يترقب العالم اللقاحات التي يُنتظر أن تكبح جماح فيروس كورونا الذي شلّ حياة البشرية منذ سنة وترك تداعيات كبيرة جدًا على حياة البشر و إقتصاد العالم. ثمة أسئلة بشأن الأعراض المرضية للفيروس وماهيّتها وكيفية علاجها والوقاية منها في الأسابيع والأشهر وربما السنوات التي تلي الإصابة أي على المَدَيين المتوسّط والبعيد بعد تجاوز المرحلة الحادّة.
شرحنا في مقالات سابقة الأسباب التي تجعل من مرضى القلب والشرايين وغيرهم من المرضى المُزمنين أشخاصًا أكثرَ عُرضةً للإصابة بإلتهابات أكثر خطورة من “فيروس كورونا”، كونهم أصلًا من المرضى الضعيفي المناعة بشكلٍ عام وضعيفي المُقاومة نسبيًا تجاه أية مضاعفات رئوية أو قلبية أو كلوية حادّة، وذلك لأن حالتهم تكون في الأساس غير مُستقرّة وقابلة للتدهور، فإذا ما حدثت إلتهابات فيروسية مع أضرار رئوية حادّة أو أية أضرار أخرى، فإنّ ذلك قد يؤدّي إلى خلل في التوازن الدقيق اصلًا والموجود عندهم بين وظيفة العضو وحالته المرضية الموجودة.
وأوضحنا في مقالات عِدّة الأضرار والأعراض القلبية والشريانية الخطيرة التي يتسبّب بها “فيروس كورونا” بحدّ ذاته لأنه ينتقل من الأنف والحنجرة والبلعوم ثم يغزو الرئتين. من هناك يدخل إلى الدمّ ومنه إلى أعضاء الجسم كافة، بحيث يتغلغل الفيروس في “خلايا البطانة الداخلية الموجودة في جدار معظم الأوعية الدموية”، وفي خلايا القلب والكلى والأمعاء والأعصاب والعضلات وغيرها من الأعضاء، ويتسبّب بحالة “إلتهابات حادة في هذه البطانة الداخلية المنتشرة” في كل الأوعية الدموية قد تظهر آثارها في ما بعد بشكل إصابات صامتة غير سريرية Subclinical disease وهنا تكمن خطورتها أصلًا وضرورة الكشف عنها وتشخيصها بكل الوسائل التشخيصيّة المُمكنة، او ربما تظهر لاحقًا بعد مرور أسابيع او اشهر او حتى سنوات من بداية ظهور الأعراض.
هذه الإصابات قد تأتي بشكل إصابات قلبية او شريانية خطيرة مثل الذبحات القلبية (إحتشاء عضلة القلب) بكلّ اشكالها او بشكل إلتهابات خطيرة وحرجة جدًا في عضلة القلب Acute Myocarditis قد تؤدّي الى ظهور قصور شديد في عمل عضلة القلب او الى حالة صدمة قلبية او الى إضطرابات خطيرة ومُميتة احيانًا في ضربات القلب.. او اخيرًا بشكل جلطات وريدية او رئوية حادّة وخطيرة وغيرها من الأعراض القلبية والشريانية.
ستحاول هذه المقالة مناقشة كيفيّة حصول الأعراض المرضية التي هي إستمرارية للإلتهابات الفيروسية وماهيّتها وكيفية علاجها والوقاية منها، لأنّ هذه الظاهره بدأت فعليًا تُشكّل مُشكلة صحيّة خطيرة في معظم الدول التي حصلت فيها إصابات كثيرة بفيروس كورونا نظرًا لأهمية وخطورة هذه الأعراض وما ستمثّله من مشاكل صحية وطنية في تلك الدول في السنوات المقبلة، بخاصة وأنها قد تُشكّل عائقًا كبيرًا أمام عودة المصابين بإلتهابات فيروس كورونا إلى حياتهم الطبيعية نتيجة إمكانية تعرّضهم لمخاطر صحيّة، عصبيّة، نفسيّة و إجتماعية قد تمنعهم من العودة الآمنة إلى أماكن العمل بشكلٍ كامل، بخاصةً أيضاَ نظرًا للأعداد الهائلة من هؤلاء المُصابين الذين تعدّى عددهم حتى اليوم (تاريخ كتابة هذه المقالة) الستين مليون مُصاب في مختلف دول العالم.
