لا تزال اخبار جائحة كورونا والوفيات الكثيرة التي تتسبّب بها واخبار الحالات الجديدة التي تتزايد يومًا بعد يوم تشغل حيزًا كبيرًا في كل وسائل الإعلام خاصة منذ ايام مع وصول عدد الوفيّات من جرّاء هذا الفيروس الى ١،٦٨ مليون حالة هذا اليوم ووصول عدد الإصابات العالمية الى ٧٦،٢ مليون إصابة وإستمرار تقدّم هذه الأرقام عالميًا كل دقيقة. وقد إزدادت المخاوف مع إكتشاف سُلالة جديدة من فيروس كورونا في المملكة المتحدة بدايةً، ثم في هولندا والدانمارك وأستراليا، وإتخاذ العديد من الدول تدابير لمنع السفر الى بريطانيا ومنع إستقبال المسافرين من هناك لفترات مُتفاوتة حسب الدول. وكما ورد في آخر تقارير منظمة الصحة العالمية وفي تقارير طبية أخرى من دول مُتعدّدة، تتميّز هذه السلالة الجديدة من الفيروس بأنها اكثر إنتشارًا ( إنتقال العدوى) من السلالة المعروفة بنسبة قد تصل الى ٧٠%، ولكنها ليست اكثر فتكًا من سابقتها وتبقى مُتجاوبة مع فعالية اللقاح كما يشير الأطباء البريطانييون والألمان حتى الساعة. ولكن سرعة الإنتشار دفعت دول اوروبية عدة لإغلاق حدودها مع بريطانيا وهناك حالة إستنفار طبّي اوروبي وعالمي لمتابعة آخر تطوّرات هذه الظاهرة الخطيرة ومنع تفاقمها.
وكنا قد نشرنا في الجزء الأوّل من هذه المقالات المُخصّصة للحديث عن نظرية المؤامرة التي يُقال ان الملياردير الأميركي “بيل غيتس” يقودها عبر دور مُمكن له في تطوير هذا الفيروس في مُختبرات مدينة “ووهان” الصينية والتي تكلّمت عنه اخبار ومقالات وفيديوهات طالت مؤسساته الخيرية وتحدّثت عن ضلوعه بطريقة او بأخرى في تمويل المُختبر الذي تسرّب منه الفيروس الفتّاك في بادئ الأمر، ومن ثم تفشى بعدها في مناطق مُختلفة في الصين ومنها الى كل دول العالم، وهي تقارير لا تزال تنتشر في كل دول العالم هذه الأيام ايضًا دون توقّف. وذكرنا ايضًا ان الأخبار عن نظرية المؤامرة لا تزال تتناقلها معظم وسائل الإعلام التقليدية وشغلت معظم مواقع التواصل الإجتماعي الحديثة مع إنتشار كل الأقاويل التي تدّعي أيضًا وايضًا ان الرجل يسعى من خلال اللقاحات المُضادّة لهذا الفيروس السيطرة على البشرية جمعاء ومُراقبة كل البشر والتحكّم بأنماط حياتهم وتغيير سلوكهم عن طريق زرع “شريحة إلكترونية صغيرة” تحت جلد المرضى الذين يتلقّون هذه اللقاحات. وقد شرحنا الوقائع التي أقتُطفت او أجتزئت من تصريحات بيل غيتس وتمّ إستعمالها لتبرير الحديث عن نظرية المؤامرة.
في هذا الجزء سنكمل الحديث عن دور وسائل التواصل الإجتماعي في نقل وتبادل هذه الأقاويل وسنستعرض حقيقة الوقائع والأمور ونتعرّف على بعض الحقائق التي تمّ إستعمالها لتشويه صورة الرجل دون ان نعطي الموقف النهائي من كل ذلك بخاصة وانّ الأمور لا تزال تتفاعل في هذا المجال وهناك منشورات ومقالات وفيديوهات تطال “الدور التآمري” المُمكن لهذا الرجل كل يوم دون إمكانية ان نعرف حقيقة ودقّة هكذا منشورات.
