ماهي المبادئ والقيم التي يستند عليها النظام السياسي في العراق ؟ | بقلم علي الهماشي
كل المبادئ والقيم مالم تطبق على أرض الواقع لايمكن لنا أن نُطلق عنها أنها مبادئ وقيم، فالسلوك يعكس ما يؤمن به الانسان أو المجتمع، ولهذا لا ينظر المراقب الى ديباجة الدستور بل يبحث عن ممارسات وسلوك النظام السياسي التي تراها في مفاصل المجتمع العراقي، وكذلك من خلال ما يروجه المتصدر للمشهد السياسي من قيم ومثل سياسية .
لا شك إننا مازلنا نعيش عملية تفاعل وتجاذب ونفور فيما يخص إرساء قيم ومبادئ سياسية تكون ميزاناً لسلوكنا العام وقبلها سلوك النظام السياسي كذلك.
وحتى هذه اللحظة لا أستطيع أن أجد أو أُطلق ما يُسمى بالقيم والمثل يتبناها حزب أو كتلة سياسية ما وحتى على المستوى الفردي أيضا لا يمكن أن أجد بلورة لقيم سياسية تخرج على شكل منظومة فكرية واحدة،وبعضهم يرتكز الى مفردة واحدة فقط او مفردتين من الفكر السياسي، ولكن لا يمكن لك أن تصفها بمنظومة فكرية متكاملة يقدمها للجماهير كي تعمل أو تؤمن بها .
و لم أجد من يدعي انتماؤه للتيار الاسلامي أنْ نَظَّر أو تحدث في خطابات جماهيرية عن رؤيته الاسلامية السياسية للمجتمع،وكذلك الأمر فيما يتعلق بمن لا ينتمي للتيار الاسلامي، وقد لا أُغالي بالقول إن قلت إننا أمام مجموعة من التناقضات، ومن الفوضى، وكل ما نشاهده هو ردود أفعال لمواقف سياسية، ومواقف يومية،وهذا لا نستطيع أن نسميه فكراً أو تبنياً لمشروع سياسي لقيادة المجتمع .
واذا ما عُدنا للتاريخ السياسي نجد أنَّ الافكار السياسية قد نادى بها الفلاسفة والحكماء،وهذا ما نقلته لنا كتب التاريخ عن الحضارة اليونانية، وأغفل الباحثون عن حكم واراء الحكماء في حضارة وادي الرافدين وحتى حضارة وادي النيل،،،..
البيئة العراقية :
ربما يتبادر الى أذهاننا هذا السؤال هل هناك بيئة ثقافية في العراق يمكن أن تُنتج لنا منظومة فكرية متكاملة !؟
لا أُريد أنْ تكون إجايتي بالنفي مباشرةً كي لا أتطرف ولا أغفل حق أحد ولا أكون متشائماً،لكن المحصلة النهائية والتي استند فيها لاجابة هذا التساؤل (الاستفزازي )، إننا أمام فوضى وبعثرة للافكار والنشاطات، والانفعالات اليومية مما تؤثر على الرؤية الشاملة لحركة المجتمع فيما يصبو إليه، كما نفتقد الى العقلية التي تبلور لنا مجموعة القيم والمبادئ التي ننطلق بها ونستند عليها في عراقنا الجديد، ومما يزيد الأمر سوءاً إننا الابواب مشرعة لكل التدخلات الهجينة على طبيعة مجتمعنا، ولهذا تكاثرت خلال السنوات الماضية الظواهر الصوتية لافكار واراء لا تمتلك جذوراً راسخة أو تستند الى قواعد ثابتة لارسائها بل هي ظواهر ما تكاد تنتهي أو تنحسر في بقعة جغرافية أو في عقول بعض الأفراد،وهو ما عبرت عنه بالفوضى، وهي تدخل في بوتقة الارهاصات التي تمر بها المجتمعات التي تتحرر من الديكتاتوريات وتبقى في دوامة قد تستمر عشرات السنين .
العلاج:
وهذا الامر هو مسؤولية الطبقة السياسية بكل أصنافها،ومسؤولية المثقفين بكل صنوفهم، فما زال المجتمع يفتقر الى مبادئ وقيم يُثقف لها من يتصدر المشهد السياسي أو الثقافي .
وما قصدته في تساؤلي الذي عنونت به موضوعي لا أقصد النظام السياسي الرسمي بل النُظُم السياسية للمجتمع العراقي كله وإن كان دستورنا قد حمل الكثير من القيم الجديرة بالاحترام والاتباع إلا أننا لم نجد من تحدث ودافع عنها بأنها المرجع في حركته وفي مواقفه السياسية،ولهذا نفتقد تثقيفا وترويجاً لمبادئ هذا الدستور .
المُثل و القيم السياسية العراقية :
بعد مرور أكثر من عقدين من الزمن على سقوط الديكتاتورية أرى أننا بحاجة الى معرفة المُثُلِ و القيمِ السياسية التي يستند عليها النظام السياسي في العراق وهي مسؤولية تقع على عاتق كل التشكيلات السياسية التي دخلت في ما يسمى العملية السياسية وانتجت لنا هذا النظام السياسي الذي لا نجد له توصيفاً واضحاً، فلا يمكن لأي منا أن يُدافع أو أن يرضى بنظام سياسي دون معرفة قيمه ومثله،وقد يرفضها أيضا ضمن مفهوم الحرية الشخصية .
فهل سيتصدى السياسيون أو المثقفون على حمل هذه المبادئ والقيم ويعرضها على الجمهور .
لقد كان الفلاسفة اليونانيون يروجون للمبادئ التي اعتقدوها صالحة للمجتمع اليوناني بعد أنْ أمنوا بها ودافعوا عنها بقوة،وأقصد بالقوة هنا كل أنواعها،وإن لم ينقل لنا التاريخ ممارسة العنف في فرض هذه القيم وهي ليست موضوعنا في هذه العجالة التي أناقش فيها أحوال المجتمع العراقي !.
لكنني في صدد المقارنة بين نموذج تاريخي اصبح مصدراً والهاماً للعديد من المفكرين السياسين ونموذج حاضر وأقصد به العراق .كما أنَّ هناك النموذج الاسلامي حيث ينتمي غالبية المجتمع الى الدين الاسلامي ..
وسيبقى التساؤل قائما حتى نصل او نقتنع بوجود مِثل هذه القيم والمبادئ لدى من يتصدر المشهد العام .
*وحي المقال جاء من بحثي في رسالة الماجستير ” المثل السياسية في الفكر الاسلامي ومصادره القديمة”