أولًا- الحيثيات وبعض المُعطيات الأوّلية:
في ظل إستمرار فيروس كورونا بالتسبّب بإصابات جديدة يومية في معظم دول العالم، نجدُ أنّ الدراسات التي إهتمّت بموضوع الأعراض والإختلاطات التي تحدُث على المَديين المتوسّط والطويل هي قليلة نسبيًا نظرًا لأن العالم كُله مشغول تقريبًا حاليًا على مستوى الحكومات والأطقم الطبية بالتصدّي للمخاطر الحادّة ولعلاج الحالات الحرجة التي يتسبب فيها يوميًا هذا الفيروس الكثير العدوى وفي السعي لإيجاد اللقاحات و-أو الأدوية الفعّالة للحدّ من إنتشار هذا الفيروس.
ونشر خُبراء كُثر مقالات تتحدّث عن إمكانية حصول إختلاطات قلبية، رئوية، عصبية، ونفسية نظرًا لمعرفتهم السابقة بهكذا إلتهابات فيروسية. واستندوا كثيرًا في ذلك إلى الدراسات التي نُشرت في الماضي بعد حدوث إلتهابات مُشابهة في السنوات الماضية عندما ظهر “فيروس مُتلازمة التنفّس الحادّ الشديد” او “مُتلازمة التنفس الحادّ الوخيم التاجي” او ما سُمّي يومها بـ”السارس” (SARS-CoV-1: Severe Respiratory Acute Syndrome Coronavirus) والذي ظهر في بعض الدول الآسيوية ومنها الصين في ١٦ نيسان/أبريل ٢٠٠٣. وتمّ يومها تفكيك الشيفرة الورائية لهذا الفيروس في جامعة روتردام في هولندا وتبيّن للخبراء حاليًا انّ فيروس كورونا الحالي هو فيروس مُشابه لذلك الفيروس الذي كان يتسبّب تقريبًا بذات الأعراض التي نراها اليوم مع كورونا.
أما الفيروس الثاني الذي يستفيد الخبراء من الدراسات حوله فهو “فيروس مُتلازمة التنفّس الحادّ الشرق متوسّطيّة”Middle East Respiratory Syndrome: MERS-Cov وهو فيروس مُشابه ايضًا للفيروس التاجي الحالي. وظهر لأوّل مرّة في العام ٢٠١٢ في السعودية حيث كان يتسبّب بأعراض مُشابهة هي الحرارة والسعال وإلتهابات رئوية حادّة. وتمّ تشخيصه عند ١٢١٩ مريضًا وقتذاك، وكان فتّاكًا للغاية بحيث تُوفي نحو ٣٠٪ من المرضى الذين أُصيبوا به، أي ٤٤٩ شخصًا.