الدور الفعّال لوسائل التواصل الإجتماعي:
لا تزال تلعب وسائل التواصل الإجتماعي دورًا كبيرًا في التبادل والإنتشار والنقل السريع لكل هذه الإشاعات والمعلومات. وكذلك بعض المشاهير العالميين بالتسويق لها في فرنسا والولايات المتحدة وغيرها من الدول. واجتمعوا جميعًا تحت شعارات مختلفة منها : “كلا لوضع شريحة الكترونية تحت الجلد للجميع” و”لا لعمليات بيل غيت المشبوهة” و”لا لقمّة الخمسة الكبار” . وشارك الكثير من المشاهير العالميين في الترويج لهذه الشعارات في فرنسا وغيرها من الدول. وفي نهاية شهر تموز ٢٠٢٠ ردّ بيل غيتس على كل تلك الإتهامات عبر محطة CNN قائلًا: ” إنّ المشكلة هي أن هناك مزج او خليط بين آثار الجائحة ووسائل التواصل الإجتماعي وأشخاص يريدون تبسيط الأمور” مضيفًا: ” أنّ مؤسسته الإنسانية دفعت الكثير من الأموال من أجل شراء كميات كبيرة من اللقاحات لإنقاذ حياة آلاف وملايين البشر”. لكنّ كلامه لم يضع خاتمة لكل أخبار المؤامرة والإشاعات التي تدور حول دوره المشبوه في هذا المجال.
فمنذ كانون الثاني حتى نيسان ٢٠٢٠ كان إسم “بيل غيتس” مُرتبط بشكلً قوي مع كلمة “فيروس كورونا” على كل محرّكات البحث عبر الانترنت مثل غوغل وغيرها. حيث أن اسمه تردّد لأكثر من مليون مرة على مُحرّك البحث هذا من قبل كل شعوب العالم المُهتمة كما ذكرنا سابقًا بمعرفة مصدر هذا الفيروس الذي كان سبب جائحة كورونا. وقد قامت “جريدة نيويورك تايم” ومعهد Zijnal Labs المُتخصص بإستطلاع آراء الجمهور بمتابعة أخبار هذه المؤامرات عِبر شاشات التلفزة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي. حيث ظهر انّ هذا الرجل الذي تبلغ ثروته حوالي مئة مليار دولار يلعب الدور الذي لعبه من قبله “جورج سورس”، بحيث أصبح “بيل غيتس” منذ سنوات “كبش الفداء” لعدد كبير من نظريات المؤامرة ضد البشرية والتي قادتها بعض نخب اليمين المُتطرّف. خاصة و أن بيل غيت كان قد توّقع حصول مثل هكذا جائحة من خلال خطاباته السابقة. فذهب البعض أبعد من ذلك وقالوا أنه توصّل إلى إنتاج اللقاح لهذا المرض ليُكمل مشروعه الجهنمي. وهناك لوحة شهيرة إجتاحت وسائل التواصل الإجتماعي تقول بأن: مؤسسة بيل وميلاندا غيت الإنسانية مع كُثر آخرين توقّعوا وفاة حوالي 65 مليون شخص من جرّاء هذه الجائحة خلال توقعات قاموا بها منذ ثلاثة أشهر قبل حصول الجائحة!
وممّا يزيد من خطورة هذه التصاريح أن بيل غيت وهو المؤسس الثاني لشركة مايكروسوفت والتي تركها منذ ٢٠٠٨ رصد أموال طائلة تُقدّر بحوالي ٤٥ مليار دولار من أجل تحسين الوضع الصحّي في كل دول العالم خاصة النامية منها ولأجل مُكافحة حالة الفقر المدقع التي تُصيب بعض بلدان أفريقيا وآسيا. وبخاصة انّ هذه المؤسسة تحديدًا تعمل على تسهيل الوصول إلى اللقاحات و تطويرها بخاصة تلك المُخصّصة للدول النامية منها ممّا عزّز كثيرًا من نظريات المؤامرة. خاصة ايضًا وان مؤسسته تعمل على تطوير تطوير اللقاحات
لتوزيعها في دول العالم الثالث. وعزّز كلً هذه النظريات ايضًا إستثماره بنحو ٢٥٠ مليون دولار من أجل “مكافحة جائحة كورونا” ودعمه الهائل لمنظمة الصحة العالمية ودعمه أيضا لسبعة مصانع وشركات أدوية تسعى لتطوير لقاحات مُمكنة من أجل مرض كورونا. وقد نشرت البروفيسور ماري إيف كارينيون وهي خبيرة في أبحاث علم الإجتماع في جامعة شيربروك في كندا دراسة إستنتجت من خلالها انّ من يتمسك بنظرية المؤامرة بشكلٍ عام هم أشخاص لا يثقون عادة بالسلطات الرسمية في دولهم ويعتبرون ان شخص مثل بيل غيت هو شخص لا بُوثف به وهو مثير للحذر ولا يوحي بالأمان والثقة. ولذلك فإن المواطنين في مختلف دول العالم وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية و أوروبا لا يثقون بنواياه الحسنة لخدمة البشرية.
