الاحدثالشرق الاوسط
قراءة في بيان المرجعية الدينية بعد اللقاء مع بعثة اليونامي الجديدة في العراق .. | بقلم علي الهماشي
قبل محاولتي قراءة بيان مكتب المرجع الديني لا بد من الإشادة بمبادرة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة رئيس بعثة اليونامي الجديد في العراق الدكتور محمد الحسان بزيارة النجف واللقاء بالمرجع الديني سماحة السيد السيستاني، ليعلن انطلاقة جديدة لليونامي من الموقع الذي لا يختلف عليه أحد أو في الحقيقة لا يجروء على مخالفته أحد علانية.
وتأتي هذه الزيارة لأهميتها في وقت تحاول البعثة لملمة أوراقها وبدء علاقة جديدة بين العراق والأمم المتحدة بعد أن عبثت الممثلة السابقة بدورها وأصبحت طرفا في الحراك السياسي ، وما اختيار السيد محمد حسان إلا محاولة في هذا الإطار وهو شخصية ودودة هادئة ، وهذا بحاجة إلى تحليل تفصيلي وقد يبعدني عن ما قرأته من بيان المرجع الاعلى في العراق.
الذي تُعد بياناته مفصلاً مهما في الحركة السياسية لما تشير إليها من مفاهيم ورؤى للواقع المحلي والإقليمي والدولي.
لايمكن لا للمراقب السياسي ولا للكتل السياسية إلى أن تصغى بإمعان لكل ما يصدر عن المرجعية، ولا شك أيضاً أنَّ للبيانات التي تصدر منها لها الأولوية في التفاعل جماهيرياً وهي ترى في ذلك توجيها شرعياً في المقام الأول.
ومما يجدر الإشارة إليه إنَّ بيانات المرجعية الدينية لم تعد شأناً محلياً فهي (مرصودة) من قبل الدوائر العالمية أيضاً.
وعلينا أنْ نعتبر إنَّ ما يصدر عنها هي رؤية سياسية للأوضاع المحلية والدولية ويجب الأخذ بها، لأنها تنطوي على حِكَمٍ ودلالات وإشارات يفقهها من يعي مكانة المرجعية، ولا يمكن أن تمر مرور الكرام.
فالبيان الصادر بمناسبة زيارة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في هذا الظرف الحساس له أولوية اضافية وهي رسالة موجهة للقوى السياسية العراقية وإلى المجتمعين العراقي والدولي، وهي نقاط عمل جوهرية وإن كانت في فحواها خطوط عامة.
ولا بد من ملاحظة مهمة إنَّ القوى السياسية تركز على بيانات المرجعية فيما يتوافق ومصالحها على غرار{ نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً}!!!.
علاقة العراق باليونامي :
من المهم جداً أن نقرأ إشارة البيان إلى دوام العلاقة بين العراق و اليونامي وهي بوابة العراق إلى المجتمع الدولي حتى الآن، حيث أشار البيان إلى ترحيبه بممثل الأمين العام للأمم المتحدة ” رحب سماحته بحضور الأمم المتحدة في العراق، وتمنى لبعثتها القيام بمهامها ” و هي إشارة واضحة لمدى فهم المرجعية لوضع العراق دولياً وأنه ما زال تحت الفصل السابع وبحاجة إلى ترتيبات لا يمكن للعراق أن يقوم بها إلا من خلال اليونامي، فهي محطة مباشرة مع الأمم المتحدة دون وسيط، تعطي رأي الحكومة مباشرة بما يجري من أحداث داخلية أو مع الدول المجاورة .
العراق على الصعيد المحلي :
من الواضح التحذير الذي أطلقه سماحة السيد من خلال خطابه مع ممثل الأمين العام، ولا أُريد أن أقول إنه تحذير الفرصة الأخيرة، بعد أن بح صوت المرجعية فيما مضى عبر خطب الجمعة، عاد المرجع ليحذر مرة أُخرى ولكنه خاطب العقلاء من الأمة والنُخب لتكون المسؤولية مجتمعة وليست على طرف واحد ، وهذا يعني أنَّ الخطر يشمل الجميع وجاء تحذيره واضحاً ينبغي للعراقيين -ولاسيما النخب الواعية- أن يأخذوا العبر من التجارب التي مروا بها ويبذلوا قصارى جهدهم في تجاوز إخفاقاتها ويعملوا بجد في سبيل تحقيق مستقبل أفضل ” هذه دعوة للاصلاح تختلف كثيراً عما يحاول بعضهم من تأجيج نار التغيير الكلي لقلع النظام السياسي والعودة الى ماقبل 2003 ، وهذه الدعوة التي جاءت في البيان تشير إلى خطة عمل لمنهاج سياسي أو ما يسمى عقد سياسي من خلال” إعداد خطط علمية وعملية لإدارة البلد اعتمادً على مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسلم مواقع المسؤولية، ومنع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها …إلى آخر المنهج”فهو شخص المشاكل الواحدة تلو الأخرى وأكد ترابطها وكأنها تحل بدفعة واحدة او تفكك على خطوات هذا ما ينبغي لنا أن ندرسه ولكنه أمر صعب ،ولعله أشار إلى ذلك فذيل قوله ” ولكن يبدو أنَّ أمام العراقيين مسارً طويلاً إلى أن يصلوا الى تحقيق ذلك ، أعانهم الله عليه” والكرة بملعبنا إذا امتلكنا الإرادة والتصميم ابتدأ مشروع الإصلاح .
ولم ينسَ أن يوجه رسالته إلى العالم بالتعبير عن حنقه وغضبه لعجز وتقاعس المجتمع الدولي في فرض الحلول السلمية وأن هذه الحرب هي بمثابة عقاب جماعي للمدنيين وقتل على الهوية حيث عبر سماحته ” عن عميق تألمه للمأساة المستمرة في لبنان وغزة وبالغ أسفه على عجز المجتمع الدولي ومؤسساته عن فرض حلول ناجحة لإيقافها أو في الحد الأدنى تحييد المدنيين من مآسي العدوانية الشرسة التي يمارسها الكيان”، وهي إدانة واضحة للمجتمع الدولي وللكيان الصهيوني عما يجري على لبنان وغزة ، وهو بيان أولي وتحذير ثاني بعد بيان المرجعية السابق حول الاحداث في لبنان وغزة ، وهي تتحلى بالحكمة وتعطي الفرصة للمؤسسات الدولية والحكومات من الاستماع لصوت العقل وإلا فلا يسعنا إلا الدفاع عن أنفسنا ولا نحتاج الى إشارة طفيفة كما حصل ذلك لمجابهة خطر “داعش” الذي استهدف العراقيين المدنيين أولاً وأخيراً.