وأشارت الدراسات وقتذاك إلى ان هذا الفيروس كان موجودًا عند الخفافيش التي كانت تعيش في تلك المنطقة لكنه انتقل إلى الإنسان عن طريق الإبل (الجمال) وتحديدًا عند تناول حليب الإبل او أكل لحومها. وظهرت منه بعض الحالات في أوروبا في العام ٢٠١٣، بينها حالتان في مدينة Lille الفرنسية وتمّ يومها حصره في فرنسا بسرعة بفضل إجراءات إحترازية منعت إنتشاره خارج المدينة. لاحقًا، وتحديدًا في ٢٠ ايار/مايو ٢٠١٥، ظهر هذا الفيروس في كوريا الجنوبية حيث اصاب ١٥٤ مريضا توفي منهم ١٩ شخصا وقيل حينذاك ان مصدر الوباء جاء من منطقة الشرق الأوسط والسعودية تحديدًا وان العامل الأساسي الذي ادّى إلى إنتشاره في كوريا هو كثرة زيارات الأشخاص الذين أصيبوا للمراكز الإستشفائية. وفي كلتا الحالتين، اي بعد الفيروس الذي ظهر في العام ٢٠٠٣ او الآخر الذي ظهر في العام ٢٠١٢، ظهرت اعراض كثيرة مُتآخّرة جدًا على تاريخ الإصابات الحادّة مثل التوتّر العصبي والقلق والإكتئاب ومشاكل النوم ومضاعفات قلبيّة وشريانية خطيرة ومضاعفات في عملية إستقلاب الكربوهيدرات (السُكّر) والدهنيات في الدم. إضافة إلى مُتلازمة التوتّر الحادّ ما بعد الصدمة Post Traumatic Stress Syndrome ومشاكل رئوية مُختلفة من ضمنها إمكانية حصول تليّف رئوي مُزمن وقصور مُزمن في التنفّس ونقص في عمليات تبادل الغازات من خلال جدار الحويصلات الرئوية بسبب الأضرار الكبيرة التي يتسبّب بها مثلُ هذين الفيروسين في وظيفة الرئتين.
بالعودة إلى فيروس كورونا الحالي، ومن خلال التقرير المُشترك لبعثة مُنظمّة الصحّة العالمية والسلطات الصينية، يُمكننا القول أن “الفترة المُتوسّطة الحادّة” التي تحصل فيها الأعراض من تاريخ بِدء الأعراض حتى تاريخ الشفاء هي نحو أسبوعين في الحالات الخفيفة من إلتهابات كورونا.. وبين ثلاثة إلى ستة أسابيع في الحالات الحرجة والتي تتطلّب الدخول إلى المستشفيات وأقسام العناية المُركّزة. ويشير تقرير نشرته وزارة الصحة العامة في إقليم اونتاريو في كندا بتاريخ ١٠ تموز/يوليو ٢٠٢٠ إلى شبه “إجماع علمي عالمي” على أن أية أعراض أو إختلاطات تظهر بعد مرور ستة أسابيع على الشفاء أو تستمرّ أكثر من ستة أسابيع من بداية ظهور الأعراض تدخل ضُمن الإختلاطات والأعراض المُتوسّطة والطويلة الأمد التي نحن بصدد الكلام عنها.
ثانيًا- الأعراض والإختلاطات المُمكنة:
من المُمكن تفصيل هذه الأعراض بحسب العضو المُصاب في الجسم على الشكل التالي:
أ – الأعراض العصبيّة:
لا توجد تقارير كثيرة حتى اليوم عن الإختلاطات الجانبية العصبيّة التي يتسبّب بها فيروس كورونا الجديد COVID-19. لكنّ الدراسات التي نعرفها مع مثيلات هذا الفيروس التي ذكرناها سابقًا تُشير إلى إمكانية حصول “أمراض عصبية تنكّسية” أو ترهلية أو تفكيكية (Neurodegenerative disease). ومن هنا ضرورة مُراقبة الوظائف العصبية والنفسية والسيكولوجية عند المرضى الذين تعرّضوا لهكذا إلتهابات بفيروس كورونا.
وتُشير بعض التقارير إلى إمكانية زيادة نسبة الإصابة بـ”مرض الزهايمر”، وإلى إمكانية إستمرار وجود أو ظهور خلل دائم في وظيفتي الشمّ والتذوّق. بحيث أكّدت الكثير من الأطقم الطبيّة في مختلف دول العالم إمكانية حصول ذلك خاصةً عند الشباب، كما ظهر في دراسة كورية جنوبية سابقة. وقد أكّدت ذلك دراسة إيطالية أُجريت على ١٢٦مريضًا من متوسطي السن (٤٥ سنة). وأشارت دراسة صينية أخرى أُجريت على ١٤٥ مريضا بلغ مُتوسّط اعمارهم ٤٩ سنة، إلى أن حاسّتي الشمّ والذوق تعودان إلى حالتهما الطبيعية في تاريخ وسطي يبلغ ٦٢ يومًا.
