كلمة ناشر الملف الاستراتيجي في دورة “حكاية الديمقراطية والتنمية” في الصين
القى ناشر موقع الملف الاستراتيجي البروفسور بيار الخوري كلمة في دورة حكاية الديمقراطية والتنمية التي نظمتها دائرة العلاقات الخارجية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني يوم الثلاثاء 15 آذار الحالي.
ترأس أعمال الدورة معالي وزير دائرة العلاقات الخارجية في الحزب السيد سونغ تاو ومواكبة من شخصيات الدائرة وحضرها وحاضر فيها مجموعة من القيادات السياسية والإعلامية ومراكز الأبحاث في العالم العربي وفيما يلي نص الكلمة:
حضرة وزير دائرة العلاقات الخارجية السيد سونغ تاو. حضرات السادة في دائرة العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني، حضرات مسؤولي الاحزاب والمنظمات والهيئات الفكرية والمؤسسات الاعلامية الكرام،
يشرفني ان اكون مدعوا لحضور هذه الدورة بمعية نخبة من المنظمات الاهلية والاعلامية والعاملة في مجال التنمية والساعية لمستقبل مشرق لبلدانها، كما يشرفني القاء كلمة في هذه المناسبة بدعوة من لجنة العلاقات الخارجية الكريمة في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني العظيم.
ان مسالة علاقة التنمية بالديمقراطية يشوبها الكثير من التشوهات رغم اصلها النبيل. مصدر هذه التشوهات يتأتى من تحويل الديمقراطية الى مادة دعائية في خدمة الراسمالية العالمية ومصالحها عبر العالم حيث تم دمج انتقائي بين كوكبة من المفاهيم كالديمقراطية وحقوق الانسان والحرية وذلك في ظل ابدال وخلط متعمد بين مفهومي التنمية والنمو.
لقد عالج الاستاذ في جامعات اوستراليا وجامعة بكين جون ماين مسألة تطور اشكال الديمقراطية عبر التاريخ وصولاً الى الديمقراطية الغربية الحديثة ملاحظًا ان الثمار التي اعطتها الديمقراطية الغربية اعتبارًا من القرن التاسع عشر قد قامت على استعمار مجال الاخرين الحيوي بما فيها الارض وفرص العمل ومصادر زراعية صالحة للتصدير ومعادن كلها تشكلت في الواقع بدوافع الربح وتحويل الثروات الى الغرب وحرمان هذه البلدان بالتالي من فرصها في اقامة نماذج التنمية الخاصة عبر حرمانها من هذه الموارد الحاسمة للمستقبل المشرق.
بالمقابل نشأ في الدول غير الغربية ظاهرة لا زالت تتنامى هي ظاهرة ديمقراطية رجال الاعمال الزعماء حيث يحل المال مكان البرنامج والقدرة على تسويق الشخص بديلاً من المعايير المرتبطة بالتنمية في ظل دعاية قوية تربط بين استمرار زعماء المال باستمرار استقرار بلادهم. الهة صغار تم تركيبهم من حسابات المصارف والاستثمارات والعلاقة مع الحواضر الغربية التي تقدم تسهيلات لهؤلاء تسمح باستمرار حكمهم وثباته في عقول العامة.
سؤال معرفي رئيسي يتعلق باولوية الديمقراطية على التنمية او اولوية الاخيرة على الاولى. المرجع بالنسبة لعلم الاجتماع وعلم السياسة هو الرسالة. ايهما تحمل رسالة للانسان؟ ايهما تعمل في سبيل مستقبل افضل للبشر؟
ليست الديمقراطية الفارغة من اي مضمون انساني، كتابًا دينيًا، ولا نصوص منزلة لذلك تغدو شرعية اي نظام مهما كان شكل الحكم ومهما كانت اليات تمثيل الشعب ضمن النظام مرتبطة بمؤشرات التنمية وضمنا القضاء على الفقر وتليين التفاوت الاجتماعي التعليم البحث العلمي اكثر من ارتباطها بصحة فرز صناديق الاقتراع ودورية العمليات الاقتراعية.
ان الديمقراطية التي ينشرها الغرب كالقيمة الاسمى لتطور المجتمعات هي قيمة شكلية لا تراعي الجوهر الاجتماعي من ناحية ، وهي تسوق لمفهوم رسالي ديماغوجي اسمه النمو ومحاولة التماهي بين مؤشرات نمو الاعمال ومؤشرات التنمية الاجتماعية.
نحن ديمقراطيون في مفاهيمنا ولكننا لا نقبل ان نعامل كاغبياء. لا ديمقراطية بدون تعزيز عناصر حفظ الكرامة الاجتماعية والانسانية للجنس البشري.لذلك يغدو انفتاح العقل على النموذج العظيم الذي ارسته القيادة والحزب والشعب الصيني تجربة تستحق الدراسة من منظور مصلحة بلداننا وامتنا في التعاون في سبيل التنمية وطريق يستحق النضال من اجل مقاربة الكيفية التي نستطيع معها الاستفادة من هذا النموذج بالحكم التناغم مع ارادة الشعب في ظل استراتيجية عامة تركز على التقدم الحضاري والعمل الدؤوب من اجل مستقبل الشعب والامة والدولة.
نحن في الملف الاستراتيجي ملتزمون بالنشر المرتبط بإعلاء شأن التنمية وهذا هو جوهر رسالتنا والتزامنا في هذا الاطار بتبني مبادرة الحزام والطريق واضح وكذلك التزامنا بانتاج الملفات المتعلقة بالعلاقات العربية الصينية وكذلك نقل التجربة التنموية الصينية الرائدة للمثقف والقارئ العربي ونحن فخورون برسالتنا هذه.
ان الحكم على الاشكال السياسية للحكم والحوكمة هو حكم تنموي بالاساس ومرجع هذا الحكم هي مؤشرات التنمية في المجالات المختلفة من محاربة الفقر الى التعليم الى البحث العلمي الى تمكين المرأة وحماية حقوق الطفل وهذا ما يجب ان تركز عليه وسائل الاعلام والمنظمات الاحزاب الساعية الى رقي بلداننا ورفعتها ودروها في المستقبل المشترك للانسانية. اما الدفاع عن الاشكال الفرغة للديمقراطية باسم مقدس مبهم وانتقائي اسمه DEMOCRACY فهو قمة التغافل عن المعايير الحقيقية لنهضة الشعوب
وشكرًا