نيويورك تايمز تحذّر من العاصفة القادمة في الشرق الاوسط
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
بعد مقتل سليماني.. العالم يتساءل عن مدى جاهزية ترامب للعاصفة القادمة في الشرق الأوسط
لسنا هنا بصدد تبرير عملية اغتيال قاسم سليماني الزعيم الإيراني الشهير، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هل كان هذا القرار حكيما أصلا! وبخاصة أن جميع المؤشرات تكشف عن مستقبل غامض في منطقة الشرق الأوسط.
لقد كان سليماني من ألد أعداء الولايات المتحدة الأمريكية على مدار سنوات وأداة حاسمة لفرض الهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط كما كان زعيما للإرهاب الدولي المنظم الذي استهدف القوات الأمريكية وغيرهم في المنطقة من اليمن إلى سوريا. هذا فضلا عن دوره البارز في الهجوم الاخير الذي نفذته الميلشيات الشيعية في العراق والذي أدى إلى مقتل أحد مسئولي الدفاع الأمريكيين حيث جاء رد الفعل الأمريكي مباشرا بعد تلك الواقعة متمثلا في ضربة جوية ضد الميلشيات المسئولة عن الهجوم.
ربما كانت زيارة سليماني إلى العراق بهدف التخطيط لتوجيه ضربة جديدة إلى القواعد الأمريكية هناك أو تنفيذ بعض الهجوم داخل أراضي الولايات المتحدة نفسها، ولعل ذلك ما دفع الجانب الأمريكي لاتخاذ خطوة مسبقة من خلال استهداف سيارته بصاروخ عبر طائرة مسيرة مما أسفر عن مقتله في الحال ورفيقه في تلك اللحظة أبو مهدي المهندس زعيم أحد الجماعات الشيعية في العراق. والجدير بالذكر أن تلك الخطوة التي أقدم عليها ترامب ، قد عارضها في الماضي كل من جورج بوش وباراك أوباما لسنوات، خشية إثارة المزيد من الصراعات مع إيران وزعزعة الاستقرار في المنطقة.
وثمة فروق جوهرية بين تلك الواقعة، وغيرها سابقا كاغتيال كل من أسامة بن لادن زعيم القاعدة، وأبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، واللذان لا يحسبان على دولة أوحكومة بعينها، فالأمر يختلف كثيرا بالنسبة لقاسم سليماني أحد كبار المسئولين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية حيث يمثل اغتياله تصعيدا خطيرا في ملف العلاقات بين ايران والولايات المتحدة .
والغريب في الأمر أن قرار اغتيال الزعيم الإيراني قد صدر من رئيس طالما تغنى بخطورة التدخل الأمريكي في شئون الشرق الأوسط، ونفي كافة الأطروحات التي تتناول الحديث عن استخدام القوة العسكرية الأمريكية، وكأنما أراد ترامب بذلك استفزاز طهران من أجل الرد.
وفي تصريح له الخميس الماضي-قبل اغتيال سليماني مباشرة- قال مارك إسبر وزير الدفاع الأمريكي :”لقد تغيرت قواعد اللعبة” متعهدا باتخاذ كافة الإجراءات الوقائية الممكنة في حال اكتشاف أي نوع من المؤمرات من قبل الجماعات المسلحة المدعومة من إيران ضد الأهداف الأمريكية في المنطقة.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه على الأذهان، لماذا أقدمت الولايات المتحدة على تنفيذ ضربة مفاجأة على هذا النحو بعد تردد دام طويلا رغم الأفعال الإيرانية الاستفزازية من قبلن وبخاصة استهداف المنشآت النفطية السعودية؟ لماذا لم تقدم واشنطن على اتخاذ تدابير أكثر حكمة قبل هذا الانزلاق المفاجئ والذي أحدث نوعا من الغليان في المنطقة؟
وقد أشار السيناتور الديمقراطي كريستوفر ميرفي وغيره آخرين إلى خطورة الخطوة التي أقدم عليها الرئيس ترامب دون الحصول على موافقة من الكونجرس، مؤكدا على أن الإدارات الامريكية السابقة كانت حريصة على تجنب قتل المسئولين الأجانب إيمانا منها بأن تلك الاغتيالات لن تجني سوى المزيد من القتلى في صفوف الجنود الأمريكيين.