وأكّدت دراسة ألمانية أخرى أنّ ٥٠ بالمئة من المرضى الذين تابعم ذلك الفريق أُصيبوا بهذه الأعراض وأنّ نصف المرضى المّتابعين في الدراسة بقي عندهم مشاكل في حاستي الشم والذوق بعد مرور سبعة أسابيع على بداية ظهور الأعراض.
ب – الأعراض والإختلاطات الرئوية:
أظهرت بعض الدراسات التشريحية التي أُجريت على بعض الأشخاص الذين توفّوا نتيجة فيروس كورونا وجود أضرار فادحة في الحويصلات الرئوية عندهم. ممّا أكّد إعتقاد الكثير من الخبراء بأن إلتهابات كورونا قد تؤدّي إلى حصول “تليّف رئوي مزمن” بالرغم من ندرة المعطيات والدراسات العلمية في هذا المجال. إلاّ أن الكثير من المُعطيات الأوّلية تؤكد ذلك. فقد أظهرت دراسة بواسطة التصوير المقطعي المحوري على ١٦٥ مريضًا أنّ ٢٢ بالمئة من المرضى بقيت عندهم آثار الإلتهابات الرئوية بعد مرور ٣٠ يومًا أو أكثر على بداية الأعراض.
وتُشير دراسات أخرى قديمة كانت أجريت على الفيروسين المماثلين السابقين أنّ الأضرار الرئوية المُزمنة تتسبّب كما ذكرنا بحصول خلل في عمليات تبادُل ونقل الغازات عبر الحويصلات الرئوية، وهذا ما أظهره فحص إمتصاص أو إنتقال أول أوكسيد الكربون عبر هذه الحويصلات الذي يؤشر إلى وجود تليّف في جدار هذه الحويصلات وهذا ما يمنع عمليات إنتقال الغازات المذكورة.
ج – الإختلاطات القلبية:
ذكرنا في مقالاتٍ سابقة أن الفيروس يدخل خلايا الجسم عبر إلتصاقه بلاقطات موجودة في جدار خلايا الأنف والحنجرة والبلعوم والشعب الهوائية والحويصلات الرئوية. هذه اللاقطات موجودة أيضًا في خلايا القلب وفي خلايا البطانة الداخلية التي تُغطّي جدار الأوعية الدموية في مختلف أنحاء الجسم Endothelial Cells وفي غلاف الخلايا العضلية الملساء الموجودة في جدار هذه الشرايين. وجود هذه اللاقطات هو تحديدًا مصدر الأضرار القلبية الخطيرة التي يتسبّب بها هذا الفيروس لأنه يدخل إلى الخلايا من خلال هذه اللاقطات الكثيفة التواجد في هذه المناطق ومن هنا يبأ في عمليّة التسبّب بالأضرار التي نعرفها. وقد صدرت تقارير عِدّة أكّدت إمكانية حصول ذبحات قلبية حادة أو إلتهابات خطيرة جدًا في عضلة القلب Myocarditis، مع إمكانية حصول إضّطرابات خطيرة في ضربات القلب أو حالات قصور حادّ في عمل القلب مع إمكانية حصول إحتقان رئوي أو حالة صدمة قلبية، جلطات في الأوردة مع إمكانية حصول جلطات رئوية خطيرة جدًا حدثت وتحدث خاصة عند الشباب او عند الكبار أيضًا.
وكلّ هذه الإصابات واردة في المراحل الحادّة التي تظهر في الأيام الأولى من الإصابة بإلتهابات فيروس كورونا كما ذكرنا في مقالاتٍ سابقة. ولذلك وكما قُلنا سابقًا قد تبقى بعض هذه الإصابات صامتة بعد فترة التعافي من المرحلة الحادّة وقد تظهر اعراضها بشكلٍ مُفاجئ في ما بعد مع مرور الوقت وحتى بعد مرور اسابيع واشهر على الشفاء وهو ما يُشكّل عامل الخطورة الأساسي لهذا الفيروس لأن بعض الخبراء يعتقدون حاليًا انّ حالة الإلتهابات الحادّة التي نراها في جدار الشرايين قد تستمرّ مع الوقت وقد تلعب دور “قنابل موقوتة” لا يستطيع أحد التكهن متى وكيف ستخرج اعراضها للعلن وما هي العوامل التي تُحرّكها وتؤدّي إلى إعادة ظهورها وتسبّب إختلاطات قلبية وشريانية خطيرة قد تؤدّي الى الوفاة احيانًا، وهذا ما تُؤكّده العديد من التقارير الصادرة حتى تاريخنا هذا.
