الحرة كي يكون جاهزا للبيع داخل الأسواق الآسيوية، إلى جانب أن نحو 46 ناقلة إيرانية من أصل 54 تعمل كمخازن عائمة للوقود قرابة السواحل الإيرانية، وبالتالي فإن قرار رفع العقوبات سوف يسمح بطرح إجمالي الإنتاج النفطي الإيراني في السوق العالمية.
ووفقا للتقديرات التي نشرتها إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فقد انخفض الإنتاج الإيراني من النفط من حوالي 3.7 مليون برميل يوميا قبل مايو 2018 إلى حوالي 2.1 مليون برميل في أغسطس 2019 وبالتالي فإنه سوف يتم طرح الفارق في الإنتاج والذي يقدر بـ 1.6 مليون برميل يوميا في الأسواق بمجرد تمكن إيران من زيادة إنتاجها الاحتياطي ، علما بأن إيران كانت تلجأ في السابق إلى تهريب بعض الكميات من النفط، كنوع من التحايل على العقوبات المفروضة عليها.
ولعل هذه التطورات تتطلب تدخلا حاسما وإجراء فوريا من منظمة أوبك، حيث سيتعين على الدول التابعة لها خفض إجمالي الإنتاج منعا لانهيار أسعار النفط في السوق العالمية، وتتوقع أوبك نفسها أن ينخفض الطلب على نفطها إلى 28.87 مليون برميل يوميا في الربع الأول من عام 2020 وإلى 29.4 مليون برميل طوال عام 2020 بأكمله.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، من هي الدول المرشحة للالتزام بالتعهد بخفض إنتاجها من النفط بواقع 1.8 مليون برميل يوميا حتى مارس 2020 ؟ في الحقيقة، فإن كل من السعودية والكويت والإمارات هم المرشحون لذلك، ولعل قرار خفض الإنتاج قد يتداخل مع خطة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لطرح أسهم شركة آرامكو للاكتتباب العام في بورصة دولية.
على أية حال فإن المبادرة الفرنسية قد حظيت بقبول تام من قبل كل من الولايات المتحدة وإيران، وسوف يعمد الدبلوماسيين من كلا البلدين على وضع الصيغة النهائية لنص الوثيقة الخاصة بالاتفاق النووي الجديد.
ومن جانبها سوف تدعو منظمة أوبك إلى عقد اجتماع طارئ لبحث آلية تخفيض الإنتاج خلال المرحلة المقبلة تجنبا لحدوث أزمة مشابهة لما حدث في عام 2016 حيث تم إغراق الأسواق بكميات هائلة من النفط، وهنا سوف يتعين على المملكة العربية السعودية الاستمرار في خفض الإنتاج بواقع 8 مليون برميل يوميا.
وتتوقع بعض الشركات العالمية بأن تنهار أسعار النفط بسبب التشكك في قدرة أوبك على منع حدوث تخمة محتملة، ومن ثم سوف تشهد أسعار الوقود انخفاضا ملحوظا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020 الأمر الذي يراه البعض بمثابة تحقيقا فوريا لكل ما تمناه الرئيس ترامب؛ انخفاض أسعار الوقود، واتفاق نووي جديد، وخطوات جادة نحو سلام محتمل في الشرق الأوسط.
رابط المقال الأصلي اضغط هنا