كيف ترى إسرائيل مستقبلها في ظل الزلازل المرتقبة و الأكثر خطورة على الإطلاق!
تسبب الزلزال الذي وقع في البحر المتوسط في منتصف شهر مايو الماضي والذي بلغت قوته 4.4 في نشر حالة من الذعر في جميع أرجاء إسرائيل، وقد ثبت علميا أن تلك المنطقة قد تكون على موعد مع زلزال مدمر كل 100 عام تقريبا، فقد خلف الزلزال الذي وقع في منطقة البحر الميت عام 1927 نحو 300 قتيل في عدد من المدن كالقدس وأريحا ورملة وطبريا ونابلس، وعليه فقد أشارت جميع الإحصائيات إلى أن اسرائيل قد تشهد قريبا زلزالا شديد الخطورة.
وأفاد التقرير الذي أعده مراقب الدولة في إسرائيل عام 2018 والذي تم نشره بعنوان “الاستعداد الوطني للزلازل ..المباني والبنى التحتية” بأن دولة إسرائيل سوف تشهد نوعا عنيفا من الزلازل خلال السنوات القادمة، حيث يجب أن تستعد الدولة آنذاك للتعامل مع نحو 7000 قتيل و8600 مصاب بجروح خطيرة و37000 مصابا بجروح طفيفة و9500 شخص عالق تحت الأنقاض إلى جانب 17.000 شخص بلا مأوى.
تستند هذه التقديرات إلى حقيقة أن معظم المباني السكنية في إسرائيل لم يتم تشييدها على الطراز المقاوم للزلازل، وقد بدأت الدولة في إقرار معايير البناء الجديدة عام 1975 والتي لم تدخل حيز التنفيذ إلا في عام 1980 ، وبحسب ما ذكره أحد الخبراء بالجامعة العبرية فإن جميع المباني التي تم تشييدها قبل عام 1980 تواجه الآن خطرا حقيقيا في حالة وقوع زلزال، وبالتالي فإن إسرائيل تعتبر بعيدة كل البعد عن الاستعداد لمواجهة كارثة من هذا النوع.
وقد أفادت الدراسة التي أعدها مجموعة من الباحثين عن درجة استعداد الحكومة الإسرائيلية للتعامل مع الزلازل، بأن عملية الاستعداد لمواجهة الزلازل تتكون من بعض المراحل، حيث تأتي المرحلة الأولى قبل الحدث، وتتمثل في إصلاح المباني الموجودة، ومرحلة أثناء الحدث والتي تتضمن عمليات الإنقاذ والبحث عن المفقودين، وأخيرا مرحلة ما بعد الحدث والتي تتضمن عمليات إعادة التأهيل والإعمار ، ويعتقد الباحثون أن دولة إسرائيل عاجزة حتى الآن عن إصلاح المباني القديمة وجعلها أكثر جاهزية في حال وقوع زلزال مدمر، إلا أنه على المستوى الطبي، فإن الدولة تتمتع بمستوى لا بأس به في مجال الرعاية الصحية، ولكن الكارثة الحقيقة سوف تكون ما بعد الحدث، حيث لا يمكن تصور أن تتمكن الدولة من توفير مأوى لنحو 170.000 شخص فقدوا منازلهم، وبالتالي فإن البنية التحتية غير المجهزة والاستعدادات الحكومية الضعيفة قد تفرض على الدولة مواجهة أزمة واسعة النطاق.
وقد أكد الباحثين على وجود نقطتين محورتين يشكلان الخطر الأكبر في المنطقة وهما البحر المتوسط والشق السوري الإفريقي أو الأخدود الأفريقي العظيم وهو نوع من الصدع الجيولوجي يمتد من إيلات وصولا إلى كريات شمونة، وتكمن الخطورة هنا في احتمال تعرض الدولة لزلزال بقوة 5.4 إلى جانب كون تلك المنطقة الواقعة في نطاق الصدع مأهولة من قبل السكان الذين يقطنون المساكن القديمة.
ومن ناحية أخرى فقد ظهرت سيناريوهات مخالفة لما أجمعت عليه التقارير والدراسات في إسرائيل، حيث تساءل موشيه عنبر خبير الكوارث الطبيعية بجامعة حيفا قائلا :” من أين أتوا بهذه الأرقام والتقديرات الضخمة، لماذا ذكروا 70.000 من الضحايا على وجه التحديد! من قال أن هذا العدد سيكون إجمالي عدد الضحايا في حال وقوع أحد الزلازل! إذا ما نظرنا إلى ولاية كاليفورنيا الأمريكية، سنلحظ وقوع نحو 10 زلازل بقوة أكثر من 7 ريختر على مدى السنوات القليلة الماضية، ورغم ذلك كان إجمالي عدد الضحايا لا يتجاوز الـ 100 شخص، وهذا طبعا يعد رقما ضئيلا بالنظر إلى حجم ولاية كاليفورنيا الذي يفوق حجم إسرائيل بأضعاف كثيرة، لذا فأنا اعتقد أن السيناريوهات التي وصفت أعداد المنازل التي سوف تدميرها بواسطة الزلزال مبالغ فيها على نحو كبير”.
ويرى عنبر أن تضخيم الأمور ومنحها صورة أكبر من حجمها هو السمة الأساسية التي قد يسبغ بها بعض الباحثين أعمالهم من أجل جذب انتباه الجميع نحو توقعاتهم، وبالتالي فإن الصورة القاتمة التي يحاولون الحديث عنها في المستقبل قد لا تكون صحيحة بالضرورة، بل قد يتعين على الحكومات أحيانا محاسبة الأشخاص الذين يعمدون إلى التهويل ونشر حالة من الفزع بين الناس من أجل تحقيق مكاسب شخصية.
ومن المتفق عليه أن البرنامج الذي قامت وزارة الدفاع الإسرائيلية بتنفيذه بالتعاون مه قيادة الدفاع المدني والذي يتضمن تشكيل فرق متخصصة في مجال الإنقاذ وتطبيق التدريب العملي على مجموعة كبيرة من الأشخاص كي تتمكن الدولة من التعامل مع الأزمة في حال وقوع الزلازل، هو من أفضل البرامج والخطط التي تم طرحها على مستوى العالم في هذا الشأن، ولعل ذلك يعكس مدى أهمية التخطيط طويل الأمد في دولة إسرائيل وبخاصة في مجال إدراة الأزمات وذلك بالمقارنة بالدول الأخرى، حيث يؤمن الجميع بأنه في حال وقوع الكوارث يجب أن يتعلم كل فرد كيفية إنقاذ نفسه، فالمواطنون لن ينتظروا حتى قدوم الجيش من أجل نجدتهم.
رابط المقال: اضغط هنا