ونُشر مُؤخّرًا تقرير أظهر حصول ذلك عند شاب عمره ٣١ سنة تعرّض لهذا العارض الخطير (إلتهابات خطيرة في عضلة القلب)، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من الشفاء الكامل من أعراض كورونا الحادّة. وكما أشرنا سابقًا نحن نعرف أيضًا في المُقابل أن “مُتلازمة الإلتهابات الحادة المُنتشرة” قد تُصيب الأطفال الذين تعرّضوا لفيروس كورونا وهذه المُتلازمة قد تظهر بعد أسابيع من الإصابة. وقد أظهرت دراسة أميركية على ١٨٦ شخصًا تعرّضوا للمُتلازمة المذكورة في ٢٦ ولاية أميركية أن هذه الأخيرة تظهر خلال ٢٥ يوما من بدء ظهور أعراض المرض وأنّ مُعظم هؤلاء المرضى كانوا قد تعرّضوا لأشكال حرجة وخطيرة من الإلتهابات الفيروسية بحيث أن ٢٠ بالمئة منهم إحتاجوا إلى تنفُّس إصطناعي. وأظهرت هذه الدراسة أن ٨ بالمئة منهم حدثت عندهم تنفُّخات أو جيوب في أحد الشرايين التاجيّة للقلب. وقد توفّي ثلاثة منهم وكان متوسط عمر الأطفال في هذه الدراسة بين 3 و8 سنوات. وفي دراسة أميركية أخرى أجريت في ولاية نيويورك تمّ خلالها مُتابعة ٩٩ مريضا أصابتهم هذه المُتلازمة تبين أن ٢٤ بالمئة من المرضى شكوا من أعراض تُشبه الأعراض التي نشاهدها مع فيروس كورونا وأن ٨٠ بالمئة من المرضى الذين ظهرت عندهم هذه المُتلازمة أُدخلوا إلى أقسام العناية الفائقة وإحتاج ١٠ بالمئة منهم إلى التنفُّس الإصطناعي. وظهرت مشاكل في الشرايين التاجية للقلب عند ٩ بالمئة منهم وتوفّي ٢ منهم. وكان مُتوسّط أعمار المرضى في هذه الدراسة بين ٦ و٢٢ سنة. أخيرًا أظهرت دراسة فرنسية على ٢١ مريضًا أن هذه المُتلازمة تظهر في اليوم الـ ٤٥ من بداية ظهور الاعراض وكان مُتوسّط الأعمار في هذه الدراسة ٩-٧ سنوات.
د – الإختلاطات الكبديّة:
لم تظهر حتى تاريخ اليوم دراسات علمية مهمة حول إمكانية حصول إختلاطات جانبيّة في الكبد على المدى المتوسّط والبعيد. لكنّ الدراسات تُشير الى حصول إختلاطات كبديّة عند حوالي ٢٠ بالمئة من المرضى في المرحلة الأولى الحادّة من المرض. وهذا ما يدفع الخبراء إلى الإعتقاد بإمكانية حصول إرتدادات كبديّة بعيدة المدى لهذه الإصابات الحادّة ولو أن التقارير الدقيقة بشأن هذا الموضوع لم تظهر حتى اليوم.
هـ – الجهاز التناسُلي:
تُظهر بعض الدراسات أن كثافة وحركة الحيوانات المنويّة عند الرجال تبقى مُنخفضة كثيرًا حتى بعد مرور ثلاثة أشهر بعد الإصابة بأعراض هذا المرض وهذا ما قد يتسبّب بإختلاطات على المدى البعيد ولو اننا لا نملك حتى اليوم دراسات ومُعطيات كثيرة حول هذا الملفّ.
