زيارة جديدة لمقال النفط والغاز في لبنان : متى وبأي ثمن؟
بعد انفجار بيروت 4 آب 2020 كما أنسحاب منصة الحفر من بلوك 4 التابعة لشركة توتال الفرنسية. لا نستطيع اضافة كلمة عما كتبناه في سنة 2018 واعاد نشره موقع strategicfile. في 2019 مع الشكر على القيمين عن الموقع. للاسف ما بقي من 2020 و 2021 لن يكون الحال أفضل مع الموعد ل نفاذ الطعام والمائدة وانتظارالفتات من المائدة. طائر الفينيق لم يمت ولن يموت. فادي انطون
السؤال الذي طرح بعد انتهاء الحرب، ويطرح في أي وقت:
هل ان النفط والغاز هو الحل في لبنان، او هو سبب مشكلة تدهور الاوضاع الاقتصادية، وعدم التناغم بين السلطات، وتدخل الدول الاقليمية والدولية في شؤونه؟
هل الحل بيد الشعب (ثورة، انتخابات) او المؤسسات الاقتصادية (بنوك، مستثمرون، شركات كبرى،…) او الاحزاب والسياسيين، او بكل بساطة غير جميع ما ذكر سابقاً؟
ان الجواب مرتبط بتشعبات عديدة، اذ لا يمكننا بطبيعة الحال فصل لبنان عما يجري من مد وجزر بين جميع الدول المنتجة او المستهلكة للنفط. وحكمة سليمان كانت مصدر ونقطة قوته، والحكمة او المعرفة هي في عالمنا الحاضر في يد بعض المؤسسات العالمية التي تستطيع تحديد نقاط القوة والضعف في نظام وتوجيهه بما يخدم مصالح دولها.
واذا راجعنا الاحداث منذ العام 2014 من دون تحليل:
روسيا تتحكم من خلال Gazprom بنسبة 60 الى 70% من كمية الغاز المستهلكة في اوروبا وان بعض انابيبها تمر عبر اوكرانيا. وقبل ثلاثة ايام من انتهاء الالعاب الاولمبية الشتوية في Sochi للعام المذكور بدأت الازمة بين روسيا واوكرانيا والغرب، حيث تجلت كالآتي:
شركتا توتال (TOTAL) الفرنسية ونوفاتيك (NOVATEK) الروسية والشركات الصينية، تحدّوا العقوبات (الأميركية والأوروبية على روسيا بسبب أزمة اوكرانيا…) وبنوا سوياً تحالفاً واكملوا أكبر مشروع غاز في سيبيريا، وهو ما نشهد تأثيره في لبنان (من خلال التحالف بين الشركات الروسية والفرنسية لاستثمار بلوك 4 و 9). ورغم وفاة مدير شركة توتال في حادث سيارة في روسيا بتاريخ 20 تشرين الاول 2014، استمرت الشراكة بينهم في مشروع مماثل في هذه الدولة.
تركيا من جهتها، بدأت باستخراج النفط والغاز بعد صيام مئة عام، وهي مدة أحدى المعاهدات السرية التي اجبرت على القبول بها بعد خسارة الدولة العثمانية الحرب امام الانكليز في نهايه الحرب العالمية الاولى
ان تقارب قطر (صاحبة اكبر حقل غاز) وايران وتركيا ليس بالصدفة، خاصة بعد معرفة الدور الكبير للاميرة مزة التي نفي والدها الى تركيا.
ان اسرائيل (الكيان الصهيوني) واليونان وقبرص اتفقوا في سنة 2018 مع مصر والاردن على بناء مشروع مشترك (انبوب بحري يربط الشرق الاوسط بأوروبا مع كابل بحري)، وجميع الدول الذين يريدون الاشتراك مستقبلاً في هذا المشروع عليهم دفع عمولة على الإنتاج أو النقل.
جميع مشاريع النفط في البحر الاسود (في اوكرانيا ورومانيا والقرم) معلقة رغم اتمام الدراسات المرتبطة بها، وذلك لعدم الاتفاق بشأنها بين الدول الكبرى.
سوف نستثني في هذا المجال الضغط الذي يمارسه الرئيس الحالي للولايات المتحدة الاميركية على المملكة العربية السعودية لابقاء اسعار النفط بحدود دنيا، وتأثير سياسة اوبيك (OPEC) على التجارة العالمية، كما سوف نستثني احداث سوريا وتأثيرها على الوضع النفطي.
بالعودة الى لبنان، فإن هذا البلد لم يكن بمعزل عن محيطه وعما يجري على الساحة الدولية، ولم يحكم يوماً من خلال شعبه او مسؤوليه، ومياهه الاقليمية مقفلة (georgaphiclly) بسبب الترابط بين مياهه الاقليمية وتلك العائدة لكل من قبرص وفلسطين المحتلة.
فالشركات الاجنبية وبعد حفر آبار الاستكشاف الخمسة في لبنان (في بلوكي 4 و9)، قد تصل الى الاستنتاج بأن الكمية في لبنان ليست تجارية الا اذا اشترك مع جيرانه في الانبوب المشترك، وهو الامر الذي سيجعل وضعه الاقتصادي حينها ميؤوس منه.
ولكن لبنان لن “يموت” لانهم يريدونه “حياً”.
والحل الوحيد سيكون بقبوله ما سوف يملى عليه، خاصة وان الشركات المملوكة من عدد من النافذين اللبنانيين جاهزة منذ الآن للعمل “وقبض العمولة” من الشركات الاجنبية للتجاوب مع هذا الحل . وبالتالي، فإننا نسجل هنا تناقضاً واضحاً، حيث ان سياسيينا يعاهدون على استخراج النفط لحل جميع مشاكل لبنان المالية بابمقابل هناك من يريد “السلم” في الشرق الاوسط قبل استخراج النفط.
ويبقى السؤال: أي وقت وأي ثمن؟
فنحن كشعب وخبراء وتقنيين سوف نحصل على نصيبنا كما حصلت السامرية على الفتات الذي تقع عن مائدة الاسياد، ذلك أن الثروات في هذا العالم معدة من أسياد هذا العالم والباقي يعيش على الفتات.