انطلقت شرارة الثورة التنويرية الفكرية في اليمن من أعالي جبال مرآن متمردة على الواقع الذي تعيشه بلدان ودول العالم وفي مقدمتها دول العالم الثالث التي على رأسها الدول العربية ومنها اليمن، والتنظيم الدولي الذي لا زالت تقوم برسمة وتحديد خطوطه العريضه وسياساته الولايات المتحدة الأميركية، سائرة وماضية عليه جميع دول العالم فارضة إياه عبر قوتها الجبارة العسكرية والإقتصادية التي تحركها أجهزتها الإستخبارية وتروج لها قنواتها الإعلامية ممسكة بزمام الأمور الدولية كشرطي بوليس متحكمة في كثير من القضايا العالمية ودااسه أنفها في الشؤون الداخلية لغالبية الدول تحت مسميات وحجج كثيرة.
ورغم سيطرتها الواضحة والأكيدة حتى على المنبر الحر للأمم المتحدة عبر أدواتها بدءًا من مجلس الأمن وانتهاء بمنظمات الإغاثة مارست الكثير من التعسف والخذلان الأبدي الذي أبدته عبر تعاقب الإدارات الأميركية المتعاقبة للقضية الفلسطينية المركزية والمحورية في الصراع العربي الإسرائيلي والتسوية السلمية لملف الصراع العربي الإسرائيلي بدءًا بفلسطين وانتهاءًا بالجولان سوريا وما بقي من جنوب لبنان، وانتهاء بإحتلال أفغانستان والعراق بحجة احداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر ومكافحة الإرهاب وانتهاءً بأسلحة الدمار العراقية واكذوبتها الزائفة، ومليون طفل عراقي قضى نحبه إثر حصار جائر وظالم. بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية والتعليمية في البلد وإغراقه في الفوضى والتناحر الداخلي.
كل هذه العوامل كانت أحد الأسباب الدافعه التي شكلت الارهاصات الداخلية والتي بدأت في رسم وتلوين الصورة للمسرح السياسي-اليمني، إضافة إلى تنافس الطبقات السياسية او النخب في المجتمع للظفر بتركة النظام رغم الأعباء الإقتصادية المكلفة والفساد الإقتصادي الذي ينخر كالسوس عصب الدولة ويشكل الرابط والهم المشترك لجميع دول الربيع العربي الذي كان بالنسبه للكثير من الشباب هو الكوة التي يتسرب منها بصيص النور والأمل لإحداث التغيير المنشود نحو الأفضل داخل بلدانهم وبين مجتمعاتهم. إلا أن الثورات التي بدأت بكلمة ارحل وثورة سلمية انتهت بسيول من الدماء وآلاف من الجماجم والجثث و الأشلاء المبعثرة….
رحيل الرئيس التونسي السريع في ثورة الياسمين كان شرارة وعامل حفاز لاشتداد الحراك في الشارع المصري، الذي شدد وأكد على ضرورة تخلي الزعيم مبارك عن كرسي الحكم كل هذا كان الدافع لشباب الساحات في صنعاء وتعز وبقية المحافظات اليمنية، وكذلك كان الوضع المتأزم في سوريا وليبيا اللتان بدأتا ضد أنظمتهما الكفاح والثورات المسلحة الدامية التي خلفت الكثير من الشهداء والجرحى من أبناء الشعبين العربيين الشقيقين بالإضافة إلى ما تم تدميره من بنى تحتية وخدماتية.
أفرزت ثورات الربيع العربي الكثير من الأحداث والأرهاصات التي تمخضت عن تغييرات الحكم فكان لليمن كذلك نصيب الأسد فكانت محاولات الحراك الجنوبي والضغط الذي مارسوه بإعادة اليمن إلى مربع ماقبل الوحدة اليمنية. بالإضافة إلى عدم تحقيق نتائج داخلية فعالة بالنسبة لمؤتمر الحوار الوطني الذي أسفر عن ثورة الحادي والعشرين من أيلول/سبتمبر التي أعادت اليمن إلى حالة الصراع الداخلي لرفض هذه الثورة من قبل بعض من شرائح المجتمع وإلى حقبة الصراع مع المملكة العربية السعودية التي نفذت حملة عاصفة الحزم، التي لازالت تدور رحاها بحرب طاحنة مست حياة الشعب اليمني وأقوات الناس هذه الحرب التي أكلت المقدرات ولم تظهر لها نهاية، بل أن هذا الصراع لم تجنِ فائدة سوى دولة الكيان الصهيوني التي انتزعت اعتراف احادي الجانب من حليفتها العظمى أحادية القطب الولايات المتحدة الأميركية بسيادتها على القدس كعاصمة أبدية وأحقيتها بـ بسط السيطرة على مرتفعات الجولان السورية الأصل.
ساهمت ثورة الإتصالات وتقنياتها الحديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي في أحداث ربط مباشر بين صفوف الكثير من الثوار في مختلف البلدان العربية بالإضافة إلى المساندة والتغطية الإعلامية من قبل محطات البث الفضائي المباشر، الذي ساهم في نقل الصورة الحية لما يحدث في كثير من عواصم الحدث العربية، التي كادت أن تتحول من عواصم جمهورية رائدة ساهمت منذ فجر ثورة يوليو في نشر مبادىء الحرية والتحرر في بلدان العالم الثالث إبان فترة حكم الزعيم الخالد جمال عبد الناصر إلى عواصم شبه ملكية إلا ان تفجرت ثورات الربيع العربي ربيع النيران.