في السابع من تشرين الأول من العام 2023 سجّلت حماس والقوى الفلسطينيّة المساندة لها إنتصار تاريخيّ سيُدرّس في المعاهد العسكريّة في مختلف أنحاء العالم. وعلى الأثر ووفقًا لخيبة الأمل التي أصابت الجيش الذي لا يُقهر ومَن ورائه من الاستعمار العالميّ، صرّح نتنياهو رئيس وزراء العدو الصهيونيّ بأنّه سيعمل على:
1- سحق المقاومة الفلسطينيّة وعلى رأسها حماس في أقرب وقت.
2- تهجير أهالي غزة إلى سيناء والسيطرة التامة على أراضي الغزاويّين لصالح المستعمرات والمستوطنات الفلسطينيّة، باعتباره ذلك فرصة للقضاء على كلّ الفلسطينيّين وتحقيق حلم اسرائيل بإقامة دولة يهوديّة على أرض فلسطين ليس للفلسطينيّن فيها أي وجود، والدليل التهجم على الضفة الغربيّة تحت ذرائع شتى لتهجيرهم أيضًا إلى الأردن.
3- تحرير الأسرى بالقوة من حماس والمتعاونين معها من الفصائل الأخرى.
إذًا ماذا أنجز الجيش الذي لا يُقهر من هذه المعركة بعد أربعة أشهر؟
بالطبع، لا شيء سوى أنّ جبروت هذا الجيش الإسرائيليّ الذي لا يُقهر انكسر بعد أن انكسرت شوكته وأصبح يحصد الخيبة والقتلى رغم مساعدة أميركا والغرب له بالطائرات وكل الأدوات العسكريّة الحديثة. فالجيش الذي لا يُقهر فقد توازنه وأصبح على قناعة تامة أنّه خسر المعركة، لذا أخذ يُدمّر بالطائرات الأميركيّة المنازل السكنيّة والأبنية والمستشفيات والناس الأبرياء دون وعي تحت شعار تهجيرهم إلى رفح وإبعادهم إلى مصر وقتل وجرح الآلاف من الفلسطينيّين والصحافيّين والأطباء وعامة الشعب، فانقلب السحر على الساحر وانطلقت المظاهرات الكبيرة حتى من شعوب حلفائه في أميركا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، وحكمت محكمة العدل الدوليّة عليه ببنود تجعل القارئ يستشفّ منها أنّ هناك إبادة وهولوكوست للشعب الفلسطينيّ.
لم يستطع نتنياهو رغم حشده للألوية الكبيرة للجيش الذي لا يُقهر بدبابات وتكنولوجيا جديدة من تحرير ولو أسير واحد. فهو الآن مصاب بخيبة أمل ويحاول الإستنجاد بأميركا والاستعمار العالميّ لكي لا يوقف إطلاق النار وهو يُحاكم داخل إسرائيل بتهم الفساد، ويزايد يوميًّا بأنّه لا يُريد أن يوقف إطلاق النار حتى تحرير الأسرى والقضاء على حماس، وهذا الشعار الذي يُطلقه يعرف هو تمامًا أنّه لن يتحقق “وقد تجري الرياح بما لا تشتهي السَفَن”. فشعب الجبارين والغزاويّين سيظلّ يُقاتل حتى لو جعل العدو من غزة فيتنام أخرى، ولن يستسلم رغم تدمير كل بيوته ومستشفياته وتجويعه.
ينتقل نتنياهو من خيبة أمل لأخرى وهو يُدرك تمامًا خسارته، لكنه يُحاول لعله يرى بصيص أمل والشعب الإسرائيليّ يتظاهر في الداخل وهو يُعدهم كالمثل العاميّ: “عالوعد يا كمون”. كما تُحاول أميركا المساعدة بالضغط على مصر وبالحقيقة لن تقبل لا مصر ولا الأردن بتهجير الشعب الغزاويّ وتُطالب بالبقاء بأرضه، وعلى نتنياهو أن يعترف بالواقع، وفي النهاية سيعترف وسينتصر الغزاويون وستعود فلسطين لأهلها وشعبها رغم كل المآسي. فأميركا قدّمت لإسرائيل ما يفوق الخمسماية طائرة حربيّة وصواريخ ذكيّة وإسرائيل لم تستطِع الصمود وهي تنهار يومًا بعد يوم، ومن دون المساعدات اللوجستيّة والمخابرات الأميركيّة لكانت إسرائيل انهارت منذ الأيام الأولى للحرب لا بل وزالت عن الوجود وعاد أكثريّة اليهود إلى المكان الذي أتوا منه. كما قُدّمت الغواصات لإسرائيل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وأتت حاملة الطائرات فورد، ومدمّرات الدول الاستعماريّة الغربيّة كلّها ولم تستطع إسرائيل الصمود أكثر من ذلك. وهناك مساعدة كبيرة من أميركا لاسرائيل باستعمال حق الفيتو في مجلس الأمن بانتصار تحقّقه اسرائيل ولو انتصارًا زهيدًا لحفظ ماء الوجه لكن دون جدوى.
لقد أظهرت وقائع القتال على الأرض صمود حماس واحتفاظها بالأسرى ليوم التبادل وتبيّيض سجون العدو الصهيونيّ من الأسرى الفلسطينيّين المسجونين بدون حق ومظلومين، وإنّما للظالم نهاية.
كما أثبتت هذه الوقائع صمود المقاومة الفلسطينيّة وعلى رأسها حماس، وهذا الصمود أذهل العالم وأربك أميركا واسرائيل وأظهر عجز كل منهما على حسم الموقف. فالأسباب التي ذُكرت آنفا كفيلة بقلب المعادلات على الأرض وإحداث تأثير كبير على الروح المعنويّة للصهيونيّين وجيشهم، وهكذا ستفرض حماس وكافة المقاومة وخصائلها الفلسطينيّة شروطها ويتم تحقيق دولة فلسطين واستعادة القدس الشريف ويعود الحق لأصحابه وأهله وشعبه.