فلسطين … في موجة العنف الأخيرة في الأراضي المحتلة عادت آلة الحرب الصهيونية لتنشر الدمارَ في الاراضي الفلسطينية وبشكل عنيف جداً، كما هي عادتها سابقاً .
في الانتفاضة الفلسطينية في اواخر القرن المنصرم كانت تواجَه الحجارةَ بالرصاص الحي، وتُستخدم سياسيةَ كسرِ العظامِ للمتظاهرينَ، لاتفرق بين ذكرٍ أو أُنثى، رجلاً أو إمرأةً، ومن ثم يُختطف الشبابَ دونَ السنِ القانونية ليفعل جيش الاحتلال بهم ما يشفي غليلها.
الالةُ الصهيونيةُ لا توجد في ملفاتها حقوق الانسان فكل من يعادي بني صهيون يجوز قتلَهُ وسحقَه، وينسبون ذلك لتعاليمَ دينيةٍ، ولا ينكرون ذلك، وقتلً العربِ أنشودةٌ يرددها الاطفالُ في المدارسِ، فـ(الرب) أجازَ لهمْ ذلك، والقتلُ والدمارُ جزءٌ من عقيدتهم وأساس من أُسسِ التربية لديهم.
إذلالُ وإرعابُ الاخرينَ ديدنُهُمْ، فلا صداقاتٌ في قاموسِهِم مع غير الاسرائيلي .
ولا نستغرب حينما نرى فرحَهُمْ ورقصاتِهمْ عندما يرون أثارَ الدمارِ في غزةَ وغيرها فهي بشاراتُ النصرِ الموعودة في عقيدتهم.
ولا نستغربُ خوفَهم من أصواتِ صفاراتِ الإنذارِ فهي الصدمة الصادمة التي توقظهم من خرافاتهم !.
هكذا تربوا على الكره والحقد وكسى عظمهم، وجرى في دمهم، ولهذا يتلذذون بالقتل والدمار .
مفردات أُقتل لاترحم إفتك أبطش بالاخر غَطتْ عقولَهُمْ،فكل مَنْ ليسَ مِنْ أبناءِ جنسي إما مقتولٌ أو ذليلٌ يتبعُ إرادتي
هكذا أرادَ ال(ربُّ) كما يزعمون .
في الحسابات العسكرية الرقمية ضحايا الفلسطنيين من المدنيين اكثر بكثير وقد لا تقارن بخسائر الاسرائليين، والدمار طال البنى التحتية و مراكز تجارية ومبان حكومية ومصانع أهلية ترتبط بقوت ومعيشة المواطنيين، وصلت الى مئات الملايين من الدولارات حسب الاحصائيات الرسمية وهذا ما يعتبره الاسرائيليون نصراً كبيراً لكنه لَمْ يكنْ كافياً بحسب استطلاع للرأي لديهم.
فهؤلاء لم يرفضوا آلة الدمار بل يعتبروها غير كافية، ولم تشكل نصراً عسكرياً بحسب الاستطلاع الذي أجرته (قناة 13) الاسرائيلية،حيث وصلت نسبتهم الى أكثر من 50% من الذين اخذت أراءهم عن نتيجة هذه الحرب !!.
أما الجانب الفلسطيني والعربي فيمكن لنا أنْ نُصور الأمر كذلك الرجل الضعيف الذي صفع شقياً أو بلطجيا في المنطقة أو الحي واعتبره تحولا في مسار حياته، وحياة الاخرين الساكنين معه !.
وهكذا أرادت أجنحة الفصائل الفلسطينية المسلحة أن تصور وصول الصواريخ الفلسطينية تحولاً في المسار العسكري في الصراع الدائر بين الطرفين .
واعتبر محورُ المقاومة ذلك نصراً عسكرياً سيما وأن الدولة العبرية قد تغنت بما أسمته (القبة الحديدية) التي تمنع وصولَ الصواريخ الى أراضيها !.
وعلى المستوى الاستراتيجي أعادت حرب شهر رمضان الى الأذهان مسألة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني والقدس وما جرى ويجري لها في أذهان العرب .
وأحرجت المطبعين مع الدولة العبرية على المستوى الرسمي .
أما على المستوى الشعبي فكانت التغريدات الممجوجة من قبل بعض العرب بالتعاطف مع الاسرائليين نشازاً وإن كانت بعضها مفتعلة من قبل فريق اسرائيلي مختص بالعمليات النفسية التي تستهدف العقل العربي .
أما على الجانب الاستراتيجي العسكري الاسرائيلي فإن هذه الحرب كشفت ضعف الردع العسكري لها وأنها وجدت ولأول مرة أن الحرب تطال مدنها وصفارات الانذار تدوي في شوارعها وهي تخوض معركةً مع فصائلَ مسلحةٍ لا مع دول تملك ترسانة صواريخ وطائرات وسفن حربية كايران مثلاً.
فإيران ومحورها تعتبر هذه الحرب نصراً كبيراً للمقاومة، وكشفاً للمستور الاسرائيلي.
ولن تفلح الدعاية الاسرائيلية في توحيد الخطاب ورفع المعنويات فقد بدأت أصواتُ الانتقاداتِ تتعالى لأن هذا الفاصل العسكري ابتدأه الفلسطنيون وانتهى كما أرادوا، فهو الفشل الذريع لنتنياهو.
وربما نشهدُ استجواباً له في الكنيست وإعادةً للاوراق الحكومية وأولوياتها كما حصل في حرب تموز 2006 .
وربما يجد الاسرائيليون أنفسهم بحاجة مرة أُخرى للراعي الأمريكي للعودة بقوة في ترتيب الاوراق السياسية والعسكرية وهو تراجع وفشل كبير لنتنياهو سيكلفه الكثير وربما تكشف لنا الايام القادمة أثار هذا التحول على مستقبله السياسي .
الحروب لا تقاس بنتائج معركة هنا أو هناك وإنما بالمحصلات النهائية لها .
والحق سيعاد لأهله وإن طال الزمن…. فلسطين