أعلنت صحيفة الغارديان البريطانية أن أفضل شيء قدمته اتفاقية قمة غلاسكو للمناخ المعروفة اختصارا بـ”كوب 26″ هو أنها أتاحت فرصة لتخفيضات أكثر صرامة للانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري العام المقبل.
وذكرت الصحيفة -في افتتاحيتها– أن الناس إذا كانوا سينظرون لهذه القمة باعتبارها نجاحا في غضون السنوات القليلة المقبلة فسيكون ذلك بسبب أن الاتفاقية المنبثقة عنها خلقت الآلية التي بموجبها يجب على الدول إعادة النظر سنويا في تعهداتها بخفض الانبعاثات، كما أن الظروف السياسية تغيرت بما يكفي لضمان تكريس الوعود الحالية.
أما إذا تم تسجيل القمة في التاريخ على أنها لحظة فشل -تضيف الصحيفة- فسيكون ذلك بسبب استمرار ارتفاع الانبعاثات وتبني الدول والمنظمات الأكثر ثراء في العالم الخيار الذي وصفته ميا موتلي رئيسة وزراء بربادوس -في الخطاب الافتتاحي للقمة- بأنه “طريق الجشع والأنانية”.
ويتمثل هذا الطريق في اختيار عدم حماية الناس والأماكن الأكثر فقرا في العالم من الأضرار المناخية الكارثية، بما في ذلك ارتفاع مستوى مياه سطح البحر الذي بدأ بالفعل يبتلع الدول الجزرية الصغيرة، والكوارث الناجمة عن الظروف المناخية القاسية، وارتفاع درجات الحرارة الذي سيجعل مساحات شاسعة من الكوكب غير صالحة للعيش.
وأشارت الغارديان إلى أن مشاركة كل من الهند والصين بنشاط في مسار مفاوضات القمة جنبا إلى جنب مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كانت بالفعل أمرا يثلج الصدر رغم غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ.
كما يشكل الالتزام الجديد بالعمل المشترك مناخيا بين واشنطن وبكين والاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن غاز الميثان خطوات ملموسة في الطريق الصحيح رغم أن إصرار الهند في اللحظات الأخيرة على تغيير الإشارة إلى “التخلص التدريجي” من الفحم إلى “التخفيض التدريجي” لاستخدامه كان أمرا مخيبا للآمال.
ويبلغ نصيب الفرد من الانبعاثات في الهند حوالي عُشر مثيله في الولايات المتحدة وثلثه في المملكة المتحدة، ويتناسب هذا “الظلم البيئي” إلى حد كبير مع النموذج الحالي للتوزيع غير المتكافئ للثروة في العالم، حيث تعاني البلدان الأقل استفادة من النمو المدعوم بالوقود الأحفوري من أسوأ العواقب.
كما أن الإخفاقات المروعة للحكومات الغربية في ما يتعلق بالصناعات الملوثة -تضيف الصحيفة- لا تبرر بأي حال من الأحوال السياسات المؤيدة لاستخدام الفحم التي تنتهجها دول مثل الهند والصين وغيرها، خاصة أن العلماء يجمعون على أنه لا مناص من التخلص من مصدر الطاقة هذا الذي يشكل أحد أقذر أنواع الوقود على الإطلاق، كما أن الانخفاض السريع لأسعار مصادر الطاقة المتجددة يشير إلى أن التكلفة ليست عذرا مقنعا.
وترى الغارديان وجوب تقليص الانبعاثات الغازية بنحو 45% خلال العقد الحالي للحفاظ على فرصة الحد من مستوى درجات الحرارة تحت 1.5 درجة مئوية، ووفقا للالتزامات الحالية فإن العالم يسير صوب معدل 2.4 درجة مئوية، لكن قمة العام المقبل في مصر “كوب 27” ستشكل فرصة إضافية للحكومات لتدارك الموقف.
وإذا كنا نأمل أن يتم أخذ الأمر بالجدية الكافية -تختتم الغارديان- فإن الضغط على البنوك المركزية والمؤسسات المالية الخاصة -التي كان ينبغي منذ فترة طويلة أن تدرك مسؤوليتها في إغلاق صناعات الوقود الأحفوري المدمرة للبيئة بدلا من دعمها- يجب أن يتزايد أكثر فأكثر، ولا حاجة للتذكير هنا بأنه ليس هناك وقت لنضيعه، وهي حقيقة فهمها بوضوح رئيس قمة “كوب 26” ألوك شارما الذي كان انزعاجه واضحا للعيان حينما أبدى للمندوبين في ختام القمة أسفه على القيود التي أضيفت إلى ميثاق غلاسكو النهائي.
مصدر المقال : اضغط هنا