وإن كنا بدويين لكننا نريد العيش بكرامة ..! | كتب علي الهماشي
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
استمعت ورأيت مقطعًا مصورًا لأحدِ رجال الدين وهو يذكر معاناة علي (ع) مع أهل العراق.
فالإمام علي هو الخليفة الذي أرادَ إحقاقَ الحقِ والعدالةِ والحرية في مجتمعه أنذاك ولكن فُسِر هذا بالضعف لأنَّ مجتمعَ العراقِ أنذاك مجتمعٌ بدوي قبلي، ولا ينفعُ مع هذا المجتمع إلا أمثال الحجاج كما قال المتحدث (حفظه المولى).
وإلى هنا قد أُوافقُ المتحدثَ في تحليله كجزء من المشكلة التي واجهتْ حُكمَ الإمام علي (ع) في خلافته التي قضاها حروبًا ونزاعات منذ نقل مركز الخلافة من المدينة إلى الكوفة.
ولكن السيد المتحدث استصحب الأمر على مجتمعنا العراقي في العصر الحديث فقال “و إلى الآن المجتمع العراقي مجتمع بدوي أو قبلي ولهذا لايصلح له الا النظام البائد”.
مثل هذه العبارات تهزني وتجعلني انتفض لأنها تمس مجتمعًا بكامله أنتج من علماء الدين العشرات، ومن علماءٍ في مختلف العلوم ما يدل على رقيه وتحضره.
إنَّ مثلَ هذهِ الأحكامِ تبررُ لبعض السياسين فشلَهُمْ وفسادَهُمْ (الفساد عندي ليس سرقة المال العام فحسب وانما القصور والتقصير في أداء المهام المطلوبة ) بأن المجتمع لا يصلح معه شيء.
ومثل هذه التحليلات من رجل دين يوصف بالمجتهد وله أتباع في العراق يرونه مرجعًا دينيًا يعودون إليه في الفتيا، فإنها قد تَعطي تبريرًا للديكتاتورية وإنَّ الخلل يكمنُ في المجتمع ولا يمكن إصلاحه !!.
بل يدب في الناس نوعًا من القبول بالظلم وانعدام الاستقرار وكل المصائب لأننا لانستحق ذلك !.
فلابد من الكي وهنا لايكون دواءً بل مزيدًا من الحرق والتنكيل بهذا المجتمع الذي لاتصلحُ له أيُ قيادةٍ عادلة بل يصلح له السيف الذي يقطع الرؤوس اليانعة !!.
وإنْ سلّمنا بقبليتنا وببداوتنا بحسب توصيف الرجل (العلامة) إلا أننا نملك الحق بالعيش بكرامةٍ وعدالة وحرية ، وهي ليست منةً من أحد بل يجب على السياسي أو من يتبوأ المنصب التنفيذي أن يسعى لذلك.
فهي أمانة ومسؤولية السياسي الذي يسعى إلى رقي مجتمعه لا أن يبرر ما يريد تبريره.
فالإمامُ علي (ع) لم يُغيرْ منهجه السياسي ولا غير أُسلوبَ حياته بحجة أنَّ المجتمعَ بدوي لاتنفع معه الا القوة والصرامة والقتل والإرهاب، بل استمر على منهجه لأن واجبه كان يتجسد برفع القيم الأخلاقية للمجتمع .
وقد جعل من الحرية وشجاعة إبداء الرأي ديدنًا لأهل العراق، وهذا ما أقره معاوية ابن أبي سفيان حينما حاججه ذلك العراقي الكوفي الوافد إلى دمشق وحضر إلى مجلس معاوية الحاكم المحاط بالحرس وبكرسيه المرتفع عن بقية الأرائك لتضفي عليه هيبة السلطان، ولكنها لم تؤثّر في ذلك العراقي الذي قال ما قال في مجلس معاوية الذي لم يجد إلا الاعتراف بتربية علي (ع) فقال شهادته “لمظكم أبو تراب” نعم نحن مجتمع تعلم أن يقول قول الحق بوجه الظالمين ،ربما نسكت ،تطبقُ شفاهنا لبعض الوقت لكنها تنطلق وتصدح بقوة وهكذا فعلنا في وجه الطاغية ولم تفلح كل أدواته باسكاتنا بكل ما قام به قتل وتجويع وتهجير في انتفاضات سجلها التاريخ لنا .
إنَّ بدويتنا تكمن في أننا سريعو الغضب عاطفيون ،تأخذنا شيم البداوة إلى اكرام الضيف رغم غدره بنا سابقا، نجير الضعيف ونسارع إلى نجدة الاشقاء، ونعطي من مالنا رغم حاجتنا اليه ..
هذه قيمُ البداوة الأصيلة وليست تلك التي لا تنصاع إلا للقوة، نعم نرغب في قوة الحق ولا نرضى بغير الحق، وماذا كانت نتيجة القوة الظالمة التي استخدمها النظام البائد التي عبر عنها السيد المتحدث بانها فقط من تستطيع قيادتنا؟
نتيجتها أنه وجد وحيدًا في حفرةٍ وخرج منها ذليلًا مهانًا تحت جزمة ذلك الجندي الذي اعتقله ذليلا خائبًا، وكان آية للطغاة في هذا العصر، كما كان غرق فرعون اية فيما مضى من التاريخ .
نحن بدويين لكننا أُصلاء نحمل في جنباتنا قيمها النبيلة، ونحترم القوة التي تقف إلى جانب الحق “إنَّ الله يحبُ المؤمنَ القوي” نحب الصلابة التي لاتنكسرُ أمام التحديات تلك هي بداوتنا ويا محياها وسنظل نتغنى بها وأنا العراقي البدوي.
ملاحظة : انتقادي لكلام السيد الذي ظهر في المقطع ليس إلا …