وبالعودة إلى السؤال الذي طرح على بيل غيت في ١٨ آذار السابق، فهو كان من قِبل أحد روّاد الإنترنت الذي سأله عن التغيّرات الإجتماعية التي يجب على المواطنين أن يتعوّدوا عليها لكي يحافظوا على إستمرارية الإقتصاد وعلى نظريات الإبتعاد الإجتماعي. وحيث كان جوابه هو الذي ذكرناه سابقًا. هذا الجواب تمّ إستعاله على فيسبوك وتويتر من قبل مجموعات مُتعدّدة و أنتشر بعدها بشكلٍ هائل في معظم دول العالم شعار يقول: “أنّ بيل غيت سوف يستعمل شريحة إلكترونية صغيرة يضعها تحت الجلد من أجل مكافحة مرض كورونا”. وهذا الشعار تكرر لأكثر من ١٥ ألف مرّة وأُسُتغلّ هذا الشعار لكتابة عدة مقالات أخرى ولتأليف فيديو شهير على قناة يوتيوب من إحدى الكنائس في مقاطعة فلوريدا والذي شاهده أكثر من مليوني مُشاهد. وقد صرّحت الإعلامية المشهورة لورا أنغراهام على قناة فوكس نيوز في ٧ نيسان ٢٠٢٠: “أنّ متابعة الأميركيين بطريقة إلكترونية بواسطة الشريحة الإلكترونية هو حلم كبير لرواد العولمة منذ سنوات كثيرة وأنّ هذه الأزمة الصحية العالمية هي الطريقة المثلى لوضع هذه الخطط قيد التنفيذ”. وهو ما اعادا تكراره في 13 نيسان “روجيه ستون” أحد المستشارين السابقين لدونالد ترامب خلال مقابلة إذاعية، حيث قال: “أنّ الدور الذي يلعبه بيل غيت في ابتداع ونشر كورونا فيروس هو دور يُثير جدًا الكثير من الشكوك وأن بيل غيت وغيره من رواد العولمة يستعملون الجائحة من أجل أن تصبح اللقاحات إلزامية ومن أجل متابعة الناس عبر الشرائح الإلكترونية”. وقد لحقهم في أوروبا الطبيب البلجيكي المعروف تيري شميتز حيث أن الطبيب البلجيكي وهو أحد المشهور لأنه من كبار الأطباء الذين يعتمدون على الطب بالطبيعة والذي كتب على تويتر : محاضر لكي أن تكون مراقب بواسطة شريحة إلكترونية ؟ وهذا التويت تمّ تداوله أكثر من ١٠٠٠٠ مرة. كل هذه الإتهامات والفرضيات قائمة على قصة دعم بيل غيت ومؤسسته الإنسانية لتصنيع السِجلّ الدفتر اللقاحي الذي يعتمد على تقنية النانو تكنولوجي والذي يطوره معهد ماساتشوستس للعلوم التكنولوجية كما ذكرنا سابقًا بمساعدة سخية من مؤسسة بيل غيت.
واقع الأمور وتشويه الحقائق:
إن مُتابعة كل أخبار الإشاعات والمقالات التي كُتبت حول نظرية المؤامرة التي يقودها بيل غيت تعود في الواقع إلى “أقوال مُجتزئة له قيلت في تصاريح مختلفة و تم تحوير محتواها أو تأويلها لناحية توحي بإمكانية حصول نظريات المؤامرة”. فإمّا الكلام عن السِجلّ اللقاحي فقد نشر موقع PolitiFact أن مؤسسة بيل وميلاندا غيت شرحت أن الشهادة الرقمية التي تكلّموا عنها من أجل اللقاحات ما هي إلا طريقة تُسهّل عمليّة الوصول لإجراء فحوصات للكشف على وجود فيروس كورونا في المنزل عند المرضى الذين لا يخرجون كثيرًا بسبب الظروف المِحيطة بالجائحة. وبحسب شركة IBM فإنّ هذه الشهادة الرقمية ليست سوى “شهادة إلكترونية” تُستعمل لكي يعطى الشخص “تعريف مُعيّن للجهات العامة المُختصَة. وهي بشكل ما تُمثّل المُقابل الرقمي لشهادة قيادة السيارات أو لجواز السفر. وفي حالة كورونا ستُفيد كثيرًا السلطات الصحيّة وكل المعنيين لمعرفة ما إذا كان الشخص كان قد أعلن أن فحوصاته إيجابية لكورونا ام لا. وأنّ ليس في الأمر أيّة مُعطيات تدلّ على أن مؤسسة بيل غيت تسعى لزرع “شريحة الكترونية” تحت الجلد.
