بعد تجاوز أزمة الطاقة… مستقبل الصناعة في موريتانيا إلى أين؟؟ | كتب سيد إبراهيم الداه
للاشتراك بالنشرة البريدية اضغط هنا
يطرح الكثير من المتابعين عديد الأسئلة عن مستقبل الصناعة في موريتانيا في ظل استعداد البلاد لتجاوز أزمة الطاقة مع تدشين الرئيس محمد ولد الغزواني مشروع الجهد العالي في نواكشوط 29 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لتدخل بذلك موريتانيا في مرحلة جديدة مع توجهها لتحقيق كفاءة في مجال الطاقة بحكم تخطيطها لبلوغ 50 % من استخدام الطاقة المتجددة في أفق 2030 واعتماد بلادنا على الطاقة النظيفة التي يمكن أن تؤسس لصناعة محلية خضراء.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو كيف يمكن أن تنتقل موريتانيا من دولة مستوردة إلى دولة مصنعة بعد توفر الطاقة؟ وكيف يمكن لكبريات الشركات في المعادن والصيد أن تنتقل إلى الصناعات التحويلية لزيادة القيمة المضافة، وتوفير فرص عمل أكبر وامتصاص البطالة بشكل أكثر في بلد تحطم فيه البطالة أرقاما قياسية.
غير أن عقلية رجال الأعمال التجارية لم يعرف كيف ستتغير إلى عقلية استثمارية والتوجه نحو الصناعة بعد وجود فرص غير مسبوقة ينتقل فيها العالم من العولمة إلى الأقلمة ، وتستفيد فيها البلاد من آفاق دخول منطقة التجارة الحرة الأفريقية والتوجه نحو اتفاقية حرة عالمية، وهو ما سيحل مشكل التسويق وتجعله عالميا بدل سوق موريتاني كان البعض يتعلل بكونه سوقًا غير منافس بحكم عدد سكان البلاد (4 مليون نسمة).
فرصة قطعا تغري كل المستثمرين سواء الأجانب أو المحليين من أجل الإقبال على الاستثمار الصناعي في ظل مطالب بتحسين مناخ الأعمال وتعزيز البنى التحتية وتنشيط الدبلوماسية الاقتصادية من أجل أن تواكب التعريف بفرض الاستثمار في البلد ومجمل التحفيزات سواء على مستوى الإعفاء الضريبي او تعدد المجالات من الصيد إلى السياحة والزراعة والخدمات وهي كلها مجالات واعدة وذات أرباح ان وجدت الاستثمار.
ويطرح بعض الاقتصاديين فكرة الانتقال من مجال الصيد إلى الصناعة بغية توفير المزيد من فرص العمل لكن حضور الدولة يبقى ضروريا بغية منح تحفيزات لرجال الأعمال من خفض نسب القروض لدى المصارف حيث أنهم كثيرا منهم يعتبر نسب الفوائد مرتفعة 16% ويرى أنه من الضروري خفضها إلى 7 % إضافة إلى فرض مستوى حضور الدولة للحيلولة دون فشل التجربة وتكرار سيناريو ما حدث في التسعينيات.
وليس الصيد وحده بل ان تصدير خامات الحديد منذ 61 سنة بات الآن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هل سنستمر في الطريقة ذاتها أم حانت لحظة الانتقال إلى التصنيع مع اقترابنا من إنتاج الغاز الطبيعي وهو ما سيفتح مجالات أوسع لموريتانيا.
ويطرح الباحث المتخصص الدكتور يربان الخرشي ثلاث خيارات أمام الشركة الوطنية للصناعة والمناجم إزاء تراجع أسعار خامات الحديد أولها الموارد مقابل البنية التحتية حيث يرى أن هذا الخيار يتمثل في السعي إلى شراكة حقيقية مع الصين طويلة الأجل وبشروط يصفها بـ “الموريتانية” ، منبها أنه لا يخفى أن زيادة حصة البلد في السوق الصيني بل حتى ومضاعفاتها هو مطلب صيني قبل أن يكون هدفا لموريتانيا وهذه الشراكة يجب أن تضمن حصة في السوق الصيني وبأسعار مربحة مهما كانت ظروف السوق الدولي كما يجب أن تؤمن الدعم المادي والتقني لتطوير اسنيم والرفع من إنتاجها بل أكثر من ذلك يجب أن يكون بوابة لنمط جديد عنوانه الموارد مقابل البنية التحتية على سبيل المثال إكمال سكة الحديد من مركز شوم إلى دولة مالي أو طريق معبد يربطها ب النيجر ومالي تمهيدا للطريق أمام قطب الشمال للعب دور اقتصادي أكبر بالوصول إلى العمق الساحلي ليكون نواذيبو عاصمة اقتصادية ليس فقط لموريتانيا بل لمنطقة الساحل كلها وهو ماسيحولها إلى منطقة جذب عالمية ومصدر تموين اقتصادي.
وحسب الباحث فإن الخيار الثاني هو التخطيط للتحول إلى صناعة مكورات خام الحديد في أفق 2027 من أجل تغذية السوق العربي ثم صناعة حديد البناء من أجل تغذية السوق الإفريقي وقد نستفيد أيضا من سياسة الصين المتمثلة في تركيز إنتاجها من الصلب في شركات محدودة وهو ما يعني كنس مئات الشركات وعشرات آلاف العمال المدربين وقد يكون مفتاح هذا الخيار الاستفادة من التعاون العربي العربي الصيني لجلب التكنولوجيا وإدخال الرأس المال اللازمين لتطوير وتوطين صناعة الصلب والحديد.
ووفق الباحث فإن الخيار الثالث هو الأسواق الناشئة بدل السوق الصيني ويتمثل هذا الخيار في التركيز على هذه الأسواق مثل مصر وتركيا ودول آسيا بدل السوق الصيني وفي هذه الحالة يجب على اسنيم وضع خطة محكمة تمكنها من التغلب على التحديات الماثلة من تحفيز للعمال للعمل بكفاءة وفعالية وتحقيق تكلفة استخراج منافسة وإنتاج خامات عالية التركيز والجودة وكذا تكلفة نقل عبر البخار منافسة وسياسة إعلامية منفتحة وبلغات الزبناء وخاصة الجدد ورقمنة معاملات الشركة إلى غير ذلك من التحديات.