هل هناك حراك ثقافي في العراق ؟ | بقلم علي الهماشي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
يبدو أنه سؤال استفزازي نوعًا ما، ويبقى تساؤلا حائرًا الى أن تتضح الصورة، ويتبين المشهد الثقافي بأبعاده ليس للطبقة المعنية، وإنما للمجتمع بكل طبقاته، ولا غلو إن قلتُ أنه سؤال مشروع في ظل فوضى المشهد بشكل عام ولا أقول المشهد الثقافي فحسب.
فإن لم تستطِع الطبقة المثقفة أن تقود المجتمع، فهناك خلل بنيوي، وهناك تقصير من هذه الطبقة، وقصور من المجتمع بأن يتعلم من هذه الطبقة ..
وإن فشِلَ المثقفون في إقناع المجتمع بوجودهم، أو بأنهم يقودون حراكًا ما، فإن هذا يعني أنَّ المجتمع لا يتفاعل معهم، و يعني عدم وجود وسيلة اتصال بين الطرفين وكلاهما يعيش في حالة انفصال، وإن لم يصرخ المثقفون بوجه هذا المجتمع ليستفيق فهذا يعني أنَّهم راضون بالواقع، وهم جزء في الفوضى .
وهنا أما أن تكون هناك هزة أو اهتزازات ليفيق المجتمع، أو الانهيار التام حينما لاتعالج هذه الاهتزازات الذي قد تتحول ارتداداه الى زلزال مدمر !.
ونعود لنسأل هل هناك حركة ثقافية في العراق ؟
وقبل الإجابة لابد أن نقول هناك فرق بين وجود مثقفين ووجود حركة ثقافية، لهذا التساؤل لاينكر وجودهم، ولكن هل تتبلور حركتهم في المجتمع؟
هل يرصدُ المثقفون الإصدارات العراقية ويتم عرضها للنقاش أم نعيش اللامبالاة في ذلك، ويمضي المثقف لهدفه لوحده، لا أُريد تسميتها بالنزعة الفردية، كما هو الأمر في البلدان الغربية، ولكن انغلاق المثقف بالحوار مع نظيره الآخر، ومن ثم مع بقية المجتمع تزيد من الهوة، ولاتنتج الحراك المطلوب، بل لايمكننا في هذه الحالة أن نُميز بينه وبين الآخرين.
هل يرصد المثقفون ما طرأ ويطرأ على الساحة الثقافية العالمية ؟ هل تم التعامل معها بما يتواءم مع ساحتنا الثقافية ؟
هل تصدى المثقفون لمن طرأ وقفز على هذه الساحة، و بدأ يقضم من مساحتهم، ويمارس دورهم ؟
ومرةً أُخرى أقول أن المثقفَ الذي لايعطي لمجتمعه مثقفٌ خائنٌ وأناني، والغريب إنَّ مَنْ كانَ يتحججُ بالديكتاتورية سابقًا يلعنُ الديمقراطيةَ اليومَ، ويواصل لعنه ليومه وينعزل عن الجماهير، لايمكنني أن أُسمي المثقف مثقفًا ما لم يتفاعل مع المجتمع ويعيش طموحه وألمه، ويدفع به نحو الاستقرار ويطفئ من حرارة العصبيات والإرهاصات الضارة به.
كانت الديكتاتورية تقولب الثقافة بمنهج يخدم توجهها لتؤطر المجتمع بقالب او قوالب تابعة لسياستها .
وبعد سقوط الديكتاتورية ودخولنا في الفوضى للوصول الى الديمقراطية أو التحرر من الديكتاتورية إلا أننا لم نزَل في مراحل الدخول إلى الديمقراطية وهي الانتخابات، التعددية الحزبية، نظام برلماني، ومن أضرارها الجانبية انتشار السب والشتم القذف، عدم احترام القوانين
التجاوز على ممتلكات الدولة والتدخل الخارجي بكل أنواعه، وعدم استقرار سياسي، وأمني، و اقتصاد مفكك بسبب عدم الاستقرار الحكومي، والأضرار الجانبية أكثر من المنافع …
ولازال الفرد العراقي لايؤمن بالديمقراطية عندما تطالبه بمسؤولياته فيتحجج (تريدون ترجعونا لايام صدام)، ونفس هذا الفرد يحن أو يطالب بالديكتاتورية، ويميل الى الاستعباد الطوعي …
يجب أولا أن لا نستنكر علاقة المثقف بالسياسي، والأجمل أن يعيش السياسي أجواء الثقافة بكل أبعادها .
ولكن الكثير من السياسين مازال نتاج البيئة ولم يرتفعْ بوعيه لينتجَ مشروعًا نهضويًا للمجتمع، وكذلك المثقف الذي لم يأخذ بزمام المبادرة، ولم تزَل الطبقة المثقفة لاتمارس دورها كما ينبغي، مع ملاحظة أنني أتحدث عن الحالة العامة.
ولهذا نجد فوضى سياسية وثقافية قد يبررها بعضهم بأنها نتيجةٌ طبيعية لما بعد الديكتاتورية، ولكننا سنصرخ لنقول كفى .
فآن الاوان لتقول هذه الطبقة كلمتها، ولتبدأ ببلورة مشهدٍ جديدٍ من أجل إنقاذ ما يمكن انقاذه، وترميم البيت الثقافي أولاً ثم بناء المجتمع وفق رؤيةٍ سليمة بأُسسٍ علمية رصينة.
عند ذاك سنردد بدأ الحراك الثقافي المطلوب .