في المقابل إن كل ما حُكي عن “دفتر اللقاحات الإلكتروني مُغاير للواقع. فإنّ الشركة التي ذكرناها سابقًا لن تتكلّم أبدًا في العام 2016 عن أية “شريحة الكترونية” بل قالت: “أنه سيتمّ حقن نوع من الحِبر الغير مرئي بالعين المُجرّدة والذي من المُمكن قرائته بواسطة الهواتف الذكية لكي يسمح بمتابعة الأطفال والأشخاص من ناحية اللقاحات وما إذا كانوا قد تلقّوا بعض اللقاحات أو لا في بعض الدول النامية”.
وأضاف مهندسو الشركة أن هذا الحِبر لا يُمكن له أن يُحدّد المكان الجغرافي للأشخاص الذين تم حقنهم به وهو طريقة سهلة التطبيق وقليلة الكلفة لكي تسمح لأجهزة الصحَة وللمُنظّمات وللمؤسسات الإنسانية الدولية في الدول النامية لمعرفة التاريخ اللقاحي للأطفال. وهذا ما من شأنه أن يُخفّف بشكلٍ كبير عدد الوفيات المُبكرة عند هؤلاء الأطفال خاصة أن كميات اللقاحات المُستعملة في تلك الدول تصل لحدّ ١،٥ مليون لقاح في السنة، ممّا يجعل عملية مُتابعة الأجندة اللقاحية عندهم في تلك الدول عملية صعبة ومُعقّدة جدًا. كذلك فإن المنظمة الغير حكومية بيل وميلاندا غيت تحمل الرقم ًاو المصدر المالي ID2020 للتعريف عنها عندما تتبرّع او تقوم بدعم احد مراكز الأبحاث او الشركات. وهذا الرقم تحديديًا مذكور في عدّة نظريات تآمرية تحكي عن نظريات زراعة الشريحة الإلكترونية تحت الجلد. وفي الواقع فإنّ هذا المصدر ( ID2020) وبعد تتبُّعه بشكلٍ دقيق يُناضل
ويُكافح منذ سنوات لكي يُحدّد هوية الأشخاص المُشرّدين والذين لا يحملون أوراق ثبوتية في مختلف أنحاء العالم ومن ضمنها أحد البرامج الأساسية التي تقوم بها مؤسسة بيل غيت الخيرية لتحديد هوية رقمية للأشخاص الذين لا يوجد لهم سكن في مدينة Austin في ولاية تكساس. وكما أوضح موقع Snops وهو موقع مُتخصّص في تحديد دقة وصحة المعلومات فإن أي من المشاريع التي يقوم بها ID2020 لا يتضمّن في أية حالة من الأحوال زرع شرائح الكترونية تحت جلد هؤلاء الأشخاص وإنما قد يتضمّن لاحقًا بعض المعطيات البيومتريكية مثل بصمات الأصابع والعين.
أخيرًا هناك كلام كثير نسب إلى بيل غيت إتُهم فيه بأنّه يسعى من خلال اللقاحات للحدّ من الأعداد البشرية. وهذه نظرية تمّ التداول بها منذ سنوات عديدة وقال بعض من حاول التشويش على مشاريعه أن بيل غيت صرّح في ٢١ كانون الثاني ٢٠١٦ بحسب أحد المواقع التي تبنّت نظريات المؤامرة بأنه صرّح علنًا بأنّ اللقاحات هي أفضل طريقة للحدّ من عدد سُكّان البشرية!. وهذا الموقع حرّف في الحقيقة كلام نُسب لبيل غيت في تصاريح سابقة لشبكة CNN في العام ٢٠١١ يقول فيها: “إننا عندما نُطوّر اللقاحات نسعى لإنقاذ حياة الأطفال الصغار الذين يحتاجون لهذه اللقاحات وسوف نخفف بذلك بشكلٍ كبير الوفيات عند هؤلاء الأطفال وسوف نُبطّئ النمو البشري… وكل هذا …وسوف نُحقّق الإستقرار وسلامة البيئة سوف تستفيد من كل ذلك…إنتهى تصريحه. وفي الواقع فقد إجتزأ كثيرون كلام لبيل غيت أدلى به في العام ٢٠١٠ وهو يقول فيه:” أن تعداد سكان البشرية الحالي هو ٦،٨ مليار نسمة وسوف يصل إلى ٩ مليار نسمة في السنوات القادمة… وإذا ما قُمنا بعمل جيد من خلال اللقاحات وتفعيل