و – الأعراض الجانبية:
لا بُدّ أولًا من الإشارة إلى أن المرضى الذين أُدخلوا إلى العناية الفائقة وإحتاجوا إلى التنفُّس الإصطناعي يخرجون من المستشفيات مُتعبين جدًا وعندهم حالات ضمور أو إلتهابات في العضل أو في الأعصاب. ويُصابون أحيانًا كثيرة بنوبات من الهذيان والضياع والتوتّر الحادّ.
وأظهرت إحدى الدراسات أن ٧٠ بالمئة من المرضى الذين دخلوا إلى العناية الفائقة عانوا من حالة ضياع وأن ٦٩ بالمئة منهم كانوا في حالة توتّر شديد في ما بعد.
وأظهرت دراسة أخرى أن ٢١ بالمئة من المرضى الذين تمّت مُتابعتهم بعد خروجهم من العناية الفائقة كانت لديهم مشاكل مُتنوّعة وعلى درجات مُختلفة في حالة الوعي والتركيز الذهني. وأنّ مُتابعة البعض منهم خلال فترات الراحة والعُطل في ما بعد أظهرت أنّ العديد منهم كان عندهم مشاكل في إتخاذ القرارات وتنفيذها، ممّا يؤشّر إلى حالة ضياع ذهني وتخبّط في القرارات. وهذا ما يؤشّر إلى بعض الخلل في وظائف الدماغ. وقد أشارت دراسات أميركية أخرى إلى أنّ المرضى الذين تمّ وضعهم على آلات التنفُّس الإصطناعي مع “تنويمهم على بطونهم”، وهي طريقة أُعتُمدت كثيرًا في مُعظم مراكز العلاج في العناية الفائقة، شكوا من إلتهابات عضليّة موضعيّة في مكان ما أو في عدّة أماكن. ممّا يؤشّر ايضًا إلى أن حالة الالتهابات العامّة التي تُصيب الجسم بالإضافة إلى إزدياد قابلية الدمّ على التخثّر والتجلّط وكلاهما مُتلازمان لإلتهابات كورونا يتسبّبان بأعراض خطيرة غير مُتوقّعة.
وأظهرت دراسة إيطالية أخرى أن المرضى الذين تعرّضوا لأشكال خطيرة من كورونا والذين تمّت مُعالجتهم في العناية الفائقة ظهرت عندهم أعراض مُتعدّدة أخرى مثل المشاكل في البلع مع ألم في البلعوم ومشاكل في المشي مع عدم توازن وإختلال ووهن وحالات ضمور عضلي وآلام في الرقبة وفي الكتفين (لأنهم بقيوا لفترات طويلة مُخدّرين في حالة نوم على بطونهم مع تنفُّس إصطناعي)، إلتهابات عضليّة، مشاكل نَفسيّة مُختلفه مثل القلق والتوتّر والاكتئاب ومشاكل في إنتظام النوم وآلام في المفاصل مع محدوديّة في الحركة نتيجة لذلك.
وأشار المُشرفون على هذه الدراسة إلى أن المرضى إحتاجوا إلى علاج فيزيائي Kinesitherapy من أجل إعادة تمرينهم وتقوية عمل الرئتين عندهم بسبب وجود عامل التليُّف الرئوي المُزمن الذي أصاب الرئتين عندهم.
ثمة تنبيه أخير إلى ضرورة مراقبة وظيفة القلب عند المرضى الذين تلقّوا العلاج بواسطة الهيدروكسي كلوروكين مع المُضادّ الحيوي Azithromycin او غيرهما من المُضادّات الفيروسية لأن هذين العقارين (وغيرهما) يُمكن أن يتسبّبا بمشاكل خطيرة في كهرباء القلب عند بعض المرضى وخاصة مرضى القلب او من يشكون من نقص في البوتاسيوم في الجسم لأسباب مُختلفة.