ان يختطف المرض العضال من بيننا واحدة من أهم النحاتين في العالم العربي، لا يعني أن أحدًا يستطيع أن يمحو من حياة الفن والإبداع بصمات النحاتة الكبيرة منى السعودي التي جمعت بين رشاقة القسوة في التعامل مع الحجر وبين حرارة الالتزام بقضايا الوطن والبشر.
اذكر أنني مازحتها، وانا مشدوه بمعرضها الرائع قبل سنوات في “دار الندوة” قائلًا “يبدو أن لفلسطين علاقة خاصة بالحجر…فأنت تجعلين منه اجمل المنحوتات..وأطفال فلسطين يجعلون منه اجمل الاسحة في انتفاضاتهم..”
وتذكّرنا معًا تضامننا معها حين اعتقلت في الدانمارك في اواسط ستينيات القرن الماضي بتهمة التخطيط لاغتيال رئيس وزراء الكيان الغاصب ديفيد بن غوريون، لأقول لها يبدو أنك ابدعت في الالتزام بقضايا وطنك تمامًا كما التزمت الإبداع في منحوتاتك، التي باتت على ما يبدو صديقها الوحيد حتى الرحيل..
رحم الله المبدعة اللبنانية الكبيرة سلوى روضة شقير التي نبهتني إلى أن منى السعودي ليست مناضلة كبيرة فحسب، بل مبدعة كبيرة ايضًا.
ولا أنسى كيف إنها تسللّت ذات مرة بهدوء إلى “دار الندوة” لتشارك بندوة عن كتاب “مذكرات القائد الفلسطيني الكبير الدكتور جورج حبش” الذي كان يعني لها الكثير.
حين يكون النضال إبداعًا والإبداع نضالًا فأنت أمام منى السعودي.
رحمها الله.