دور التأمين الصحّي وسياسات تخفيف عدد الولادات في مُختلف البلاد، فإننا من المُمكن أن نخفض تعداد البشرية ١٠ إلى ١٥%. ويتّضح من خلال استعمال هذه التصاريح أن اصحاب نظرية المؤامرة يحوّرون كلام بيل غيت لأن تخفيض النمو البشري على الكرة الأرضية من اجل تخفيف حالات الفقر والمجاعة في بعض الدول لا يعني بالضرورة قتل السُكّان أو تخفيف هذا النمو بطريقة “غير صحيحة”. وقد أعلن بيل وميلاندا غيت في عدّة تصريحات منها تصاريح نسبت له في العام ٢٠١١ أن الوصول إلى تباطؤ في النموّ البشري هو أحد الأهداف الرئيسية لمؤسستهم الخيرية لأن ذلك سيؤدي إلى تحسين الصحة عند الأشخاص الذين يعيشون على هذه الكرة الأرضية وهذا ما سيعطي الحظ في الحياة والخروج من المجاعة في الدول التي تعاني من الفقر الكبير ومن انتشار المجاعة. وقد شرح بيل غيت في عدّة مرات تلك النظرية التي يعارضه فيها الكثير من الخبراء بأنه يريد الوصول إلى التباطؤ في نمو الأعداد البشرية عن طريق اللقاحات وليس عن طريق اعتماد وسائل منع الإنجاب لأنه يعتبر هو والمسؤولين في مؤسساته الخيرية أنه بتخفيض عدد الوفيات عند الأطفال سوف يترك مجال للأطفال الآخرين الأصحّاء كي يبقوا على قيد الحياة. وأن هدفه الأساسي في معظم برامجه ومشاريع الإنسانية هو تخفيض عدد الأطفال الذين يتوفّون نتيجة أمراض مُتعددة منها الكثير من الأمراض الجرثومية المختلفة. لكن هذه النظرية يعارضها الكثير من الخبراء المُتخصصين في دراسة امور التعداد السكاني والصحة العالمية.
وهناك حادثة مهمة جدًا يستعملها من تبنّوا نظرية المؤامرة وما حصل في الهند في العام ٢٠٠٩ عندما قامت مؤسسات بيل غيت الخيرية بدعم مشروع للقاحات ضدّ أحد الفيروسات التي تتسبّب بسرطان في عنق الرحم. وقد إنتشرت يومها عدّة تقارير مُتّهمة بيل غيت بأنه استعمل هذا اللقاح ليتسبّب بوفاة العديد من الفتيات الهنديّات من عمر ١٠ إلى ١٤ سنة. لكنّ هذا البرنامج توقّف بسرعة في العام ٢٠١٠. وقد قامت السلطات الهنديّة بدراسة مُعمّقة للملفَ وتبيّن أنّ تلك الإتهامات لم تكن صحيحة
وأنّ عدد كبير من الوفيّات التي حصلت كانت لأسباب أخرى ليست لها أية علاقة باللقاح الذي كانت مؤسسات بيل غيت الخيرية تدعم المركز الذي كان يقوم بهذا البرنامج. وقد نُشرت عدّة تقارير ومقالات كاذبة تقول بأنّ السلطات الهندية طردت بيل غيت والمؤسسة الخيرية الأخرى التي كانتا تقومان بتلك الدراسة. لكن هذه المعلومات مُنافية كليًا للحقيقة وتُستمر ّ مؤسسات بيل غيت الخيرية بالعمل في الهند بشكلٍ طبيعي ولا يوجد أية مشاكل على هذا الصعيد.
أخيرا ماذا قال المُتّهم بيل غيت عن نفسه عندما سُئل منذ فترة قصيرة على إحدى قنوات التلفزيون الصينية الشهيرة عن كل هذه المواضيع فقد قال حرفيًا: أنني استغرب كيف يحوّرون الحقائق وكيف يقلبون الأمور ويتّهمون من يقوم بأقصى جهده من أجل تحضير العالم لحياة أفضل ويستثمر في ذلك مليارات الدولارات للوقاية من الأمراض الجرثومية ولمنع حصول جائحات مُماثلة ويثقون بتلصيق الأكاذيب من حوله؟ واضاف: نحن فعلًا نعيش في وضع جنوني بسبب هذه الجائحة وسوف يكون هناك العديد من الإشاعات الجنونية!.