وفي الوقت الذي لازال ترامب ينتظر فيه محاكمة مجلس الشيوخ على خلفية المطالبة بعزله من قبل مجلس النواب، أثارت واقعة اغتيال سليماني المزيد من الأسئلة حول حقيقة الدوافع وراء ذلك الهجوم، كما الحال في عام 1998 عندما أثيرت تساؤلات مماثلة حول نية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون من الهجوم على العراق في العملية المعروفة بت “ثعلب الصحراء” .
وبينما كان يعقد الكونجرس عدد من جلسات الاستماع، احتشد معظم الجمهوريين المؤيدين للرئيس الأمريكي ، بينما طالب الديمقراطيون المعارضون لسياسة ترامب بضرورة الإفصاح عن طبيعة التهديدات التي كانت محتملة والمخاوف الأمريكية والتي تقرر في ضوءها تنفيذ اغتيال سليماني.
وفي تعليق له على تلك الواقعة، قال ترامب إن القرار الأمريكي الصادر استهدف في الأساس وقف الحرب وليس بدء الحرب. ومن جانبه صرح مايك بومبيو وزير الخارجية لشبكة سي إن إن بأن القرار الأمريكي كان بمثابة إجراء وقائي ضد التهديدات الإيرانية المحتملة والتي من شأنها تعريض حياة الأمريكيين للخطر، ولكن دون الإفصاح عن طبيعة ونوع تلك التهديدات.
وعلى العكس من ذلك تماما، فقد أدى مقتل واحد من الزعماء المقربين من المرشد الأعلى لإيران آية الله خامنئي وواحد من أبرز رجالات الدولة ممن يحظى بشعبية كبيرة، إلى التأكيد على أن الانتقام الإيراني بات وشيكا. فقد أعلنت إيران صراحة عن نيتها لمواجهة أمريكا بل وإهلاكها على- حد تعبير الزعماء في الجمهورية الإسلامية- مع الإشارة إلى أن أذرع إيران القوية تنتشر في شتى بقاع الأرض وقادرة على التصدي للهجمات الأمريكية من خلال العديد من الوسائل ومن بينها الحرب الالكترونية.
ويمكن القول بأن ضربات إيرانية قوية بهذا الحجم من شأنها دفع أمريكا نحو الرد بصورة أكثر عنفا مما يهدد باحتمال اندلاع حرب جديدة في المنطقة، وفي هذا السياق قد تعرض إسرائيل خدماتها أيضا رغم كافة المشكلات السياسية المحيطة برئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، كما أن العراق المفتقر إلى حكومة مستقرة قد يصبح مسرحا ممهدا للأحداث الجارية والمعركة المحتملة.
وبالنظر إلى المخاطر الهائلة التي باتت تحيط بمستقبل الولايات المتحدة بعد القرار الأهوج من قبل كل من ترامب ووزير خارجيته ووزير دفاعه، فقد بات مفروضا على ثلاثتهم الآن توضيح الدوافع الحقيقة لذلك القرار الخطير للغاية. وبخاصة بعد سلسلة من الأكاذيب قادها ترامب إلى جانب سوء استخدامه لسلطته وارتجاله في شئون السياسة الخارجية مما قوض مصداقيته في الداخل والخارج وحرك الدعوى نحو عزله مؤخرا. والآن أصبح الكونجرس وجميع الأمريكين في حاجة إلى معرفة الحقيقة.
رابط المقال الأصلي اضغط هنا
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
قد يعجبك ايضاً
http://box5852.temp.domains/~iepcalmy/strategicfile/سياسة/شبح-الحرب-الأميركية-الإيرانية-تهديدٌ/